صورة / العقيد بن دحو

 

 

صورة / العقيد بن دحو

نشر في الموقع بتاريخ : الثلاثاء الموافق لـ : 2018-05-22

سيكولوجية تمزيق كراريس وكتب التلاميذ
بقلم : العقيد بن دحو / ادرار / الجزائر

من نافل القول وبالأول والأخير المدرسة بأطوارها الثلاث ( ابتدائي – متوسط – ثانوي ) تقيم حوارا داخليا وخارجيا , تربويا بيداغوجا ماليا ماديا , وعلميا ادبيا وثقافيا رياضيا , بيتها وبين التلميذ على اعتباره محور العملية التعلمية التعليمية . هذا الحوار يكون مكتوبا او مقروءا او مسموعا او هم معا , تماثليا او رقميا , يشكل من خلاله القربى او الجماعة التربوية.
ولأن هذا الحوار يتخلله في احيان كثيرة عدة اختلالات في التوازن بين المدرسة والمحيط العام والخاص وحتى المدينة , على اعتبار المدينة : ” احسن معلم / Polis ” كما هو عند الاغريق القامى.
وقتئذ ستكون الضحية لهذا الحوار الاحادي الجانب , والذي لا يلزم التلميذ في احايين كثيرة الكراس او الكتاب , الذي يصبح بقايا اوراق تدره الرياح عند ابواب المدارس عند نهاية كل فصل دراسي , ناهيك عند نهاية كل موسم دراسي.
مع نهاية كل سنة دراسية وسنة مالية مادية , تطرح حالة وقضية تمزيق كراريس التلاميذ كتبهم في جميع الاطوار الثلاث ( الإبتدئي – المتوسط – الثانوي ) عدة اشكالات مما تعجل بالبحث حول الظاهرة لكن دون جدوى حتى الساعة
ومع نهاية كل سنة يتكرر المشهد تمتلئ الشوارع والازقة بالاوراق المكتوبة والمطبوعة , الكراريس والدفاتر والكتب , وتفاوتت المواد الضحية من هذا التزيق المرضي الذي اصبح يطرح عدة معالجات , معالجة بيداغوجية…. معالجة تربوية … معالجة ادارية … معالجة اجتماعية , وتعددت الاسباب والحالة واحدة.
لم يعد يستثنى تلميذ دون آخر , لم يعد التلميذ بجميه الاطوار يحنفظ بكراريسه وكتبه من المهد الى اللحد.
– اولا لأن التلميذ لم يعد يشعر بأي انتماء لمدرسته , فهو مجرد رقم من ارقام سجل المناداة او سجل الغيابات او دفتر المراسلة الذي يحمل سجل اتهامه وذنوبه حتى قبل ان يقترفها هذا التلميذ او ذاك.
– ثانيا غياب ملكة الحب من لدن كافة الجماعات التربوية لهذا التلميذ , فهو يشعر بأنه مجبر لا بطل على القدوم لهذه المدرسة او تلك.
– وضعية بناء المدارس والمتوسطات والثانويات والمعاهد , البعيدة هن الاحياء السكنية والشوارع كما كان معهودا بناؤها في وقت سابق ,
– رابعا مخطط الكتلة حسب القاعدة او la base .
– خامسا لا يزال وجود المدير ومكتب المدير ووضعيته داخل المرفق التربوي يبعث الخوف في انفس التلاميذ.
– سادسا ربط نجاح التلاميد بالنتائح عند نهاية كل فصل وبالفصل الاخير , اصبحت النتائج التقييمية والتقويمية وكشف النقاط تعوض التلميد الانسان ابا الرجب وابا الانيان
– سابعا غياب النشاط الثقافي بالمؤسسات التربوية وتفريغ رغباته بما هو نافع فنيا وادبيا وثقافيا
– تكوين الاطر , تكوين على الالة هي كل شيئ , وليس تكوينا من اجل الانسان وانقاذ الانسان : ولد تعلمه اليوم رجل تنقذه غدا.
-ثامنا أمنية المؤسسة والحرص الزائد الى الامن حتى يصير هاجس او فوبيا للتلميذ وللجماعة التربوية اجهزة الرقابة الالكترونية … والعديد العديد من المراقبات الاخرى البشرية وغير البشرية
تاسعا قوانين المنع والعقوبات كالقوانين الداخلية للمؤسسات المستمد من قوانين الجماعات التربوية , والعديد منها يحتاج الى التحيين والتجديد كحافز للعمل لا معيق له.
بالأخير التيميذ لا يمزق الكراس والكتاب ورقة وغلافا وكتابة , وانما يريد ان يمزق ويقطع ذاك الخيط السري والسحري الذي كان يجمعه ويشده للمدرسة , هو يناشد الحرية والانعتاق من اي رابط يشده بقوة وبعبودية نحو المدرسة , اذ لا حرية لأعداء الحرية.
التلميذ اليوم انه لا يمزق الكراس او الكتاب وانما يقاطع الحوار الذي كان يقومه الكراس ومن خلاله الاستاذ وجمهور التلاميد.
عموما التلميذ حطم ومزق الحلم والفكرة , تلك الفكرة التي لم تعد المدرسة اليوم قادرة على تلقينه للتلميذ , تلك الفكرة العالمية التي تشده للعالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي من المحلية الى العالمية , بينما مدرسته مسها الانزهايمر وداء الشيخوخة المبكرة , التي لا تزال تربط التلميذ بقيم أكل عليها الدهر وشبع .
لم تعد المدرسة قادرة على الغناء , وغير قادرة على الكلام , مونع التلميذ من الكلام حتى ظن الصمت هو كل ما يخرج به من المدرسة سواء كمدخلات او متفاعلات او مخرجات او كأثر رجعي.
تمزق الكراس وصار اوراقا تدره الرياح بالأزقة وغاب الحوار المدرسي….. وغابت الفكرة والحلم الذي كان يربط الجميع , التي يحتفظ فيها التلميد بكل شيئ كتابة وقراءة واعادة ما كتب وما قرأ وكتاريخ للحظة وبالتالي كحضارة وثقافة , والبقية صمت كما قال البطل التشكسبيري ( هاملت) في ظاهرة ( هاملتية ) في ظل وظليل غياب المسرح المدرسي والنشاط الثقافي الجدي المنقذ , على اعتبار الثقافة انقاذ.

 

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.