خليل قويعة: الفنّ في أساسه ثورة فكريّة

الدكتور خليل قويعة حالة فريدة داخل الساحة التشكيلية التونسية، فهو، إلى جانب منجزه الفني والتشكيلي، رسم لنفسه مساراً متميزاُ داخل الكتابة النقدية العربية، ليس من وجهة نظر تعريفية، بل تتسم بهاجس البحث والسؤال والحفر في ماهية العمل الفني، بأسلوب تحليلي تتقاطع فيه السيميولوجيا بالفلسفة، استطاع من خلاله أن يصنع خطابه النقدي حلول جملة من القضايا والإشكالات التي تعترض سير وتقدم الأعمال التشكيلية العربية، فتراه هنا وهناك، متنقلاً بين العديد من المعارض التشكيلية والندوات العلمية على طول كارطوغرافية العالم العربي. كما تجدر الإشارة أن خليل قويعة هو باحث في تاريخ الفن وناقد فنّي، وأستاذ علوم وتقنيات الفنون بجامعة صفاقس التونسية، أشرف على عدد من مخابر البحث في ثقافة الصّورة والدّراسات المتداخلة بتونس وفرنسا، ساهم في تأسيس العديد من النّدوات والملتقيات العلمية والثقافيّة حول الفنون، رئيس تحرير مجلّة فنون ورئيس سابق للرابطة التونسية للفنون التشكيليّة وعضو ببعض الهيئات واللّجان والتّظاهرات الفنيّة…).
بمناسبة صدور كتابه الجديد “العمل الفني وتحولاته بين النظر والنظرية: محاولة في إنشائية النظر” عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، كان لنا معه هذا الحوار:

(*) ما الهدف من تأليف كتاب اليوم حول الصّورة ومتخيلها في الوقت الذي يتبدى فيه أن الثقافة العربية المعاصرة باتت وكأنها ثقافة تحوم حول خطاب السّرد، وتهمّش كل ما له علاقة بالصّورة وتجلياتها الإبداعية والتخييلية، من خلال جملة من المؤسسات الثقافية العربية التي أصبحت ترعى السرد عبر ندوات ولقاءات وجوائز. وكأن الثقافة العربية لم تعرف التصوير أبداً، هذا الأخير الذي سينسج علامات ورموز عبر تاريخه الجريح؟
إنّ القول بأنّ الثقافة العربيّة ثقافة كلمة، بينما الغربيّة ثقافة صورة، هو كلام مستشرقين وقع تفنيده. فالصّورة منغرسة في تاريخ الثقافة العربيّة الإسلاميّة، من خلال فنون الخطّ نفسها، والمُنمنمات، وترقيم الكتب، والرّقش، والمعمار. بل إنّ الصّورة قد نفذت إلى أعلى درجات التّجريد والتّذهين الفكري، كما في خطاب المفردات التي تكوّن النسيج الفضاء الزّخرفي. كما أتاحت الفتوح التّأويليّة الأكثر روحانيّة وتصوّفاً… ثمّ أنّ العناية بالسّرد من قبل المؤسّسات الثقافيّة ليست عائقاً، بل ميزة من شأنها أن تعطي أكلها عبر الأجيال. كما أن فنون السّرد نفسها هي وجه آخر لخدمة الصّورة الفنيّة. وشخصيّاً، أتبنى في أبحاثي المقاربة العضويّة والعلائقيّة التي ترجع مختلف الفنون الزّمانيّة والفضائيّة إلى معين واحد، وهو الشعريّة التي مهما يكن شكل نبضها الخلاّق فهي في النّهاية تشكيل لتضاريس الوجدان الإنساني، من خلال اللغة المنطوقة، أو من خلال اللّغة البصريّة. فرسوم غونتر غراس الألماني يمكن أن تفتح منافذ

جديدة في قراءة نصوصه الأدبيّة والأمثلة الموازية عديدة…
كما أنّني في كتابي الأخير، وهو قيد الطبع، تحت عنوان “مسار التّحديث في الفنون التّشكيليّة، من الأرسومة إلى اللّوحة”، أشرح كيف أنّ نشأة الفنّ الحديث في تونس خاصّة، والعالم العربي عامّة، كانت امتداداً شرعيّاً للسّرد العجائبي والأسطوري الذي كان سائداً في النّصف الثاني من القرن التّاسع عشر وبداية العشرين. والأرسومات الزّجاجيّة الشعبيّة التي كانت متداولة في الثقافة العربيّة بصفاقس والقيروان ودمشق على سبيل المثال، ليست سوى انتقال من المدوّنة السّرديّة الشعبيّة إلى الملوّنة البصريّة داخل ورشات الحِرفيّين. فقد وجد الرّسامون الحِرفيّون في حَكايا الجازية الهلاليّة، وعنتر وعبلة، وسيدي علي، ورأس الغول، أو الجان، وكذلك عبدالله بن جعفر، والأميرة يامنة، وغير ذلك من العناصر المسرودة في الكون المتخيّل والقاع الرّمزي للثقافة العربيّة، مواضيع لصور قادرة على الاستمرار والمُراكمة داخل فضاء الأرسومة الشعبيّة. ثمّ وخاصّة ما بين الحربين، وجد بعض الفنّانين العرب في هذا التراث السّردي المصوّر ما يمكن أن يكون منطلقاً للوحة مسنديّة حديثة قادرة على الاستلهام من هذا التراث ذي الأصل السّردي، وفي الوقت ذاته، قادرة على أن تكون بطاقة هويّة للوحة عربيّة حديثة تستفيد من تاريخ الفن العالمي وتسهم في مراكمته…
وسنة 2010 عُرض عليّ أن أقدّم رواية “أحلام النّرجس” بدعوة من مؤلّفها الأستاذ محمد دمّق، والأستاذ توفيق بكّار، الذي كان يشرف على إصدار سلسلة عيون المُعاصرة، كنت قد كتبتُ: “أنّ المؤلّف يتعمّد في الكثير من التّدخلات المتواترة إيقاف الزّمن السّردي من أجل تضخيم اللّحظة التّصويريّة. كأنّنا بالكاتب في هذه الظاهرة يتمرّد على ناموس السّرد الذي التزم به في سابق أعماله الرّوائيّة… فلم يعد العمل الرّوائي تمثيلاً للأفعال والأحداث في تسلسلها الزّمني، كما ورد في تعريف جون جانيت للسّرد […] لكنّ مشكلة الكتابة تتوارى خلف مشكلة الصّورة الفنيّة في مستوييها الأنطولوجي والجمالي (فقبل البدء كانت الصّورة) وهي بدورها

تتوارى خلف مناجاة الحبيب (فقبل الصّورة كان الحبّ مبعثا للخلق المتجدّد والحياة والولادة الأبديّة). ومن ثمّة “تتحوّل الورقة إلى لوحة لخارطة بحر مجهول”. فسؤال “كيف أكتبُك؟” يحيل إلى استعادة لحظة الخلق الأولى عندما تلتحم المادّة الهيوليّة بالشّكل (morphée)- كما في النّظريّة الهيلومورفيّة – فتولد الصّورة على أساس العش التّكويني ورغبة اللّقيا. فالشكل هو ما يصوّر مادّة العالم/ المرأة/ اللّغة، وهو ما به تتشكّل فتصير إلى الوجود “إنّ المادّة تعشق الصّورة كما تعشق الأنثى الذّكر”، قال أرسطو”.
في هذا النّموذج، يطالعنا سيل التّحليل بأنّ ما بين فن السّرد وفنّ التّصوير قرابة ممكنة فلا تنافر بينهما، ليس لأن مؤلّف الرّواية مصوّر وسينمائيّ هو الآخر، بل لأنّ تناسج المقوّمات البنائيّة – التّكوينيّة ما بين الفنّين يعكس لا محالة تشاكل الصّورة والكلمة في الفكر الإبداعي (وهو ما أكّدته في كتابي “العمل الفنّي وتحوّلاته بين النّظر والنّظريّة…” بيروت – الدّوحة 2019)، وهو ما يمكن أن نفسّر به خصائص الإنشاء الفنّي في الثقافة العربيّة (على نحو ما أكّدته في كتابي المذكور “مسار التّحديث…” صفاقس 2020.

 

(*) صدر لك هذه السنة كتاب “العمل الفني وتحولاته بين النظر والنظرية: محاولة في إنشائية النظر” عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. ما الذي يمكن أن تقوله للقارئ العربي عن هذا الكتاب، الذي يعد حقيقة إسهاما وازنا داخل مدونة الفكر المعاصر، خاصة وأنه يتطرق إلى جانب مهم متعلق بالفن المعاصر؟
حريّ بهذا السّؤال أن يكون موجّها إلى حضر القارئ العربي، خصوصاً أنني كتبته بالعربيّة، وهو الذي يتعلّق بالفنّ المعاصر في أوروبا وأميركا، حيث كانت الفرصة ملائمة لتقديم مقترحات إلى العربيّة في مجال ترجمة المصطلحات والمفاهيم الفنّية المتعلّقة بهذا المجال الذي يُكتب عادة بالإنكليزيّة… ولكن لا بأس، هذه فرصة سانحة تمنحها لي لألعب دور القارئ، وهو ليس بدور غريب عليَّ.
هل من سبيل إلى مقاربة إنشائية العمل الفنّي، انطلاقاً من التّحوّلات التي تخوضها عمليّة النّظر ما بين مسار الإنتاج ومسار القراءة، ورشة الفنان وفضاء العرض؟ وبعدُ، لم يعد المشاهد ناظراً صامتاً، أو مستهلكاً معزولاً، بل أصبح شاهداً مشاركاً. إنه يصوغ نظره في الأعمال الفنية في شكل “فعل” أو على الأقل “ردّ فعل” أو خطاب. هل نحن في إزاء إنشائيّة تختبر مسار الإنتاج، وتشارك في تأسيسه ورسم خطوطه انطلاقاً من متابعة مسار النّظر وسلوك العين الباصرة والرّائية والواهمة والقاصدة والمفكّرة؟ يقودنا الأمر إلى تخليص عمليّة النّظر من عزلتها التاريخيّة، وإدراجها في قلب المنظومة الإنتاجية الثقافية والقيميّة والجماليّة والمعرفيّة للموضوع – الأثر. بل لا مندوحة عن أن نؤكّد للنّظر وظائف أنطولوجيّة، من جهة أنّه فعل خلاّق. ولكن، هل تضيع الصّورة البصريّة للعمل في زحمة الإنشاءات اللغوية للقراءة، عندما يتحوّل النّظر إلى نظريّة؟ وهل يفترض الأمر مباحثة متجدّدة لماهيّة الفنّ؟ لعلّ مراجعة منزلة العمل في مسار تكوّنه كفيل برصد المقوّمات المفقودة في صناعة الموضوع وإعادة بنائه في الحسّ والذّهن معًا، لدى المنتج والمتلقي معًا.
“إنّ ما استرعى اهتمامي في هذا المبحث هو مسار المرور والتّرقّي من الصّورة إلى إعادة بنائها من خلال التّصوّر (التأويلي، التّنظيري، المنطقي…) في المتون النقديّة المنطوقة. أي من ثقافة البلاستيكوس مروراً إلى الفيزياء والبصريّات، وأخيراً وليس آخراً، المنطق وطرائق اشتغال الذهن التّصويري والتّمثلي والإبداعي نفسه. في هذا المسار المحموم، اعتمدت على خمس مقاربات: 1- التشكيليّة (صناعة العلامة نفسها في الفن الحديث) مع كاندنسكي وكلي، ويعد هذا الأخير رائد المقاربة التّطوّريّة والجينيالوجيّة، وأضيف إليهما ماثيو. 2- المقاربة الفلسفيّة وأساسها فينومينولوجيا الإدراك (وعلى رأي ريكور، أعتبر أرسطو رائدا قبل الأوان لهذه المقاربة). 3- مقاربة عصبيّة – فيزيولوجيّة، بهدي من رادولف أرنهايم، وصولاً إلى مؤتمر برلين في تشريح جهاز الآلة الإبصاريّة على ضوء فيزيولوجيا الآلة الدّماغيّة المفكّرة، وهو مبحث علمي خالص يخصّ تكوّن الصّور داخل “العقل الإبصاري” انطلاقاً من العصب الإبصاري وصولا إلى الشبكيّة (تحدّث عنهما ابن الهيثم وديكارت أيضاً في الصيغ الأوليّة للبصريات). 4 – مقاربة منطقيّة تحليليّة. وهنا مربط الفرس، إذ للمناطقة الأمريكان فضل كبير مفهمة الفنّ المعاصر (غودمان، دانتو، رستو هلبينان على مستوى موضوع القصديّة…). 5 – مقاربة أنطولوجيّة تأسيسيّة وعلائقيّة تنتهي إلى أنّ العمل الفنّي ليس شيئاً آخر خارج سياق “عالم الفن”، بما هو جوهر افتعالي، ولمؤسّسة النّص دور مهمّ فيه. أقدّم ذلك في إطار إيماني بضرورة التّخاصُصِ والمعارف المتداخلة”.
هذا ويُذيّل الكتاب بأضمومة مصطلحات مترجمة إلى العربيّة. إذ الكتاب حول إشكاليات راهنة في الفكر الجمالي والإنشائي والنّقدي المتعلّق بالفن المعاصر في أميركا وأوروبا، وحول مدى حضوره بالعالم العربي وكيفيّات التّعامل معه… لذلك كان لا بدّ من الاشتغال على طبيعة القاموس الاصطلاحي النّاطق بالإنكليزيّة أساساً، وترجمته بما يتوافق مع الكون اللّغوي العربي.

 

(*) في مقدمة الكتاب، تتحدث عن ما يمكن أن نسميه بأنطولوجيا النظر، إذ تحاول أن تبرز قوة العين وتمركز الفكرة عليها على حساب اليد، انطلاقا من مقولة جاك لاكان التي تفيد أن العين ليست مجرد أداة للنظر والتمحيص، بل هي تعدو أن تكون “تساهم في خلق الذات الناظرة والمنظور”. كيف إذا يمكن الحديث عن سوسيولوجيا النظر للعمل الفني في وقت ماتزال بعض التجارب الفنية العربية تابعة لتمثيل مفهوم الجميل عند كانط وأيضا إلى سلطة الفن الغربي؟
لا يمكن التّعاطي مع الحداثة الغربيّة في الفنّ دون متابعة المنجز النّقدي والتّنظيري الذي رافقها وأسهم فيها في مقاربات العلوم الإنسانيّة والنّظريّة النّقديّة، وسوسيولوجيا الفنّ هي إحدى المعارك التي تؤكّد ما للنّظريّة من دور في مقاربة النّظر الفنّي من بيار فرانكاستال، وبيار بورديو، إلى ناتالي هانيك، مروراً برايموند مولان، وهدوارد باكر…. فسنة 1966 على

سبيل المثال أخرج بورديو كتابه “حبّ الفنّ L’amour de l’art”، وأكّد في مقاربته حول المتاحف الأوروبيّة وجمهورها أنّ الصّورة الفوتوغرافية وما تنشط حولها من منظومات جماليّة وقيميّة ومهنيّة قادرة على تكوين معايير الانتماء إلى الطّبقة المثقفة والمتذوّقة والمنتجة للأفكار والتّآويل. فهي في ذلك الوقت، قبل عصر الجمهرة الرّقميّة وتكنولوجيات الدّيجيتال، كانت كفيلة بالتعبير عن انتماء طبقي ما. هذا إذا غضضنا النّظر عمّا سبق، وأن قدّمه والتر بنيامين من مدرسة فرانكفورت النّقديّة سنة 1937، في مجال تعميم الإفادة من استنساخ العمل الفني من خلال كتابه “العمل الفنّي في عصر إعادة إنتاجه الآلي”.
ولا ريب، لقد جاءت المقاربة السّوسيولوجيّة لمواجهة المقاربة الفلسفيّة الجماليّة التي كانت تستأثر بالتّعاطي مع المنجز الفنّي، وتعود في أغلبها إلى ما أسماه المنظّر الفرنسي، جان ماري شافار، بأَسطَرة الفنّ (mythification)، حيث لم يكن الحديث سوى عن ذاتيّة الفنّان وعبقريّتها، على نحو ما كان لمفهوم الذّات من مركزيّة في القرن الثامن عشر، الذي على أساسه لمع فكر الحداثة في الغرب وتوهّج… رغم أن الذات نفسها قد أفضت إلى التّذاوت، وفكرة المشاركة والتفاعل بين ذات المبدع الأصلي وبين ذات المتلقي، وهو ما أسّس عليه هانز روبارت ياوس جماليّة التّلقي سنة 1966.
اليوم، مع الألماني هابرماس، في مبحث “التّواصل”، بوصفه فعلاً من داخل الفكر التّراكمي، وفي تحليلاته “للفضاء العام”، بوصفه معتركاً للمشاركة الخلاّقة في موازين القوى السلطويّة والمواطنيّة… ومع الإيطالي أنطونيو نغري في مفهوم “الجمهرة” وغيره، تسعى الحداثة الغربيّة إلى تدارك مركزيّة المبدع باتّجاه تعدّديّه الأطراف الفاعلة في الفكر الخلاّق للمعرفة والقيم والمواقف. وفعلاً، على العكس من ذلك، ما يزال جمهور الفنّ في العالم العربي معزولاً عن جوهر الفنّ، وغير قادر على المُراكمة والمشاركة. وذلك لأنّ المفهوم الجمالي الكانطي المثالي للفنّ لم يفرز في تعاطيه الثقافي في ربوعنا ما يؤهّل تنشيط علاقة الفنّ بجمهوره. إذ ما يزال الجمهور الحقيقي للفنون البصريّة هم الفنّانون أنفسهم. وبعد، فقد وقع في بعض الأقطار استبعاد النّاقد الفنّي توجّساً من مستطاع الفكر النّقدي. وهكذا، نحن ها هنا نستمتع بحداثة مبتورة تفتقد إلى فاعلين أُخر غير الفنّانين. وهو ما ينعكس على مسألة السّوق. إذ كيف لنا أن نؤسّس سوقاً للفنّ في غياب جمهور “عارف” للفنّ؟ يعود هذا التّأزّم إلى عدم ربط الفنّ بالمعرفة والمعرفة النّقديّة والنّظريّة أساساً، والنتيجة هي سيطرة سُلطة النّموذج الذّوقي السّائد، وسطحيّة التعامل مع مفهوم الفنّ نفسه، والأنكى من ذلك أنّ هذا الزّيغ يلقي بضفافه على أشكال السّياسات الثقافيّة المتّبعة ببعض الأقطار.
فلئن انطلقت حداثة الصّورة الفنيّة في الثقافة العربيّة من السّرديّات الشعبيّة، إلاّ أنّها عملت على تنخيبها وأفقدتها محتواها الجمهوري والجَمهَري الحقيقي، حيث مازالت تحتكم إلى مركزيّة الفّنان الأوحد الذي منه تصدر القيم الجماليّة، وفيه تترسّخ الأحكام الذّوقيّة. وذلك رغم مبادرات الفنانين العرب في مجال التّجاوز وخلق منافذ للتّنوّع، والاختلاف عن السّائد الذّوقي. فأزمة الثقافة اليوم في بلادنا هي أزمة مفاهيم: ما هو الفنّ، من هو جمهور الفنّ وماهي الثقافة أصلاً؟ متى تستقيم شروط العرض الفنّي، وما جوهره (l’artefactuel)؟… أي كيف يتحرّر الفنّ من المفاهيم القديمة التي تعود إلى القرون الوسطى، وفي أحسن الأحوال إلى القرن الثامن عشر؟ وكيف من خلال تطوير المفاهيم يكون تطوير التّرسانة التّشريعيّة وتبعث المؤسّسات، وعلى ضوء ذلك كلّه تُحاك البرامج الثقافيّة بمرونة؟ إنّ أوّل لحظة يقتضيها مُعترك الإصلاح هي إعادة ربط الثقافة بالمعرفة. ودون ذلك سيبقى العمل الثقافي مرتهنا بالفهلوة التّقنيّة

والمهارات الأوّليّة الخام التي لا ترتقي إلى إنتاج القيم وخدمة الرّوح الإبداعيّة وصناعة المعنى ومراكمة الخطاب الثقافي الذي يفترض أن يعبّر عن ضمير المجتمع. اليوم، يرتبط الفنّ بالمعرفة، المعرفة التّاريخيّة والتّجديد الخلاّق أكثر من أي وقت مضى. ذلك هو عنوان كلّ استفاقة مبدعة ممكنة وبطاقة هويّة البلد، وذلك هو أوّل رهان للتّرويج والتّسويق والإشعاع، خارج التّعاطي السّاذج مع التّطوّرات الصّاعقة لمفاهيم الفنّ في العالم وخارج الاختزال الفولكلوري الفجّ الذي ارتهنت به الثقافة في البلاد العربيّة عامّة لعقود من الزّمن قصد مغازلة السّائح الأجنبي وكبح جماح الإبداعيّة لدى الفنّانين وصنّاع الموقف الثقافي.

 

(*) داخل الكتاب تتحدث عن ما سميته بـ”تضخّم الخطاب” مقابل تقلص الفعل الفني، وإن كنت أشاطرك الرأي مع العلم أننا في حاجة ماسة أكثر من وقت مضى إلى هذا النوع من الخطابات ليمارس عيانيته للعمل الفني، وأن يتتبع مسار اختماره وتشكله، ليس فقط كتجربة هامشية، بل كفكر تنبثق عنه جملة من التساؤلات التي قد تسعفنا لإضاءة معالم الفن العربي المعاصر أيام الغموض الذي الذي يكتنف تجاربه والفقر المعرفي الذي تنضح به بعض أقلامه، خاصة في ما يتعلق بتاريخها الفني والجمالي. كيف ترى وتقيم من جهتك كباحث متتبع للشأن الفني العربي واقع الخطاب النقدي العربي في علاقته بالتجارب الفنية في الحالة التونسية مثلاً؟
لا ريب، لقد أولت الحداثة الغربيّة للتّلقي الجمالي منزلة مهمّة فيما وقع الارتباط في ما بعد الحداثة بين نظريّة للتّلقي، ونظريّة للمعرفة، وأصبح النّاظر مهيّئاً للإنتاج المعرفي، حيث أصبح النّظر إلى الأعمال الفنيّة معرفة. و”على العكس من الأفكار السّائدة، لا يكفي أن نرى حتّى نكون في مستوى الحُكم على ما نرى. ذلك لأنّه حتّى نرى جيّداً، يجب أن نعرف، نعرف إلى ماذا ننظر، وكيف ننظر في ما نرى”، معرفة يقتضي أن نباشرها في الفضاء الثقافي الحي بالتّوازي مع المنظومات التّربويّة وسياسات البرامج الثقافيّة… اليوم، في الفنّ المعاصر نشهد فعلاً لتضخّم الخطابات النّظريّة والمفاهيميّة والأفهوميّة (الأنا أفهم) والتّأويليّة والنقديّة بحكم فتح مجال العمل الفنّي على مستطاع إبداعيّة المتلقي والنّاقد…
لكنّ المتلقّي النّاظر في العالم العربي لم يحظ بعد بهذه المنزلة، وما يزال مهمّشاً، نظراً لسلطان منتج الأثر (المبدع)، ومركزيّته، وفي غياب ديناميّة تفاعليّة تربط الفنّان بهذا المتلقي الذي قد يرتقي إلى ناقد ومؤوّل ومنظّر، ينتقل بعمليّة النّظر من مجرّد نظر “إلى” الموضوع الفنّي إلى نظرٍ “فيه”. وكلّ أزمة الفنون البصريّة في العالم العربي هي أزمة نظر وتلقٍّ وليست أزمة إبداع، وهو ما باعد بين حركة الإبداع (التي عادة ما تجري وفق تصوّرات غربيّة للعمل الفني)، وبين ما نسمّيه بالجمهور. بل إنّ كلّ ما يعيشه القطاع الفنّي في العالم العربي من أزمة على مستوى الترويج والتّسويق إنما هو تناسل شرعيّ لأزمة النّظر هذه وغياب ثقافة التّلقي، ما جعل الجمهور الحقيقي للفنّ هم الفنّانون أنفسهم وطلبة الفنون، حيث لم يرتق النّاظر إلى مشارك وناقد ومقتنٍ للعمل الفنّي. ومثل هذا الزّخم الإشكالي الذي يطرحه الكتاب كنت قد أشرت إليه من خلال المعالجة العلميّة التي قدّمها في كتاب آخر صدر تحت عنوان “بُنية الذّائقة وسُلطة النّموذج” (الشارقة 2013)، حيث تعرّضت إلى تغييب النّقاد واستبعادهم من ساحة النشاط

الفنّي سنوات السّتينيات، نظراً لما يشكّلوه من خطر على منزلة الفنّانين الذين كانوا في حالة وئام ومصاهرة مع السّلطة السّياسيّة… وفي كتابي “عمارة الرّؤية…” (تونس 2007 )، واجهت نمط القراءات الآليّة التي كانت تنظر إلى مدينة الفنّان نجيب بالخوجة، رائد التّجريد، بوصفها امتداداً للمدينة العربيّة التي نشأ فيها (حيّ باب الجديد) بتونس، حيث رأى النّاقد الإيطالي ريكاردو أفريني أنّ بالخوجة يرسم المدينة لأنّه وُلد فيها ونشأ… بينما كنت قد سجّلت للتلفزة التّونسيّة وثائقيّاً حول هذا الرّسام يقول فيه “أنا لا أرسم مدينة عربيّة، أنا أرسم لوحات زيتيّة”. فالمدينة اختراع تشكيلي من خلال معالجة منظومة العلامات التشكيليّة، وليست امتداداً لمنظومة العلامات الأيقونيّة. فعديدة هي القراءات التي تستند إلى نظام الأيقنة، ومن ذلك أيضاً ما كتبه النّاقد الفرنسي، بول غيبار، عن لوحات الفنان العميد، علي بن سالم، حيث ربط مجموع الأشكال الزّهريّة وهيئات الشخوص المرسومة بالبيئة التّونسيّة التي نشأ فيها الفنان، المدِينيّة والطّبيعيّة. وهذا تعاطٍ سطحي مع اللوحة، حيث يقع ارتهانها ببطاقة ميلاد صاحبها، وليس العكس. بل إن ما قضاه بن سالم في ستوكهولم أكثر ممّا قضّاه في جنان تونس ورياضها، وقتها. ذلك ما فصّلته في كتاب تشكيل الرّؤية” (تونس 2007).

 

(*) ترى بالاستناد إلى الباحث غيوم ألاري، أن وظيفة الفن التفكير في الفن اليوم، ويجب ألاّ تقتصر على الأعمال الفنية في حد ذاتها، أو عن الآثار التي يمكن أن تنشأ بمقتضاها، بل الأهمية تكمن في مدى”الانعكاس الذي توقده هذه الأعمال في عين الجمهور” وتعني هنا، بما سبق أن تطرقت إليه في أحد بحوثك في تلقي العمل الفني. فإلى أي حد يمكن الحديث عن سوسيولوجيا تلقي العمل أمام مجتمعات عربية ذات حداثة فنية متصدعة لا تزال بعض مجتمعاتها تفتقر إلى ثقافة المعارض الفنية والمتاحف الإثنوغرافية، وغيرها، بسبب الشح الفني والتربية الجمالية، التي تعاني منها؟
أجل، وبعدُ فقد أكّدت على أن الفن اليوم معرفة أكثر من أي وقت مضى… وإلاّ فستجرفنا الثقافات الأخرى التي ما انفكّت تخترق حواسيبنا وطرائق تواصلنا مع العالم. وعلينا أن ننطلق من التّربية. المواد الفنيّة وخاصّة التشكيليّة في مدارسنا الإبتدائيّة والثانويّة مهمّشة… كما ليست هناك إمكانيّات لوجستيّة لتنظيم رحلات مدرسيّة إلى المتاحف والمعارض…

 

(*) أنجزت قبل سنوات بحثاً مونوغرافياً رصيناً بعنوان “عمارة الرؤية في مدينة الرسام نجيب بالخوجة”، وهو من الكتب القليلة جداً داخل المغرب العربي التي تتناول بالدرس والمساءلة تجربة فنان تشكيلي عربي، نظراً للغياب المهول الذي تعاني من البحوث المونوغرافية والتاريخية المتعلقة بالفن العربي. أولاً لماذا نجيب بالخوجة بالضبط، وليس محمد خدة، أو رافع الناصري، مثلاً؟
كنت قد كتبت فعلاً عن ريادة محمّد خدّة، وعمار علالوش، ومعمّر المرابط، من الجزائر، وعن ضياء العزاوي، وشاكر حسن، وحسن عبد علوان، وشنيار عبدالله، من العراق، وأيوب البلوشي، ومحمد فاضل، من عُمان، ومحمّد المليحي، من المغرب، وعلي العباني، وعلي زويك، من ليبيا، وغيرهم من البلاد العربيّة… وبالنّسبة لنجيب بالخوجة، تعلّقت همّتي برفع بعض الالتباسات النّاجمة عن سوء فهم لمسيرته من قبل الكتّاب، وخاصّة في ما يتعلّق بموضوع المدينة التي شكّلت نموذجاً تفسيريّاً لفنّه لا يخلو من سطحيّة. لقد راهنت على أنّ لبالخوجة شخصيّة النّحات منذ تخطيطاته ورسومه الأولى التي لم تُعرض، والتي تفصح عن أنّ هاجس الفنّان كان متجّهاً لرسم شخوص متجاسدة ومتداخلة وفي وضعيات كوريغرافيّة قابلة للتّجسيد النّحتي. لاحظ أن لوحات بالخوجة التي نعتقد أنها تصوّر المدينة تبدو خالية من الشخوص، لماذا؟ بالرّجوع إلى مسار الإبداع لديه تبيّنت أن الفنان لم يكن همّه رسم مدينة، بل رسم شخوص تنبض حياة، وقد استحالت بفعل تحوّلات التشكيل الفنّي إلى أقواس وأبواب ومفردات معماريّة مختلفة. فمدينة الرّسام كانت قد صُنعت من نسيج مُؤسلَب من الشخوص. إنها مدينة أنتروبومورفيّة. وعليه، كان لا بدّ من ترتيب مساره وفق إعادة تهيئة زاوية النّظر. إنّ بالخوجة نموذج عربيّ جيّد في مجال لعبة المُشاكلة بين تشخيص وتجريد، وهو ما يؤكّد مدى الوهم الحاصل في هذه التّصنيفات الجاهزة التي يتبنّاها النّاس آليّاً فيزجّون بفنّانين في التّشخيص، وبآخرين في التّجريد، والحال أن لا وجود لفصل حاسم بينهما.

 

(*) بالطرح نفسه، ما هي المنطلقات المنهجية والفكرية التي أسست مسار اشتغالك على الكتاب؟ ثم ما هي المميزات التي تميز الكتابات المونوغرافية مقارنة بالنقد الفني؟
مثلما جاء في مقدّمات الكتاب، إنّ نجيب بالخوجة ليس رسّاما فقط، أو صانع صور، إنه محور رئيسي ومخصوص في مشروع ثقافي طموح وثري، ساهم في رسم ملامحه جيل من الرسامين التونسيين الشباب منذ أواسط الستينيات، وسعوا إلى تنشيط الضمير الإبداعي والمعرفي، وتطوير رهانات المرحلة ممارسةً وخطاباً…
إنه رؤية جديدة للفن في علاقته بالزمن والمجتمع والحياة. وهو موجة ثقافية مُجدِّدة ومتوثبة، أخصبت تاريخ النشاط التشكيلي الراهن في تونس لأكثر من أربعين سنة… موجة ذات عطاء جزيل، ومن الخصوبة بمكان بحيث لا تزال تُلقي بضفافها داخل أقاليم الإنتاج الإبداعي الأكثر حداثيـّةً، وتغذي أسئلة التفكير الجمالي الأكثر راهنيـّة…

(*) هل نعتبر “المدينة” في فن بالخوجة برنامجاً جمالياً جاهزاً، من جهة أنها أصبحت آلية بنائيـّة، أو من جهة أنها بمثابة مدوّنة تراثيّة تحتمل نسقًا في النظر والعمل والإيطيقا؟ هل أن عمارة الرؤية التشكلية لدى بالخوجة هي نفسها عمارة “المدينة”، بما تحتمله من بنية للفضاء وبنية للفكر؟ ومن ثمة، هل بتأصيل الشكل داخل مرجعيـّة سوسيو – ثـقافية تتضمّن معنى الهوية، يمكن أن نضمن أصالة العمل الفني واستقلال كيانه الإنشائي؟
ألسنا بهذا التمشي نصهر كون الأنا المبدعة بكل توتّراتها وانفعالاتها وهواماتها ونزقها، داخل كون جمعيّ منظّم، يحدّد بنية الذائقة!

وما عسانا أن نفعل إذا ما صرّفنا أَثَرَ بالخوجة في مقاربات التّمثّل المعاصر للعمل الفنّي من جهة أنه “طريقة لصنع العالم” على نحو ما بدا في عبارة غودمان؟ من الذي يصنع الآخر، المدينة أم بالخوجة ؟ ثم من الذي يسكن الآخر؟ هل المدينة “قرار مكين” وحميم تعتمل فيه الرؤية، أم هي ركام ثقافي يسكن الفنان؟… هل تنبض المدينة من جديد مع النبض الحيّ الذي يجري في حياة الفنان، ويسري داخل حياة الأشكال؟ أم هل نكتفي بأن المدينة لدى بالخوجة مجرد حجّة بنائيّة ونصمت، أو “هيكلاً تشكيلياً”، إذا ما استعرنا عبارة بول كلي؟
لا ريب إن المسألة مشوبة بنوع من الغموض الإشكالي إذا ما تعلّق الأمر بتجربة إبداعية راهنت على تثويـر بنية الذائقة السائدة وساهمت في صناعة جدل ثقافي، ما زال يلقي بضفافه حتى الآن، سواء على مستوى المراس الفني، أو على مستوى الخطاب. ويبدو أن عين المسألة هي كيف يمكن التنسيق بين فعل إنتاج العلامة التشكيلية، وبين فعل إدراكها على مستوى القراءة. فهل تلتقي صناعة العلامة تشكيلياً مع طريقة إدراكها في الفضاء؟

 

(*) تعد تونس أكثر البلدان العربية التي شهدت منذ مطالع سنة 2011 موجة الربيع العربي، الأمر الذي سينعكس ليس فقط على السّياسة وأنظمة الحكم، بل على المنظومة الثقافية، خاصة في مجال الفنون، سواء تعلق الأمر بالتجارب التشكيلية، أو المتون الفيلموغرافية التونسية، التي كانت أكثر الأشكال الفنية التعبيرية على التقاط الحدث. كيف تنظر من جهتك إلى هذا الموضوع، وأعني انعكاس الربيع العربي داخل الفن التشكيلي، إمّا عن طريق تمثل الموضوع والتعبير عنه فنياً، أو التجارب التي لجأت بشكل مباشر إلى الفن لخدمة الثورة؟
الفنّانون هم الفنّانون، قبل الرّبيع العربي وبعده. ويُفترض أن يكون الفنّانون والأدباء صنّاع الحياة في نسغ هذا اليومي المتخشّب، وصنّاع كلّ ربيع، وباعثي الضّوء في سديم العتمة، وليس الفنّان من “يلتقط” الحدث، فالعمل الفنّي هو نفسه حدث. أمّا أن ينتظر الفنّانون ربيعاً جاهزاً ليصطفّوا مدافعين عنه ومبشّرين به فذلك لا يستقيم في أيّ مفهوم ملائم للفنّ. فالفنّ بطبعه ثورة فكريّة وفعل في منظومة القيم السّائدة ودون ذلك سيكون نفاقاً سياسيّاً لا يحتمله أيّ تعريف للفنّ الصّادق. بقي أنّ مفهوم “الرّبيع العربي” الذي صاغه الصحفي صافي سعيد مشوب بالغموض الإشكالي، ويحتاج إلى إضاءة ربيعيّة واضحة، وما يزال صاحب هذا الاصطلاح يتخبّط فيه، وهو أوّل منتقدي هذا الرّبيع. وبعيداً عن شعريّة الرّبيع التي حلمنا بها، وما نزال، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المنطوقات الغامضة هي الصّندوق الأسوَد الذي تخرج منه كلّ الأفاعي. ولن أفصّل.

 

(*) على سبيل الختم، فاز كتابك “بنية الذائقة وسلطة النموذج في ظاهرة الاقتناء الفني العربي” سنة 2013 بجائزة الشارقة للنقد الفني، لكن عن أي ظاهرة اقتناء نتحدث هنا، وهل بات للفن العربي سوقاً ومؤسسات فنية ترعى أعماله، كما هو الشأن في المؤسسات الفنية الغربية؟
هذا الكتاب هو بمثابة ورقة عمل مستقبليّة للسّياسات الثقافيّة الممكنة في ربوعنا العربيّة من أجل مباحثة السّبل الكفيلة بتنشيط سوق فنيّة في الأقطار العربيّة مبنيّة على المعرفة الجماليّة، سوق تقوم على تضافر جهود الفاعلين في المجال الفنّي من تشكيليّين ونقاد ومنظمين ومؤسّسات وإعلاميّين ومجمّعين ومتحفيّين ومؤرّخين وناشرين… ضمن مقاربة متماسكة العناصر مع الإفادة من التّجارب البارزة في العالم. سوق تقوم على المعرفة والخبرة، وليس على النّزوات والأهواء والمصالح الرّبحيّة الضيّقة، وعلى الزّيف والمغالطة… وهذا لا يتمّ إلاّ بنشر الثقافة الفنيّة، بدءاً بالمدارس، ضمن مقاربة أخرى تربويّة. نحن في طور التّأسيس، وكلّ تأسيس يجب أن ينطلق من التّربية، في اتّجاه مستقبل يتيح المجال لقيم الإبداعيّة.

الدكتور خليل قويعة حالة فريدة داخل الساحة التشكيلية التونسية، فهو،…
حول موقع الويب هذا

alaraby.co.uk
الدكتور خليل قويعة حالة فريدة داخل الساحة التشكيلية التونسية، فهو،…
أشخاص قد تعرفهم

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.