Manal Zaffour من حكايا سوريا والسوريين…..
حكاية بيليتي
الشاعرة السورية
اللي اتأثرت بأول صرخة حب بالتاريخ قالتها عشتار…
روح بيليتي من الضريح بتناجيكن يا سوريين …
بتقول الحكاية : انو أول ظهور لكلمة حبيبي ( آرممو ..حابوبو) كانت باسطورة عشتاروعقيدة الخصب السورية..لما نزلت عشتار عالجحيم بسبب زواجها من حبيبها تموز..وكان هالشي مخالف لقوانين مجمع اﻵلهة ولحتى تفك أسرها من العالم اﻷسفل عرفت انو ﻻزم تضحي بحبيبها وتتركوا عند آلهة الموت أريشكيجاﻻ ..فترة من الزمن (طبعا عشتار بتقتل حبيبها تموز وبترجعوا للحياة كل سنة حتى تعلم البشر معنى الخصب والتجدد والعودة للحياة وهاد جزء من الرسالة الزراعية اﻷولى )..وهون صرخت عشتار:” وا آيلي..آرممو..حابوبو ..(يا الهي يا حبيبي).مارح تعرف السعادة طريقها لقلبي بغيابك ” (هﻷ عشتار ما بتحكي متلي ..بس أنا عم اشرحلكلن شو قالت)…
وصار قدر عالسوريات انو يقلدو آلهتن عشتار اﻷم السورية الكبرى اللي وهبتن كل قدراتها حتى يتشبهوا فيها… وكاهنات المعبد (كاهنات عشتار /اﻹينيتيوم/ بحكيلكن حكايتن بعدين ) .صاروا ينتحبوا ويغنوا أغاني الحب والعشق والفراق والبعاد وفرح اللقاء…تقليدا لعشتار..وخاصة بأعياد الربيع وعيد رأس السنة السورية واحتفاﻻت الزواج المقدس …
عافكرة كاهنات عشتار كانت الهن مكانة اجتماعية عظيمة(مو متل الفكرة الغلط المعروفة عنهم) وكانوا مثقفات ( صافو اللسبوسية صاحبة الصالون اﻷدبي) وحكيمات ( حيثوقريتا) وفيلسوفات (هيباتا من منبج) وكاتبات( شيبيتو من ماري) وقاضيات (تيودورا اﻷنطاكية ) وأديبات (أوركيش الشاعرة الكوزانية من القامشلي) (أنخيدوانا اﻵكادية أقدم شاعرة) وفنانات (أورنينا أقدم مغنية وعازفة موسيقية)
وكتييرات غيرهن .. من بين هالكاهنات الشاعرة الجميلة بيليتيس (بيليتي) الفينيقية السورية اللي رح احكيلكن
حكايتها :
بيليتي الشاعرة اللي عاشت من 2600سنة (القرن اللسادس ق.م)… من ضريحها بتناجيكن وبعتتلكن معي رسالة فيها قصيديتين : بتقول باﻷولى انو بيليتي شاعرة اﻹغريق اﻷولى مو اغريقية (متل ما بيدعوا) هي فينيقية سورية …والتانية عم تدعي ل ﻹله البحر الطيب وبناتو العذراوات الرحيمات انو يرجعلنا اخوتنا السوريين ويحميهن ويبعد عنهن عواصف الشر…. رح افتحلكن الرسالة :
ونقرأ سوا :
القصيدة اﻷولى بعنوان “التاريخ اﻷول”..
في الوطن الذي تتفجر فيه الينابيع من البحر
وتكون صفائح الصخر مجرى اﻷنهار
في هذا الوطن
أنا بيليتي
رأت عيناي النور
كانت أمي فينيقية و أبي هيلينيا
لقنتني أمي أغاني جبيل الكئيبة
كالسحر اﻷول
عبدت عشتار في قبرص
غنيت حبي كما هو …بلى
قضيت عمري سعيدة
فيا ابن السبيل
قص ذلك على ابنتك
ﻻ تضحي ﻷجلي بعنزتك السوداء
ولكن اعتصر ثدييها وخله
يدفق هادئا فوق قبري…
…أنا بيليتي ابنة موخيليوس
وها أنذا أستريح
هنا بعيدا عن وطني….. كما ترى
عندما كنت طفلة
سمعت بحب أدونيس و عشتار
وبأسرار سوريا المقدسة….
وبأسرار سوريا المقدسة…
وبالموت والحياة اﻷخرى
اذا كنت غانية فما الخطأ في ذلك ؟
أليست هي وظيفتي اﻷولى كإمرأة ؟
أيها العابر الغريب..
إن أمنا الطبيعة
هي التي تقود تصرفاتنا
وتجاهلها ليس أمرا محمودا
وكعرفان بالجميل نحوك
أنت يامن وقفت أمام قبري
أتمنى لك أمنية واحدة :
أن تكون محبوبا ﻻ أن تحب أنت
وداعا وتذكر في شيخوختك
أنك زرت قبري….

القصيدة التانية عم تتضرع لﻵلهة كيبريس (زبد موج البحر…متل ما بتسميها هي) وﻹله البحر العجوز وبناته العذارى الجميﻻت الرحيمات انو يرجعولها أخوها اللي هج بالبحر..
بتقول :
أعدن إلي أخي معافى
كل ما يتوق إليه قلبه
حققنه له
رافقيه أنتي يا كيبريس إلى الوطن
أبعدي عنه العواصف الشريرة
احمه على طريق العودة…

وبيليتي الشاعرة السورية الجميلة..كان ضريحها هو مصدر المعلومات الوحيد عن حياتها وشعرها..(اكتشف قبرها العالم اﻷلماني م.ج.هايم) في بور سعيد..والتقليد الفينيقي بهديك الفترة بطريقة الدفن على أعماق جيدة باﻷرض ساهم بجماية القبر من السرقة والنبش والتخريب.. وكانت بيليتي ممددة بتابوت نحته نحات ماهر وعلى سطحه نحت وجه بيليتي ..وبيقولوا انو لما فتحو القبر كانت ايديها ممدودة وماسكة بالقلم وكأنها لسه عايشة مستغرقة بالكتابة (هالمشهد بيذكرني بالحكمة السومرية :” الكاتب الذي تتحرك يده بالسرعة التي يملى فيها عليه الفم هو كاتب جدير بهذا اﻹسم ” فكيف اذا كانت آخر لحظة بحياتها هي التقاط شعرة من غرة كايروس وحبستها بضريحها 2600 سنة وأجبرتو يرجع لذكراها) .. وكانت زجاجات العطرموجودة وقال ..م.ج هالم.. انو وحدة من الزجاجات كانت لسه عم تفوح بريحة العطر… وأهم الموجودات كانت منحوتة صغيرة للربة عشتار السورية ممدودة جنب بيليتي بالقبر و حوله منقوشة التواريخ اللي بتدل عليها مع مجموعة كبيرة من قصائدها اللي سمتهن أغاني…
طبعا قام الشاعرالفرنسي بيير لويس بعام 1894 بنشر أشعار بيليتي الشاعرة السورية في كتاب بعنوان :”أغاني بيليتس” مؤلف من 143 قصيدة من اﻷشعار الجميلة الروحانية الحسية (بعضها: الشجرة..مناجاة أم..العابر..اليقظة..اﻷزاهير..قلق..الخاتم الرمزي..الحكايات..إلى نهديها..الصديقة المﻻطفة..مباراة الكعاب..الرسالة الضائعة..قبر غانية..الحبيب اﻷخير) …باﻹضافة ل تلات قصائد رثائية منقوشة عالضريح…فكانت هالقصائد اللي اجت من زمن عتيق مهمة والها قيمة أدبية وثقافية وجدت محفوظة دون نقص او تشويه وكانت مكتوبة على نمط أشعار صافو …. وترجم كتاب” أشعار بيليتي” الشاعر المبدع أدونيس نشره بنفس العنوان…واتميزت بيليتي بالتفرد الخاص ﻷشعارها والتميز الخاص لحياتها ببلدها وطبيعته الجبلية وسيرتها وتفاصيل الحياة الرعوية بالقرن السادس ق.م اللي وصفتها بدقة بأشعارها فكانت كلماتها موسيقى بتتميز بحساسية انسانية عالية وأغاني بتعبر عن ألمها وفرحها وعشقها وأهم شي انو هالقصائد عابرة لﻷزمنة وكانت بيليتي من الكاهنات المحترمات في معبد ربات الجمال ( أفروديت) وكانت تقوم بمهمات عديدة الى جانب دورها التعليمي والثقافي وخدمة المعبد وتنظيم أموره وطقوس العبادة ..كانت مهمتها تعليم وتثقيف الفتيات اللي كان مفروض عليهن حتى يحصلوا على حق الزواج..انو يخدمو بالمعبد بيتعلموا أثناء إقامتهن كل أنواع العلوم واﻵداب اﻹجتماعية والفنون والموسيقا والعزف والغناء والرقص
وبيليتي كانت عازفة قيثارة ماهرة…آه صحي كان عندها أهم شي بحياتها بنوتة ضغيرة اسمها كلايس هي اللي عرفتها على أحاسيس جديدة خلتها تأبدع (اﻷمومة)…..ومن بين آﻻف حكايا السوريات الرائعات.. هيدي بيليتي الشاعرة الفينيقية السوريةالجميلة اللي حملتني رسالة الكن يا سوريين
بتمنى كون وصلتا بأمانة ..
من حكايات سوريا والسوريين..عشتوا وعاشت سوريا و السوريات…
وتحيا سوريا المقدسة…

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏2‏ شخصان‏

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.