دبس البندورة… نكهة الصناعة اليدوية

فريد موسى

القامشلي

يعتبر دبس البندورة من المواد الغذائية التي لا غنى عنها في قائمة المونة الشتوية لدى النساء الجزراويات؛ لكونها تضاف إلى مأكولات عديدة أهمها “المحاشي” بأنواعها و”المعكرونة” و”مرقة” الفاصولياء والبطاطا والباميا، تصنع هذه المادة إما في المعامل عن طريق الآلات أو يدوياً.

تكبير الصورة

الطريقة اليدوية هي المفضلة أكثر وتعطي النكهةً المطلوبة بحسب قول السيدة “زينب العلي”: «لقد اعتدنا على صناعة دبس البندورة يدوياً منذ عشرات السنين؛ لأنها تتميز بمذاقها الطيب خلافاً للدبس المُعلّب الذي يباع في المحال التجارية، إذ إن نسبة المياه المضافة إليها تكون قليلة في الصناعة اليدوية ونسبة الملوحة أيضاً تكون أكثر من المُعلّب؛ عدا خلوها من مواد حافظة وملونات؛ يمكن القول بأن الدبس المصنوع يدوياً هو الصافي مئة بالمئة».

لصناعة دبس البندورة أجواؤها المرحة وهي فرصة للتعبير عن روح التعاون بين الجارات؛ وعن تلك الأجواء الحميمية تقول السيدة “علي”: «تجتمع نساء الحي في منزل إحدى الجارات ممن تريد صناعة دبس البندورة؛ ويقمن جميعاً بالعمل وهنّ يتجاذبن أطراف الحديث وبعد الانتهاء يكون الموعد في اليوم التالي في منزلٍ آخر».

وتضيف: «معظم الكلام الذي يدور في تلك المناسبة يكون إما عن آخر موديلات الملابس أو عن حفلة زفاف إحداهن أو ربما عن التباهي

تكبير الصورة
تصفية دبس الطماطم من الشوائب والقشور

بالمعاملة الجيدة التي تتلقاها إحداهن من زوجها، ولا يخلو الكلام من النكت والمواقف الطريفة».

بدورها السيدة “نوال إبراهيم” تحدثت عن تلك الأجواء لكن في زمنٍ مضى عليه عشرات الأعوام قائلةً: «كانت تلك المناسبات فرصةً لنساء الحي لاختيار زوجاتٍ لأبنائهن؛ لذلك كانت الفتيات يأتين لمكان التجمع وهن مُزينات كي يقع الاختيار عليهن؛ وبعضهن كن يحاولن لفت الأنظار إليهن من خلال نشاطهن في العمل، ولا ينتهي العمل إلا وقد عثرت إحدى نساء الحي على الزوجة المناسبة لابنها».

أما عن كيفية صناعة دبس البندورة يدوياً فهي كما تقول السيدة “وداد خليل”: «بعد شراء كمية من البندورة قد تصل أحياناً إلى /500/ كغ نقوم بغسلها جيداً ومن ثم تقطيعها إلى قطع متوسطة ووضعها في أوان معدنية أو بلاستيكية مع إضافة قليل من الملح إليها ومن ثم تركها عدة ساعات لنقوم بعصْرها بشكلٍ جيد وذلك بمساعدة بعض النسوة، تأتي بعدها مرحلة التصفية من الشوائب والقشور وذلك

تكبير الصورة
الحصول على ماء أحمر مصفّى

من خلال مصفاة مخصّصة لهذا الغرض من أجل الحصول على سائلٍ لزج مصفى أحمر اللون لا يحتوي على أية بذور أو قشور».

وتضيف: «بعد أن نحصل على ماءٍ أحمر مصفى بنسبة 100% نعرّضه لحرارة الشمس بوضعه في مكانٍ مكشوف وأغلب الأحيان يوضع فوق سطوح المنازل؛ وبعد عدة أيام يكون قد أخذ الوقت الكافي ليجف ويتحول من شكله السائل إلى شكله الجديد القابل للاستعمال ومن ثم نقوم بحفظه في أوانٍ زجاجية مُحكمة الإغلاق حيث تُحافظ على طبيعته لأكثر من سنة دون أن تتغير نكهته».

وتضيف عنها السيدة “فريال قاسم” قائلةً: «هنالك طريقةٌ أخرى لصناعة دبس البندورة؛ فبعد الانتهاء من عصر حبات البندورة وتصفيتها من جميع البذور والقشور نقوم بتسخين السائل المصفّى لأكبر مدة حتى تصل لدرجة الغليان؛ حيث يتم تفريغه في أوعية بلاستيكية لتبريده جيداً ثم يملأ داخل أكياس خاصة بحفظ المونة ويوضع في الثلاجة (المجمّدة) ليكون جاهزاً وصالحاً للاستعمال في أي

تكبير الصورة
وضعه تحت أشعة الشمس

وقتٍ نريد».

أما عن كمية الدبس المستخرج من البندورة فتضيف: «لقد أصبح معروفاً لدى جميع النسوة الكمية الصافية التي يتم الحصول عليها؛ فكل عشر كيلوغرامات من البندورة يُستخرج منها كيلو واحد من الدبس الصالح للاستعمال؛ فالتي تريد الحصول على /30/ كيلوغراماً من الدبس لا بد أن تعصر /300/ كيلو من البندورة وهكذا».

ــــــــــــــــ

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.