%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%a7%d8%a8%d8%b1%d9%8a22222

 

تاريخه الفني الحافل بالعطاء 

استطاع المخرج والمصور اليمني عبد الرحمن الغابري أن يحبس الأزمان بصور فوتغرافية وثقت تاريخا مرئيا، أبطاله رؤساء وسياسيون وفنانون وأشخاص عاديون ومناظر طبيعية.

ويفتش الغابري حاليا أرشيفه الذي تعود أقدم صورة فيه إلى ستينات القرن الماضي، وينشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، كمبادرة ضمن نشاط “الهوية اليمنية” المؤسسة التي أسسها منذ سنوات.

ويعود الغابري إلى طفولته التي رسخت أول رغبة للتصوير قائلا لـ”إرم”: “في الطفولة كنت أقف مذهولا أمام الطبيعة كأول صورة ارتسمت في ذهني، وكنت شغوفا بما حولي، بالمرأة التي تذهب إلى الحقل بصوت المهاجل التي يرددونها وهم يعملون، بالأناشيد الدينية، بالجبل والمطر، وحين كبرت عرفت أن الصورة ستحقق حلمي”.

 

%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%a8%d8%b1%d9%8a

 

وانتقل الغابري من قريته إلى صنعاء نهاية الستينات، وهناك حصل على أول كاميرا روسية الصنع، وعمل كموظف في التوجيه المعنوي الذي أسس إرشيفه لاحقا، ثم حصل على فرصة لدراسة الإخراج في بيروت لبنان في العام 1975، صقل خلالها موهبته وشارك في تصوير أفلام تسجيلية عن الحرب منها “كفر شوبا النبطية”، و”مكان الولادة فلسطين”. وهي أفلام تحكي عن المخيمات وصبرا وشتيلا، واللاجئين من خلال قصة مجموعة من الشباب لم يمنعهم أي شيء من العيش داخل هويتهم الفلسطينية، حتى لو ولدوا في أماكن أخرى، أو شردوا.

وجمعته سنوات الشباب فنيا، بكل رؤساء اليمن ابتداء من أول رئيس للجمهورية اليمنية عبد الله السلال، حتى علي عبد الله صالح. ومثلما ينتقي اليمنيون الرئيس الثالث “إبراهيم الحمدي” ليمنحوه أجمل صورة، منحه هو أجمل صورة وأكثرها أناقة بين الرؤساء .

 

%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%a7%d8%a8%d8%b1%d9%8a-7777

 

يتحدث الغابري عن التصوير، كأنه يتحدث عن الحياة، يقبض على اللقطة في كفه باحتراف كما أظهرته بعض الصور التي التقطها للطبيعية ويعرضها في جاليري مؤسسة “الهوية اليمنية” الذي افتتحه مع أبنائه قبل سنوات. وهنا يقف ليشير إلى صور التقطها لشلال ينعكس على ماء مصبه لون السماء مؤكدا: “الصورة المبدعة هي التي صبرت عليها كثيرا”.

عمل الغابري مصورا لسنوات طويلة في التوجيه المعنوي التابع للقوات المُسلحة، التقط أهم الصور للفعاليات السياسية، انتهى به الحال في النهاية إلى تهميش بسبب انتمائه إلى “اليسار”، وخلال الثمانينات عمل مصورا للشرق الأوسط، كما اقترب من الواقع الثقافي فالتقط صورا لأبرز الفنانين منهم الفنانة الراحلة “مديحة الحيدري” والأدباء اليمنيين منهم الشاعر “عبد الله البردوني” الذي لحن له قصيدتين من أشعاره للأطفال، وهو يمتلك لهم صورا نادرة يعرضها في معارضه، ولأبرز السياسيين من أبرزهم الرئيس الأمريكي “كارتر” ومثقفين أيضا زاروا اليمن، ومع كل صورة يروي الغابري حديثا له معنى وقصة علاقة وثيقة بشخوصها .

 

%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%a7%d8%a8%d8%b1%d9%8a-8888

 

وعن الوضع اليمني يقول: “الصورة قاتمة، وهذا نتاج إغفال الجانب الثقافي، واحتقار الإبداع والمبدعين، من قبل السلطات المتعاقبة، هذه البلد متحف كبير مُهمل”.

ويصف الغابري الأحزاب بـ”الكارتونات” قائلا: “أقولها بكل تجرد هم سبب تدمير البلاد اتفقوا على المثقف والثقافة على مسخ هويتنا ..

وزارة الثقافة اليمني تكرم الغابري 

%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%a7%d8%a8%d8%b1%d9%8a-1

وكانت وزارة الثقافة اليمنية قد كرمت على رواق بيت الثقافة  الفنان الكبير المصور الفوتوغرافي عبدالرحمن الغابري بمنحه درع الوزارة تقديراً لإبداعاته وعرفاناً بإسهاماته المتميزة في فضاء الصورة الفوتوغرافية التي وثقت اليمن الأرض والإنسان .

وفي إحتفائية التكريم التي نظمتها وزارة الثقافة ممثلة بصندوق التراث والتنمية الثقافية القى وزير الثقافة الدكتور محمد أبوبكر المفلحي كلمة اشاد فيها بتجربة المحتفى به..منوهاً بالسمات التي تتميز به عدسة الفنان الغابري وتجربته في التصوير الفوتوغرافي الذي قدم اليمن بأفضل ما فيه من جمال .

 

تاريخ التصوير الفوتغرافي في اليمن 

%d8%a7%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d9%85%d8%b1-3

 

لطالما تكلمنا في شخصية فنية رائعة تجسدت في الفنان اليمني القدير عبد الرحمن الغابري

فإنه يتوجب علينا أن نوضح للقارئ الكريم ملامح وتاريخ التصوير الفوتغرافي في اليمن

والذي أنجب مثل هولاء الرواد في هذا المجال

يعود تاريخ التصوير الفوتغرافي في اليمن الى عشرينات القرن الماضي حين برز المصور اليمني أحمد عمر العبسي كأول فوتغرافي في اليمن والجزيرة العربية .

 

%d8%a7%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d9%85%d8%b1

 

ولقد أفتتح العبسي الأستديو الأول في مدينة عدن عام 1930 م ثم أنتقل الى مدينة تعز حيث أفتتح أول استديو في شمال اليمن ووثق الحركة الوطنية اليمنية بين 1955 – 1959 وأستطاع أن يصور معظم قادة الحركة الوطنية الذين أعدموا لاحقا ، كما استطاع أن يقنع امام اليمن حينها بضرورة التقاط الصور له ولأسرته وربما الأولى والوحيدة للأسرة المالكة .

وتعد صور العبسي حتى اليوم التوثيق الضوئي الوحيد ربما لتلك المرحلة المهمة من التاريخ اليمني المعاصر .

 

%d8%a7%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d9%85%d8%b1-2

 

والى جانب الدور الذي اضطلع به العبسي على الصعيدين التاريخي والسياسي فهو أستطاع أن يلهم جيلا من المصورين الذين أتوا بعده ومن أبرزهم المصور الفنان عبد الرحمن الغابري الذي يعود إليه الفضل في نقل فن التصوير اليمني الى مرحلة الإحتراف .

 

%d8%a7%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d9%85%d8%b1-4

ويقول عبد الرحمن الغابري للحياة أن التصوير الفوتغرافي في اليمن كان في الفترة التي تلت عميد المصورين اليمنيين الفنان أحمد عمر العبسي وكان التصوير في المراحل الأولى عبارة عن أستديوهات لتصوير الأشخاص لأغراض خدماتية تتعلق باستخراج الأوراق الثبوتيه مثل بطاقات الهوية وجوازات السفر ولم يتجاوز حاملو الكاميرات عدد أصابع اليدين في ذلك الوقت حيث كانوا يصورون المدن القريبة ويوثقون المناسبات الوطنية كما هو حال المصورين علي الرموش وعلي السمة .

ويرجع الغابري هذا التردي في وضع فن التصوير الى الصعوبات التقنية التي كان يواجهها المصورون في تلك الفترة .

 

%d8%a7%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d9%85%d8%b1-6

ويوضح كان المصورن مجتهدين على الرغم من شحة الإمكانيات فمثلا أستطاع الرموش أن يخلط بعض الأدوية لتحميض البوزتيف ( السلايد ) كما كان  المصور خالد السقاف أول من طبع الأفلام الملونه وحمضها يدويا في اليمن .

وعن التطور النسبي في السنوات التالية يضيف الغابري بعد ذلك جاء جيلنا وأخذنا الحرفة من هولاء الرواد الى جانب قراءتنا الكتب المتخصصة بهذا الفن وكنا أنا والمصور عقبات نشتغل الأفلام الملونه يدويا كوننا كنا محترفي التصوير الخارجي الصحافي .

 

%d8%a7%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d9%85%d8%b1-7

والحقيقة أن الطبيعية كانت ولاتزال أبرز المواضيع التي نستهدفها ، فمن الطبيعة نستلهم كل شئ نود أن نقدمه ، والطبيعة حين تتعامل معها وتكتشف اسرارها لابد أن تخدمك كفنان .

ويسرد الغابري قصة ولعه بفن التصوير ويقول منذ الطفولة وأنا أحلم بأن أجسد وأدون ضوئيا المشاهد الرائعة في قريتي وكنت لاأدري حينها كيف كنت أتخيل المشهد وأرسمه في ذاكرتي لم أكن أمتلك كاميرا ولا أعرف حتى شكلها ماكنت أعرفه هو مجرد صور شخصية كان يرسلها الأكبر زيد الذي كان يدرس في العراق قبل الثورة في منتصف القرن الماضي .

%d8%a7%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d9%85%d8%b1-8

 

ويضيف كنت أتعجب وأفرح بتلك الصور وأتمنى أن أحصل على هذه الآلة الساحرة وحدث أن تصور والدي في نهاية الخمسينات في تعز في أستديو أحمد عمر العبسي ولم يأت بالصورة معه وبعد وفاته حصلت على الصورة وفي نفسي سؤال لماذا أبي لم يشتري لي هذه الآله المحببة الى قلبي ؟ ويوضح كنت حينها أدرس في كتاتيب القرية وأرتسمت في ذهني هذه  الآله طوال الوقت .

ومع مرور الأيام وبعد وصولي  الى صنعاء وأثناء الدراسة وانتمائي الى الإعلام العسكري تدربت على الطبع والتحميض قبل أن أستخدم الكاميرا.

 

%d8%a7%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d9%85%d8%b1-10

وتوالت الأيام والشهور وحصلت على الكاميرا . وسافرت وتخصصت في مجالات فرز الألوان والتصوير الزنكوغراف وأمتلكت الكثير من الكيمرات وصورت بها كثيرا وكانت أحسن صورة أحببتها وشغفت بها هي صورة أمي في الحقل في قريتي وهذا كان واحد من من المشاهد التي حلمت بتجسيدها وأنا طفل .

وعن الجانب المضئ في كونه مصورا يمنيا يتحدث عبد الرحمن الغابري عن الميزة التي يمكن أن يحظى بها أي مصور فوتغرافي في بلد شديد الثراء ثقافيا وبيئيا ويقول اليمن أحد البلدان العظيمة والملهمة لأي فنان ، بلدنا نادر ومختلف كثيرا عن بلدان كثيرة من حيث تنوعه البيئي وتضاريسه وسكانه وهو بلد لو أخلص له حكامه ومسؤلوه لأصبح قبلة العالم سياحيا ومرسم عظماء الإبداع وملهم كل مفكر وفيسلوف .

 

%d8%a7%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d9%85%d8%b1-11

أتمنى أن أولد مجددا كي أواصل اكتشاف أسرار هذا البلد الذي يعتبر كنزا انسانيا لكل البشر .

وفي المقابل يشكو الغابري من قلة التفاعل مع الفن الإبداعي في اليمن وخصوصا فن التصوير وهو الأمر الذي يقول أنه لمسه من خلال معارضه الشخصية التي بلغت  69 معرضا داخل اليمن وخارجه مشيرا الى أنها كلها كانت عباره محاور منها الطبيعة والتراث والفلكلور .

ويضيف الهدف أولا هو خلق جمهور لهذا الفن قبل التفكير في المردود المادي كني كسبت جمهورا محبا .

 

%d8%a7%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d9%85%d8%b1-12

ونادرا مايقتني اعمالي مثقفون متمكنون ماديا ، فرجال الأعمال لدينا والكثير من المسؤلين يفتقرون الى الثقافة هم أغنياء لكنهم فقراء فنيا وجماليا وجشعون حد التخمة ، فيما المثقف الحقيقي للأسف فقير ماديا ومحارب معيشيا يحن إلى اقتناء صورة أو لوحه لكنه لايملك حتى ثمن الإطار وهذا يحزنني .

 

%d8%a7%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d9%85%d8%b1-13

ويختتم الغابري حديثه بمستقبل التصوير الفوتغرافي قائلا : ينشاء في اليمن جيل لديه رؤية ويمتلك لمسات ابداعية والبعض يصقل مواهبه بالدراسة الى جانب متابعته مستجدات التصوير من خلال الإنترنت وقد برزت بعض المواهب لكنها كما قلت الإبتكارات يصنعها الموهوبون وهولاء يشكلون مدارس جديدة مختلفه نوعيا .

…………………………………

المرجع :

جريدة المدن الألكترونية .

أخبار اليمنية  .

جريدة الحياة .

أحمد الاغبري : مجلة دبي الثقافية .

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.