مدارس التصوير الضوئي

رافق انتشار فن التصوير الضوئي واستخدام
السلبيات وتحسين أساليب طبع الصور وتكبيرها ظهور اتجاهات متعددة في تجويد العمل
الفني، وانقسم المصورون الضوئيون إلى محترفين وهواة، وتنوعت تجاربهم ودراساتهم. وظهرت
إلى الوجود عدة مدارس فنية تسعى كل واحدة منها إلى إثبات توجهها في عالم التصوير.
ومن هذه المدارس:

ـ المدرسة الطبيعية:

تزعمها المصور الإنكليزي بيتر إمرسون (1856-1936) P.Emerson الذي رفض الربط بين التصوير الزيتي
والضوئي على نحو ما كان شائعاً، وفضل أسلوب التصوير المباشر لموضوعات الطبيعة
وإبراز النواحي الجمالية فيها بالتناسق بين الظل والنور. وبرزت إلى جانب ذلك فكرة
جديدة تدعو إلى العفوية و«اللقطة السريعة» في توثيق المناظر ومظاهر
الحياة فيها، الأمر الذي ألهم المصورين الفنانين ملاحظة الطبيعة بطريقة جديدة، ويعد
المصور الفرنسي بول مارتان من رواد مصوري اللقطة السريعة في أواخر القرن التاسع
عشر.
ظهر في
نهاية القرن التاسع عشر اتجاه فني دولي يدعو إلى رفع مستوى التصوير الضوئي وتصنيفه
في جملة الفنون الجميلة. وكان المنادون بهذا الاتجاه يطمحون إلى تسوية بين كمال
البصريات وعمليات تظهير الصور وطبعها بحيث يترك للمصور حرية معالجة الصورة
والتعامل معها لتكون نظيراً للوحات التي ينتجها الفنانون التشكيليون بتقنيات أخرى.
وتنادى بعض المصورين الضوئيين إلى التكاتف والاتحاد في جمعيات تدافع عن مبادئهم.
وكان من أوائل هذه الجمعيات «نادي باريس» الذي تأسس عام 1883، ونادي
الكاميرا (1885) ونادي كاميرا فيينة (1891) وغدت المعارض المتبادلة أساس نشاط هذه
الجمعيات. وفي عام 1902 أسّس ألفرد شتيغلتز A.Stieglit جماعة «انفصاليو الصورة» في نيويورك وانضم إليها عدد من
المصورين الشباب الموهوبين، وأصدروا «مجلة الكاميرا
وأقاموا
ثلاث صالات لعرض صور المجموعة إلى جانب صور الجمعيات الانفصالية الأخرى.

ـ المذهب التقني وثوريات التصوير: ترك الاضطراب
السياسي والفكري الذي خلفته الحرب العالمية الأولى بصماته على التصوير الضوئي الذي
تحول إلى أداة تحريض ودخل في تجارب تجريدية (سوريالية) على أيدي المهنيين
والثوريين، وسخر لشتى الأغراض السياسية والطوباوية. فقد استخدم المصور الروسي
ألكسندر رودشنكو الكاميرا أداة للدعاية للثورة، واستعمل المصور الألماني ليزل
موهولي-ناغي Lفن اللصق والتجريد والتلاعب بدرجات الضوء والتباين في خدمة
الموضوعات التي صورها، واستغل المصورون الإيطاليون التصوير الضوئي لإبراز حماس
الناشطين السياسيين والمسلحين. وكان للمصور الأمريكي مان راي أثره المهم في
تطوير الحركة الفنية، فكانت صوره الأولى دادائية المذهب لغموضها وبعدها عن
العقلانية، ولكنه غدا بعد زيارته باريس زميلاً لحركة التجريديين. وأضفى على صوره
نوعاً من الغموض وسماها «الأشعة المرسومة» rayogram أو«التشميس» solarisation.

ـ الصفائيون عارض مصورون كثيرون
أعمال راي ورودشنكو، وتمسكوا بدور آلة التصوير الأساسي الذي يقتصر على تسجيل
الحقيقة كما هي بصفائها ووضوحها، ونأوا بأنفسهم عن الخضوع لأي تأثيرات أخرى، أو
اللجوء إلى الخدع والصنعة والتدخل في تفاصيل الصورة بأي شكل من الأشكال، وأطلقوا
على أنفسهم اسم «الصفائيون»، وفيهم الأمريكي إدو

الذي بدأ على مذهب
الانفصاليين الإبداعية ليتحول إلى أسلوب الصفائيين عام 1920. فاستبدل بعدسات
كاميرته القليلة التباين عدسات شديدة الوضوح قادرة على إبراز درجة من الصفاء لم
تألفها عين الإنسان. وفي عام 1932 صار وستون عضواً مؤسساً في جماعة «فتحة العدسة
مع آنسل آدامز A.Adams و ويلارد فان دايك W.van Dyke، واختاروا الاسم استناداً إلى فتحة العدسة الصغيرة جداً التي تمنح
حقل الرؤية عمقاً كبيراً.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.