2 أكتوبر 2023
النسبة الذهبية .. كيف استطاع عالم الفلك يوهان كيبلر حل أصعب مشكلة في الحياة: الزواج؟

“أنا أفكر فقط بأفكار الله من بعده”ربما قد تشعر بالاستغراب عندما تعرف أنها مقولة لواحد من أعظم علماء الرياضيات والفلك، كيف لطفل مريض فقير لم ينجح حتى بأن يكون ساقٍ في حانة جده أن يكون عبقريًا ويغير وجه العالم، يوهان كيبلر ذلك الطفل المريض الذي بعثه أهله كي يعمل قسيسًا ويدرس اللاهوت بعد وفاة والده في الحرب، برع في الفلك فكان يرصد النجوم في الليالي الصافية بأجهزته البصرية البدائية ثم ينكب على أوراقه المكدسة بالأرقام حتى وصل به الأمر ليكون عالم فلك في البلاط الملكي.
برع كذلك في الرياضيات فقال عنه نيوتن “ما قمت به من اكتشافات كان على أكتاف الكثير من العمالقة، وكيبلر واحد من هؤلاء العمالقة “ربما كان يوهان كيبلر، الذي امتدت حياته من أواخر القرن السادس عشر إلى أوائل القرن السابع عشر، الأكثر شهرة كعالم لاكتشافه أن الكواكب تتحرك في مسارات بيضاوية حول الشمس، ومع ذلك فإن تفكيره في من سيتزوج بعد وفاة زوجته الأولى من شأنه أن يثير مجالًا كاملًا من الرياضيات، ربما قد تعد طريقته غريبة وبعيدة عن المشاعر إلا أنها طرق العلماء في الحياة، التي لا تزال نشطة حتى يومنا هذا فقد أدرك كيبلر أن الانتظار لفترة طويلة جدًا، والاختيار مبكرًا للغاية يؤديان إلى نتائج سلبية.


ماهو اختبار كيبلر لاختيار شريك العمر

قرر كيبلر إجراء مقابلة مع ١١امرأة وكما يصف أليكس بيلوس ذلك في كتابه The Grapes of Mat، فقد وضع كيبلر دفتر يدون فيه ملاحظاته بعد مقابلة كل امرأة والتودد لها، إنه أمر مستهجن وغير رومانسي للكثير من الناس لكن هذه طريقة العلم.
وللأسف، المرشحة الأولى كانت ذات رائحة نفس كريهة، والثانية كانت متطلبة للغاية ومتكلفة وكل ماتملكه باهظ الثمن، أما الثالثة فكانت مخطوبة لرجل، بالإضافة إلى أن ذلك الرجل أنجب طفلًا من عاهرة.
كانت المرأة الرابعة لطيفة المظهر ، ذات “قامة طويلة وبنية رياضية”، لكن كيبلر أراد أن يفحص التالية (الخامسة)، التي قال عنها “متواضعة، ومقتصدة، ومجتهدة و[قالت] إنها تحب أبناء زوجها”، لذلك تردد، ولقد تردد لفترة طويلة، لدرجة أن كلا من رقم 4 ورقم 5 نفد صبرهما وأخرجا نفسيهما من السباق، وتركاه مع رقم 6 التي كانت سيدة من خلفية ثرية وكان يخشى تكاليف حفل زفاف فخم.
السابعة كانت مغرية جدًا فلقد أحبها، لكنه لم يكمل قائمته بعد، لذا أبقاها تنتظر، ولم تكن من النوع السهل، لقد رفضته، أما الثامنة لم يهتم بها كثيرًا، على الرغم من أنه كان يعتقد أن والدتها “كانت شخصًا جديرًا بالتقدير”، والتاسعة مريضة وضعيفة البنية، والعاشرة كانت لاتمتلك أدنى مقومات الجمال “حتى للرجل ذي الأذواق البسيطة”، والأخيرة والحادية عشر كانت صغيرةً في السن كثيرًا.
بعد أن مر بجميع مرشحاته، قرر أنه ربما فعل هذا بطريقة خاطئة لذلك قرر أن يتبع قلبه.
كيف اختار زوجته؟


لقد استخدم قانونه دون أن يقصد ذلك، إنه يعمل في أي وقت ومكان ويمكنك الاستفادة منه في كثير من قضايا حياتك، وليس فقط من أجل اختيار الشريك، يجب أولًا أن يكون لديك قائمة، عليك أن تبدأ بموقف يكون لديك فيه عدد محدد من الخيارات (على سبيل المثال، إذا كنت تعيش في بلدة صغيرة ولا يوجد عدد غير محدود من الرجال حتى الآن، وعدد غير محدود من المرائب للذهاب إليها)، لذلك تُعد قائمة -قائمتك النهائية- وتُجري مقابلة مع كل مرشح واحدًا تلو الآخر، مرة أخرى ما أنا على وشك وصفه لا يؤدي دائمًا إلى نتيجة سعيدة، ولكنه يفعل ذلك غالبًا وأفضل مما يحدث عندما تختار عشوائيًا.
لنوضح كيف ذلك “تخيل أنك تجري مقابلة مع 20 شخصًا لتختار سكرتيرك [أو زوجتك أو ميكانيكي المرآب الخاص بك] مع القاعدة التي تنص على أنه يجب عليك أن تقرر في نهاية كل مقابلة ما إذا كنت ستمنح الوظيفة لمقدم الطلب أم لا.
“إذا عرضت الوظيفة على شخص ما فستنتهي اللعبة، لا يمكنك الاستمرار ومقابلة الآخرين، يكتب أليكس:”إذا لم تختر أي شخص بحلول الوقت الذي ترى فيه المرشح الأخير، فيجب عليك أن تعرض الوظيفة عليها”.
لذلك تذكر في نهاية كل مقابلة، إما أن تقدم عرضًا أو تمضي قدمًا أي عليك أن تتخذ قراراً، إذا لم تقدم عرضًا، فلا توجد عودة لأنه بمجرد تقديم عرض، تتوقف اللعبة.
والقانون ينص على أن أفضل طريقة للمضي قدمًا هي إجراء مقابلة (أو مواعدة) أول 36.8% من المرشحين ارفضهم، ولا تُعين (أو الزواج) بأي منهم، ولكن بمجرد أن تقابل مرشحًا أفضل من أفضل المجموعة الأولى، فهذا هو الشخص الذي تختاره!
قد يظهر المرشح الأفضل جدًا في نسبة الـ 36.8% الأولى، وفي هذه الحالة ستبقى عالقًا مع ثاني أفضل مرشح وهذا يعود لك.


لماذا 36.8%؟

تتضمن الإجابة عددًا يسميه علماء الرياضيات “e”، والذي اُختزل إلى كسر 1/e = 0.368 أو 36.8%.
ماذا كان سيحدث لو استخدم يوهان كيبلر هذه الصيغة؟


حسنًا، كان سيجري مقابلات لكنه لم يقدم أي عروض لأول 36.8% من عينته، ​​وهو ما يعني أنه في مجموعة مكونة من 11 سيدة سيتخطى المرشحين الأربعة الأوائل، لكن في اللحظة التي التقى فيها بشخص ما (بدءًا بالسيدة رقم 5) كان يحبها أكثر من أي شخص في المجموعة الأولى، كان يجب أن يقول :”هل تقبلين الزواج بي؟”
من تزوج كيبلر؟
قد تستغرب عندما تعلم أنه في الحياة الواقعية، وبعد فترة من التفكير، أعاد يوهان كيبلر التودد إلى المرأة الخامسة فعلا ثم تزوجها.
بالطريقة التي يتخيلها أليكس، لو كان كيبلر على علم بهذه الصيغة (والتي تعد اليوم مثالًا لما يسميه علماء الرياضيات التوقف الأمثل)، لكان قد تخطى الدفعة الأخيرة من السيدات- المريضة، وغير الرشيقة، والصغيرة جدًا- وكان كيبلر سينقذ نفسه من ستة مواعيد سيئة، ويوفر الوقت والجهد، وبدلاً من ذلك، اتبع قلبه فحسب (وهو بالطبع خيار آخر مقبول، حتى بالنسبة لعلماء الرياضيات العظماء)، بالمناسبة تبين أن زواجه من رقم 5 كان سعيدًا وناجحاً للغاية.
من الجميل أن يتفق القلب مع العقل، فقد كان قلبه دقيقًا لدرجة أنه اختار المرشحة التي تحقق نسبته الذهبية 36.8% دون أن يدري، على كل حال احتفظ في ذاكرتك بهذه النسبة لأنها ستساعدك بلا شك في أمور غير اختيار شريك العمر وستوفر عليك الوقت والجهد والتفكير.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.