Image result for ‫أشهرالمصورين الفرنسيين‬‎

  • مجد بو مجاهد
  • المصدر: “النهار”
  • 4 آذار 2017
  • الراحل حبيب انطوان دالاتي

 

من الآن وصاعداً، ستعتاد عدسة كاميرته الوحدة. هي التي وثّقت ذكريات آلاف اللحظات التاريخية، ستبحث عن ذكرياتها في بصمات أصابع نُقشت في أجزاء جسدها. يوم الجمعة الماضي في 24 شباط 2017، رحل حبيب أنطوان دالاتي إثر تعرضه لعارض صحي طارئ في القلب. حبيب، الذي اكمل مسيرة والده في عالم التصوير، ترك خلفه تاريخاً مصوراً كاملاً حافلاً بالاحداث واللقاءات السياسية والديبلوماسية، هو الذي عرف بمصور الرؤساء بعد عمله في السرايا الحكومية. منذ سنتين ونصف السنة، أجرى حبيب عملية صمام القلب، وعاودته عوارض الازمة القلبية منذ نحو اسبوع قبل دخوله الى المستشفى باربعة ايام. وبعد اجرائه الفحوص الطبية اللازمة تبين ان وضعه الصحي حرج وفارق الحياة عن عمر يناهز الـ60 سنة. من مواليد عام 1957، امتهن التصوير لمدة 30 سنة، وتمحور عمله في السرايا الحكومية خصوصاً، وفق ما يقول شقيقه، المصوّر نويل دالاتي لـ “النهار”. وبكثيرٍ من الحسرة، يعبّر المصور داني عاصي عن أسفه لخسارة خاله حبيب دالاتي، هو ابن شقيقة الفقيد وزميله في المهنة وجاره في المبنى السكني ورفيق دربه في السرايا الحكومية حيث عملا معاً. يقول لـ “النهار”: “بدأ خالي العمل مصوراً عام 1982 في السرايا الحكومية قبل ان يفتتح محلاً في منطقة ادونيس لتصوير الاعراس والمناسبات. ثم عاد لمواكبة نشاط الرئيس شارل حلو ونشاطات منطقتي الكسروان والمتن، قبل ان يعود الى السرايا عام 2005 في عهد الرئيس فؤاد السنيورة، وبقي يعمل فيها حتى وفاته”.

“مصور الرؤساء”، الراحل حبيب دالاتي

صورة للامين العام للامم المتحدة بان كي مون والرئيس تمام سلام، بعدسة الراحل حبيب دالاتي

الراحل الهادئ

يحل شهر شباط في كلّ سنة، حاملاً معه خبراً حزيناً للمصورين اللبنانيين. ويا لها من مصادفة ان يحل يوم الشهيد المصور اللبناني في 22 شباط من كلّ سنة ايضاً. في هذا الشهر استشهد جورج سمارجيان مصوّر جريدة “النهار” ورحل خليل زهيني وخطف سمير كساب، وغاب حبيب دالاتي. “ابى شهر شباط ان يرحل ومعه حبيب آخر. كنت على معرفة شخصية به. كان جندياً مجهولاً يتمتع باخلاق عالية جداً ويساعد زملاءه ولم يكن يحب الشهرة. لم يرغب في انشاء صفحة شخصية له على مواقع التواصل. متواضع وهادئ، وودي، لم اره يوماً غاضباً. عاش وحيداً ولم يتزوج، لكنه كان حبيب الجميع”. بهذه الكلمات يرثي نقيب المصورين اللبنانيين عزيز طاهر، زميله حبيب. ويقول لـ”النهار”: “التقيت به منذ اسبوع في السرايا الحكومي خلال زيارة مرشحة الرئاسة الفرنسية مارين لوبان للرئيس سعد الحريري. كان باسماً كعادته”. وفي الحديث عن عدسة حبيب، الراحل الهادئ، يكفي القول انه كان بمثابة دليل في السرايا الحكومي. “كان يعرف من خلال خبرته ووجوده في السرايا، الزاوية التي يأخذها لكل صورة وكيفية التقاطها، وكان ضليعاًً في بروتوكل الجلوس والمصافحة. والاهم انه كان مساعداً لزملائه المصورين ومرشداً لهم داخل السراي”، يضيف طاهر.

صورة للرئيسين تمام سلام وسعد الحريري، بعدسة الراحل حبيب دالاتي

صورة للرئيس تمام سلام وقائد الجيش العماد جان قهوجي، بعدسة الراحل حبيب دالاتي

صورة ارشيفية لجلسة مجلس الوزراء برئاسة تمام سلام، بعدسة الراحل حبيب دالاتي

دالاتي ونهرا
طبع اسم “دالاتي ونهرا” في ذاكرة اللبنانيين، الذين لا يدرك بعضهم ماذا تعني هذه العبارة الشهيرة التي تتصدر صفحات غوغل عند كتابة اول 3 احرف من كلمة “دالاتي”، وتذيّل أغلبية الصور الرسمية في الجرائد اللبنانية والاجنبية التي توزعها بالتنسيق مع وزارة الاعلام. في الواقع، ان هذه العبارة ملخّص للشركة التي عقدها كلّ من انطوان دالاتي، والد الراحل حبيب، وهو اشهر المصورين اللبنانيين منذ عهد الاستقلال مع الرئيس بشارة الخوري، وانطوان نهرا الذي كان يتولى الشؤون الادارية. ويسرد نويل دالاتي ان والده بدأ العمل في مهنة التصوير عام 1945 قبل ان ينتهي مشواره الحياتي في عهد الرئيس اميل لحود. “كنا حبيب وانا نساعده ونواكب عمله. تمركزت انا في القصر الجمهوري، فيما تولى حبيب تغطية احداث السرايا الحكومية. وبعد وفاة انطوان نهرا، خلفه ابنه كمصور ايضاً”. ماذا عن ارشيف صور “دالاتي ونهرا”؟ يتأسف، “الصور القديمة منذ الاستقلال وحتى السبعينات احترقت كلها عندما كانت المحال توجد في وسط المدينة. لسوء الحظ، ليس لدينا ارشيف”.

انطوان دالاتي، اشهر المصورين اللبنانيين منذ عهد الاستقلال مع الرئيس بشارة الخوري

 

صورة تاريخية للرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح

 

الاستمرارية
انها عائلة مصوّرين. الأب والابن والحفيد، كلّهم ضمنوا استمرارية “دالاتي ونهرا”. يعبّر داني عاصي عن شغفه بالمهنة يعول على الاستمرارية ويقول إنه يتمنى ان يمتهنها اولاده من بعده في حال احبوها، رغم انها مهنة دقيقة وصعبة. ويعود بالزمن الى حقبة الاستقلال حيث كان جدّه انطوان دالاتي يلتقط الصور في الخمسينات من خلال “آلة اللمبة”. ويردف: “العلاقة بين المصور والرئيس كانت قوية لدرجة ان والدة الرئيس بشارة الخوري كانت تقول لجدي (اخلع حذاءك وادخل كي لا توقظ الرئيس)”. الى اي مدى تتفاءلون في مستقبل المهنة في ظلّ طفرة “المصورين الهواة” في لبنان؟ يجيب: “التصوير على الهاتف الذكي مختلف عن عدسة الكاميرا المحترفة التي تعطي الصورة قيمتها. انها تقنية صعبة، لا يمكن ان يستخدمها سوى من يتمرسها. كما يتم اليوم منع استخدام الهواتف عشوائياً للتصوير الصحافي في كثير من البلدان، والوكالات الاجنبية لا تقبل استخدام سوى الصور ذات الجودة”. بدوره، يعتبر طاهر “اننا نعيش اليوم في عصر الصورة. انها خبر كامل ومتكامل. لكن من ينتج مادة الصورة الفوتوغرافية مجهول وحقوقه غير مرئية. الفضل يذهب للاعلامي ويأتي المصور في المرتبة الثانية نتيجة المفهوم الخاطئ لدور الصورة الصحافية”. ويردف: “القطاع لا يأخذ حقه ونحاول كنقابة رفع مستوى المهنة وابراز دور المصور الفعلي والوطني وليس فقط الدور الوظيفي”.

صورة لتجمع سيدات في زيارة للسراي الحكومي تتوسطهن السيدة لمى سلام، بعدسة الراحل حبيب دالاتي

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.