آيات جودت

نادرا ما يوجد شخص لا يحب تناول الشوكولاتة بأي شكل من أشكالها، فربما يفضلها بعضنا داكنة تحمل طعم الكاكاو، وآخرون يفضلونها مطعمة بالحليب، وهناك من يحبون تناول الشوكولاتة البيضاء المصنوعة من زبدة الكاكاو بلا مسحوق كاكاو. كانت الشوكولاتة منذ زمن بعيد ملازمة للحظات السعيدة في حياة الناس.

لكن هناك جانب غير مرئي لهذه السعادة، وهو جانب تعيس يمثل أساس هذه الصناعة الضخمة، حيث يباع الأطفال في أفريقيا لمزارع الشوكولاتة، ويبدؤون في العمل بأيديهم الصغيرة لاستخراج حبوب الكاكاو، يضربون ويهانون ولا يحصلون على أجر، وأحيانا يموتون من الإهمال وظروف العمل القاسية.

لذا وفي اليوم العالمي للشوكولاتة الذي تم اختياره ليكون في السابع من يوليو/تموز، وجب الاهتمام بهؤلاء المخفيين في الظل، الذين اهتمت بهم هذه الأفلام الوثائقية.

الجانب المظلم للشوكولاتة (The Dark Side of Chocolate)
يتتبع الفيلم مسار الشوكولاتة من النهاية إلى البداية، حيث يبدأ في معرض للشوكولاتة بألمانيا، وهناك يتم سؤال المسؤولين عن شركات الشوكولاتة إن كانوا يعلمون بشأن انتهاكات الأطفال في أفريقيا فينكرونها جميعا، ثم يسافر الفيلم إلى ساحل العاج التي تنتج حوالي نصف الإنتاج العالمي من الكاكاو بكاميرا سرية مخبأة للوقوف على حقيقة هذه الانتهاكات.

وينتهي الفيلم في سويسرا حيث كان يعرض مشاهده المصورة بأفريقيا على موظفي الفرع الرئيسي لشركة نستله.

الفيلم من إخراج وتحقيق ميكي ميزتراتي ويو روبرتو رومانو، وإنتاج عام 2010، أي بعد حوالي 10 سنوات من وضع بروتوكول هاركين-إنغل، الذي يهدف إلى الحد من الممارسات اللاإنسانية تجاه الأطفال في صناعة الكاكاو والشوكولاتة.

أطفال الشوكولاتة المستعبدون (Chocolate’s Child Slaves)
الفيلم من إنتاج شبكة “سي أن أن” وهو تحت مظلة مشروعها للمناداة بالحرية وإنهاء العبودية في العالم، وهو من تحقيق وإخراج ديفد ماكنزي وبرينت سويلز، وإنتاج عام 2012.

يتتبع الفيلم رحلة أفقر الأطفال في العالم منذ أن يتم بيعهم في محطات الحافلات في مالي، ودخولهم بطرق غير قانونية إلى ساحل العاج، حيث يعملون في مزارع الكاكاو منذ سن صغيرة للغاية دون أن يتلقوا أجرا على العمل أو يروا أهلهم مرة أخرى.

السهولة الشديدة التي استطاع بها الصحفيان القائمان على الفيلم الوصول لمزارع الكاكاو والتحدث مع المزارعين، أثارت الكثير من الشكوك حول مصداقية ادعاء كبار مصنعي الشوكولاتة بأنه قد تعذر عليهم الوصول إلى 97% من العاملين في مجال زراعة وحصد أشجار الكاكاو من أجل محاولة تحسين أوضاعهم، وربما تتحول هذه الشكوك إلى قناعة راسخة مع نفى كل المزارعين الذين ظهروا في الفيلم أن أحدا تحدث إليهم بشأن حقوقهم وحرياتهم سواء من الحكومة أو شركات الشوكولاتة أو المنظمات العالمية.

اقتصاد الكاكاو (Cocoa-nomics)
فيلم آخر من إنتاج شبكة “سي أن أن”، وهو يتبع فيلمها الوثائقي السابق بعامين أي عام 2014، وفيه يسافر المراسل الصحفي ريتشارد كويست إلى ساحل العاج، وهذه المرة من دون كاميرا سرية، ويجري المقابلات بشكل علني مع المزارعين الكبار في السن والأطفال، ويشرح كيف يمكن لهؤلاء الفقراء الذين لم يتذوقوا الشوكولاتة طوال عمرهم أن يكونوا هم أساس صناعة تقدر بـ110 مليارات دولار.

لا يكتفي كويست هذه المرة بمقابلة المزارعين، بل يحاور خوسيه لوبيز مساعد الرئيس التنفيذي لشركة نستله ورئيس وزراء ساحل العاج دانيال دونكان وعدد من المسؤولين عن المنظمات العالمية وصناع القرار، محاولا فهم ونقل أسباب عدم حل هذه المشكلة حتى الآن.

الشوكولاتة المظلمة (Shady chocolate)
يعود ميكي ميزتراتي مجددا إلى غانا وساحل العاج من أجل معرفة حقيقة ادعاءات شركات الشوكولاتة الكبرى، والتي تتمثل في احتواء مشكلة عمالة الأطفال غير القانونية والاتجار بهم، بالإضافة إلى توفير الرعاية الصحية لهم وإلحاقهم بالمدارس التعليمية شأنهم شأن كل الأطفال في العالم، كما تزعم شركات الشوكولاتة في دعاياتها أنه الآن أصبح من الممكن تناول الشوكولاتة دون الإحساس بالذنب.

ولكن ما يراه ميزتراتي في أفريقيا لا يعكس المزاعم الوردية التي يصرح بها المسؤولون عن صناعة الشوكولاتة، وأن الوضع لا يزال بالسوء السابق نفسه، وأنه لا يجب الثقة في الدعاية الكاذبة التي تطلقها أبواق هذه الصناعة.

توني ومصنع الشوكولاتة (Tony and the Chocolate Factory)
على غير المعتاد فيما يخص الشوكولاتة، فإن هذا الفيلم الوثائقي يحمل بصيصا من النور والأمل، فهو يحكي مسيرة ثلاثة من الصحفيين الهولنديين الذين تأثروا بالحقيقة وراء صناعة الشوكولاتة واستخراج الكاكاو، والتي انتشرت في بداية الألفية الثانية، ورغم أن شركات الشوكولاتة وقعت بروتوكول هاركين-إنغل الطوعي، فإن أحدا لم يلتزم بالفعل بما جاء في هذا البروتوكول من الحفاظ على إنسانية العاملين في هذا المجال.

لذا قرر هؤلاء الشباب مخاطبة شركات صناعة الشوكولاتة بأنفسهم، وعندما فشلوا في إقناعها قرروا أن ينتجوا هم أول شوكولاتة لم تصنع بالعبودية، وبالفعل نجحوا في ذلك عام 2007 من خلال الشركة التي أسسوها باسم “تونيز شوكولونلي”، وأثبتوا أن الأمر ممكن تحقيقه، وحافظوا منذ ذلك الوقت على عهدهم بأن يدفعوا الأجور المناسبة للمزارعين، وهو ما جعلهم شركة الشوكولاتة الأولى في هولندا.

المصدر : الجزيرة

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.