قلعة مصياف

Mohammed Khaled Hammoudeh
Hisham Zaweet‎‏

إلى الغرب من محافظة حماة، تقع قلعة مصياف المنسوبة للمدينة ذاتها.
وهي الآن عبارة عن أطلال قلعة أثرية، ويميل الاعتقاد إلى أن بناءها الأول كان في العصر الروماني، ثم استولى عليها البيزنطيون فيما بعد. وعتقد أنها كانت حصناً عربياً أقيم على طراز عمارة القلاع البيزنطية.
تمتاز القلعة بتنوّع أسلوبها المعماري حسب اختلاف العصور التي مرّت عليها، ففيها أقسام بيزنطية، وأخرى عربية تعود لزمن المماليك. دخلت في حكم بني مرداس أواخر القرن الحادي عشر للميلاد، ثم اقتطعت لبني منقذ عام 1127م، واستولى عليها المغول عام 1260م، وحُررت منهم بعد هزيمتهم في معركة عين جالوت. حررها الملك الظاهر بيبرس من أيدي الفرنجة عام 1270م.
رُمّمت في العصرين الأيوبي والمملوكي. وهي من أروع معالم مصياف اليوم.

‏‎



يعود أول تاريخ لبناء تحصين عسكري في الموقع إلى الفترة الرومانية و بالتحديد عام 44 ق .م و هي الفترة التي شهدت اهتماما بالغا من قبل الرومان لبناء تحصينات و مواقع عسكرية لتسيطر و تحرس الطرق الرئيسية للبلاد .و كان اشهرها ما توضع على سلاسل الجبال الغربية كما ذكر المؤرخ (فينر )و أهمها قلعة عكار – الخوابي _القدموس _المينقة _صلاح الدين (صهيون )_و قلعة مصياف و يذكر فينر أن البيزنطيين وجدوا قلعة مصياف قائمة من العهد الروماني الأسبق عندما ركزوا جهودهم في بلاد الشام معتمدين على مراكز عسكرية كالقلاع و الحصون .
حيث إن الموقع الاستراتيجي الهام للقلعة أعطاها نفس الأهمية لدى البيزنطــيين لتاميــن الطريــق بيــن إنطاكيــة
و المناطق الجنوبية حيث يمر هذا الطريق من قلعة برزية ( ميرزا ) فأبو قبيس ثم مصياف .
والطريق الواصل من حماة مروراً ببرج جرجرة فمصياف فالقدموس ثم الساحل السوري أما في بداية العهد الإسلامي فلم يعتني الفاتحون المسلمون بالقلاع والحصون بسبب تجاوزهم لها فلم يولوها عنايتهم ولم تشكل أهمية خاصة لهم وخاصة في العهد الراشدي والأموي أما في العهد العباسي في القرن الثاني للهجرة حيث بدأت الانقسامات وتشكل الدويلات المستقلة فقد سعى كل أمير إلى توطيد إمارته فالتفتوا إلى الحصون والقلاع كما أورد الأستاذ ميشيل لباد عن قلعة مصياف قوله ( كانت قلعة مصياف بعد الفتح الإسلامي تابعة لمدينة حمص أثناء الحكم الأموي – ثم أصبحت تابعة للطولونيين في مصر ثم ظهرت أهميتها في عهد الإخشيديين والحمدانيين إذا احتدمت المنافسات من القوى الحاكمة في بلاد الشام ومصر مما أعاد لقلعة مصياف أهميتها الاستراتيجية ).

قلعة مصياف –

امتلكها الحمدانييون سنة 967 م في عهد الأمير سيف الدولة – وسيطر عليها البيزنطيون الجدد عام 969 م تحت قيادة ( عقفور فوكاس ) ثم آلت إلى الفاطميين في عهد المعز لدين الله وسيطر عليها بنو مرداس حتى عام 1029 م بعدما أنشؤوا دولتهم في حلب ثم استعادها الفاطميون وتبعت بعدها لبني المنقذ أمراء شيزر سنة 1081 م
وآلت إلى الإمارة الاسماعلية في سلسلة الجبال الغربية الذين امتلكوها عام 1140 م – 1141 م الذين امتلكوا قلاع الكهف – القدموس – الخوابي والمينقة وجعلوا من مصياف مقر الحكم لإمارتهم .
استولى عليها المغول سنة 1258 م أثناء اجتياحهم سورية لبعض الوقت – واسترجعها الإسماعيليون بعد انتصار المماليك بقيادة قطز في معركة عين جالوت عام 1260 م ثم استلمها الظاهر بيبرس عام 1270 م .
وقد طرأت على القلعة عدة تغيرات خلال العهد المملوكي وبعد الاحتلال العثماني شغلتها حامية عثمانية بداً من النصف الثاني في القرن السادس عشر الميلادي حيث أصبحت مركز نيابة . وأقامت فيها حامية فرنسية خلال فترة الانتداب الفرنسي من عام 1920 م حتى 1947 م .

– الوصف المعماري :

قلعة مصياف – مخطط القلعة قلعة مصياف قلعة مصياف – مخطط القلعة

اختار البناة الأوائل مكان القلعة الاستراتيجية المتميزة على شبكة الطريق الواصلة بين الشمال والجنوب والداخل والساحل .فاختاروا هضبة صخرية تشكل القاعدة وهي قاعدة بيضوية ثم تم تشذيب أطرافها لتصبح أكثر حدة وتساير الأسوار الخارجية للقلعة وقد بنيت الأقبية ومستودع الماء الرئيسي في سوية القاعدة الصخرية عن طريق حفر هذه القاعدة الصخرية واستخدامها كقواعد للأقبية السفلية والتي تشكل الطابق الأول في القلعة ويعود بناء هذه الأقبية إلى الفترة الأولى من تاريخ بناء القلعة وقد استعملت الأقواس الدائرية في حمل القبو والتي تستند إلى الأكتاف الصخرية من الداخل وعلى جدار السور من الخارج .

مدخل القلعة :
للقلعة مدخل من الجهة الجنوبية الشرقية وهي الجهة الأضعف في القاعدة الصخرية من حيث إمكانية الوصول ويبدو أنه مبني على مراحل أما وضعه الحالي فيأخذ شكلاً منكسراً حيث يصعد إليه بدرج كان يتقدم ببرج متقدم لزيادة القدرة الدفاعية ثم يدخل إلى بهو ينكس عبر باب يفضي إلى ممر يصل إلى الطابق الأول من القلعة ودرج يقود إلى الداخل ، وقد زود الباب ببرج مؤلف من ثلاث طبقات وشرفة طلاقات في أعلى الباب لحمايته .
أما الطابق الثاني في القلعة فيشمل عدداً من الأقبية المبنية فوق سطح الطابق الأول والجزء السفلي من الأبراج الداخلية والمؤلفة بأغلبها من الطابقين الثاني والثالث .

الأبراج الخارجية :
إن أبراج القلعة غير متشابهة فبعضها له شكل مربع يرتفع إلى ثلاث طبقات وبعضها مضلع ومرامي السهام في القلعة ذات صفات ومقاسات متعددة حيث يظهر جلياً أعمال التدعيم والتقوية التي طرأت على هذه التحصينات ومن الجهة الشمالية هناك برجان مربعان نحت القاعدة الصخرية تحتهما بينما يناسب مع تصميمها وهما يحميان باب صغير يؤدي إلى القلعة والأسوار الخارجية والأبراج مزودة بشرفات لرمي السهام في أكثر من مكان .

قلعة مصياف قلعة مصياف – مخطط القلعة قلعة مصياف

القــسم الداخلــــي :
بني هذا القسم اعتماداً على مخطط القلعة البيزنطية التي يعود تاريخها إلى نهاية القرن العاشر الميلادي حيث تم تحويره وتقوية جدرانها فارتفعت الأبراج الداخلية .
ويحوي هذا الجزء الطابق الرابع من القلعة والأول من هذا الجزء وهو بني على أعلى جزء من الكتلة الصخرية حيث توجد أبراج تطل على الممرات الداخلية للقلعة ويحوي عدداً من الغرف والمستودعات وقد تم تغيير مواصفاته . فزود بمدخل يناسب الفترة الأيوبية بشكل منكسر يفضي إلى ما يفيد أن يكون الطابق الأول من قصر القائد وقد أرخت كتابة الباب هذه الإضافة في عام 1228 م .
أما الجزء الشمالي الغربي من القليعة البيزنطية والذي يتألف من ثلاثة أبراج مربعة فقد تداخلت مع السور الخارجي للقلعة وشكلت نواة لأبراج مضلعة ثلاث ذات الصبغة المعمارية المملوكية .
أما ما بقي من الطابق الخامس فهو أجزاء من الجدران العالية .


من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.