http://www.al-ayyam.ps/files/server/Cartoons/2015/10-2015/https://scontent-cdg2-1.xx.fbcdn.net/v/t1.0-9/

مصورون
حسن البطل
2006-10-13

– أسامة
الذي بيني وبين أسامة السلوادي، هو عكس الذي بين المتنبي ومتاعب الدهر: “لا تلقَ دهرك إلاّ غير مكترث”. أسامة وأنا مكترثان بمصاعب المهنة. هو والعدسة؛ وأنا والقلم.. لكنه لا يلقاني، قط، إلا وهو مبتسم، بل وهو يهشّ ويبشّ. هو يمشي، دائماً تراه يمشي، وعدّته الثقيلة على منكبيه.. وأنا أمشي، دائماً ترونني أمشي، وحقيبتي الثقيلة على منكبي.
سألته، ذات مرة، على قارعة الرصيف سؤالاً سخيفاً: لا أراك إلا على قدميك.. وليس خلف مقود السيارة. أجابني جواباً حصيفاً: فكيف أصطاد؟ مطلقاً لا أراه دون عدته. مطلقاً ما رأيته منكوش الشعر دون حاجة إلى تصفيفه بالرغوة والهلام (جِل)..
ليست الحرب جميلة، لكن عين المصور تصطاد جمالها القاتل والجارح.. فإن لم يصوب على الذين يصوبون، صوب على نحلة تترنح أمام نوارة لوز.
هو يقنص الذين يقنصون، غير آبهٍ كثيراً جداً. حتى عندما يقنص الجنود زملاءه المصورين لا يتوقف عن القنص. الكلمة حمالة أوجه.. وأما الصورة فوثيقة دامغة.
تقول الإحصائيات، حتى قبل عام خلا، أن 25 صحافياً ماتوا قنصاً وقتلاً في بلدنا، و120 آخرين أصيبوا بالرصاص.. إلى أن أدرك القنص العبثي والعشوائي زميلي أسامة السلوادي. هو كان على شرفة مكتبه، وهم كانوا في الشارع.. هو يصوب، وهم فوقهم سمت السماء ليطرزوها في “عراضة طخطخة”. رصاصة عاثرة أحالت المصور القناص إلى غرفة العناية الفائقة، وهذه قد تحيله إلى عربة بعجلات، أو إلى السكون التام. لا تبقى إلى صوره وصورته.
أضيف صفر آخر إلى “الحوادث المؤسفة” للعشرة صفر واحد إلى يمين الرقم واحد. للمائة؟ للألف.. للمليون؟ غير الحوادث “المؤسفة” تضاف، للأسف، إلى يسار الرقم واحد.. صار الأسف فجيعة من الأسي، دون أن يتوقف الأسف عن الأسف!

2 – مطيع وعمر
هذا الثنائي في قسم التصوير السينمائي – الإعلام الموحد، ظل ثنائياً من أغوار الأردن إلى جبال لبنان.. الاسم الحركي ظل اسماً حركياً. القاتل الإسرائيلي ظل مجهولاً.. ولكن عملية القتل تم توثيقها بعدسة ثابتة لزميلهما يوسف قطب.
التاريخ 4 آذار 1978، المعركة “عملية الليطاني”. الموقع: قرية تبنين جنوب لبنان. الناحية: صف الهوى. اللقطة: الدبابة الإسرائيلية تحرك برجها وتطلق النار. شهود الحادث: المصورون: أبو ظريف، يوسف القطب، ابراهيم المصدر. الجرحى: أبو ظريف. الأسرى: رمزي أبو ظريف، أبو يوسف القطب.. وأما الثنائي “عمر المختار”، و”ابراهيم ناصر” فقد استعادا الاسم الحقيقي: حافظ الأسمر، ومطيع ابراهيم.. لكن، لا خبر عنهما.. ولكن لا قبر لهما. ذكرتني ابتسامة أسامة التي انطفأت بابتسامة عمر ومطيع.. وقد انطفأتا.

3 – هاني جوهرية
كثيرون صوروا الانطلاقة الفدائية، غير أن هاني جوهرية كرس لها عدسته. إنه مصور فنان ومحترف، صاحب استوديو تصوير محترم في عمان.. ثم صديق الفدائيين في حياتهم السرية، وحياتهم اليومية، الشاعرية.. في عملياتهم وجنازاتهم.
منطق الحرب الأهلية اللبنانية نقل مسرح العمليات من جبل الشيخ جنوباً، إلى جبل صنين.. الثلج هو الثلج.. وفوق ثلوج صنين في العام 1976 سقطت الكاميرا فوق المصور.. وصار لون الثلج أحمر.
مؤسس قسم التصوير، ثم مديره، كان مع عدسته في الخط الأمامي. وفي كنيسة الوردية، شارع الحمراء – بيروت، حيث أقاموا القداس والجناز على روح كمال ناصر، أقاموا بعد أربع سنوات القداس والجناز على روح هاني جوهرية. ذهب المصور وبقيت صوره تخلده.
üüü
كم صفراً صار لدينا أمام “خشبة” يابسة تسمى “حادثاً مؤسفاً” جعل زميلنا أسامة معلقاً بين خيط الموت الرفيع.. وخيط الإعاقة الغليظ؟!

حـســن البطــل
[email protected]

https://scontent-cdg2-1.xx.fbcdn.net/l/t31.0-8/

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.