بعد النجاح الذي شهدته روايتها الأولى “محادثات مع الأصدقاء”، عادت لنا من جديد “سالي روني” ذات الـ28 عامًا مع رواية “أشخاص عاديون” Normal People بنهاية عام 2018 لتُشعل مواقع التواصل الاجتماعي وعلى وجه الخصوص موقع إنستغرام، ففي أبريل/نيسان الماضي 2018 شهد موقع إنستغرام عددًا هائلًا من الصور الخاصة بالرواية، لتصبح “ترندًا” مشهودًا.

وصفتها صحيفة “الغارديان” The Guardian بكونها: “كاتبة جيل السناب شات”، بينما وصفتها “فوكس” Vox بكونها “كلاسيكية المستقبل”، وأنه “من الصعب منافسته كالكتاب الأفضل لهذا العام”.

فمن سالي روني؟

صورة

سالي روني Sally Rooney هي كاتبة آيرلندية، ولدت في 20 من فبراير 1991، نشرت روايتها الأولى “محادثات مع الأصدقاء” عام 2017، وتبعتها بروايتها “أشخاص عاديون” نهاية عام 2018.

درست سالي اللغة الإنجليزية في كلية “ترينتي في دبلن” Trinity College Dublin، وحصلت على لقب باحثة عام 2011، لكنها لم تكمل درجة الماجستير في السياسة، بل أكملت شهادتها في الأدب الأمريكي بدلًا من ذلك.

بدأت سالي الكتابة في وقت مبكر من حياتها، فأنهت روايتها الأولى في سن 15 عامًا، لكنها وصفتها بالقمامة، لكنها ظلت تكتب باستمرار، وفي عام 2014 كتبت روايتها محادثات مع الأصدقاء Conversations with Friends  في ثلاثة أشهر، بينما كانت لا تزال تدرس للحصول على درجة الماجستير في الأدب الأمريكي.

نُشرت الرواية الأولى عام 2017، عن دار نشر “فابر آند فابر” الإنجليزية Faber and Faber، لتُباع في أكثر من 12 دولة، وتُرشح لجائزة “ديلان توماس الدولية” Dylan Thomas Prize لعام 2018، وجائزة “فوليو” Folio لعام 2018، ثم بروايتها “أشخاص عاديون” Normal People بنهاية عام 2018.

“أشخاص عاديون”.. هل هم عاديون حقًا؟

صورة

“معظم الناس يمضون حياتهم بأكملها، دون الشعور حقًا بهذا القرب من أي شخص”، “أشخاص عاديون” سالي روني.

نشرت روني روايتها الثانية في سبتمبر 2018، أيضًا عن طريق دار النشر ذاتها “فابر آند فابر”، وتدور أحداث الرواية عن استكشاف روني لتاريخ علاقة بين الشخصيتين الرئيسيتين.

وصلت الرواية للقائمة الطويلة لجائزة الـ”مان بوكر” Man Booker لعام 2018، كما فاز العمل بجائزة “الرواية الأيرلندية للعام” في حفل توزيع الجوائز الأيرلندية للكتاب، كما حصل على جائزة “كوستا” Costa Book Award لأفضل رواية، ووصلت للقائمة الطويلة لجائزة “ديلان توماس” لعام 2019، و”جائزة النساء للأدب” Women’s Prize for Fiction  لعام 2019، وصُنفت الرواية في المرتبة الـ25 على قائمة “الجارديان” كواحدة من أفضل 100 كتاب في القرن الحادي والعشرين The Guardian.

بينما تُحَوَّل الرواية الآن إلى مسلسل مشترك من إنتاج BBC ومنصة Hulu، وستُصور الأحداث في “دبلن”، بإخراج المخرج الأيرلندي “ليني أبراهامسون” Lenny Abrhamson.

تتناول الرواية علاقة بين اثنين من المراهقين في آيرلندا أوائل عام 2010، “ماريان” الفتاة الغنية غير المحبوبة وينظر لها الجميع باحتقار، و”كونيل” الشاب اليافع المحبوب من الجميع، الفقير الذي تعمل والدته خادمة في منزل “ماريان”، تنشأ علاقة حب سرية بين المراهقين، تلك السرية تقترحها ماريان عندما تلاحظ تردد كونيل الذي يخشى من نظرة زملائه له. المشكلة لا تكمن في تلك العلاقة السرية، بل في تقبل ماريان لها التي تظن أنها تستحق ذلك النوع من العلاقة السرية لوجود خطأ ما فيها.

تنقطع تلك العلاقة بعد انتهاء المرحلة الثانوية، ثم يعودا ليلتقيا مرة أخرى في الكلية، وقد تبادلا الأدوار، فأصبحت ماريان الفتاة المشهورة التي تمتلك أصدقاء، بالإضافة إلى ثروتها التي تعطيها امتيازًا، بينما كونيل مجرد فتى فقير بلا أصدقاء، ملابسه رثة مُتجاهل، وتعود علاقتهما مجددًا بشكل سري، ويستمر الانفصال أيضًا؛ لتبدأ ماريان في سلسلة مواعدات سيئة، بينما كونيل يواعد أيضًا فتاة يظن أنها تناسبه.

خارج علاقة ماريان وكونيل نجد أن جميع الشخصيات مسطحة، فماريان محاطة بأشخاص وهميين، أصدقاء من ورق، ساديين، دون سمات حقيقية توضحهم، بينما كونيل محاط بنساء مملات، في كثير من الأحيان يكون انفصال ماريان عن كونيل بسبب سوء فهم أو عدم تحدثهما بشكل واضح وقول ما يرغبون في قوله حقًا.

العلاقة بين ماريان وكونيل علاقة مُستهلِكة، لذلك فهي تقضي على أي شيء حولهما تقريبًا، نحن نعرف شذرات من هناك وهناك عن حياتهما العائلية، نعرف أن ماريان تملك عائلة تُسيئ لها، وأن كونيل يعامل والدته بجفاء، لذلك كل شيء خارج نطاق علاقتهما يصبح مسطحًا وأقل إثارة، إذا تجنبنا أنه لا يوجد شيء مثير من الأساس فيما يخص علاقتهما، إنها مجرد علاقة من الكثير من العلاقات التي نراها في وقتنا الحاليّ بأشكال مختلفة، إنها نتاج ما فرضه علينا الواقع، تلك الأقنعة التي بتنا نلبسها يومًا بعد يوم، لا نستطيع البوح بما نريده حقًا، لأن ذلك لن يكون مناسبًا لمن حولنا أو لمظهرنا أو ما نظنه عن أنفسنا أننا حقًا لا نستحق أن نكون سعداءً.

الكلاسيكية المستقبلية

صورة

هل نستطيع حقًا أن نقول إن رواية “أشخاص عاديون” كلاسيكية المستقبل؟ إنها إلى حد ما تُذكرنا بأعمال “جين أوستين”، تلك المواقف المتتالية التي تحدث بين البطل والبطلة، سوء التفاهم الذي يمكن ببساطة أن يُتجنب إذا أفرغ كل منهما ما بقلبه، إنه ذلك الشعور الذي يجعل القرَّاء يرغبون بالدخول إلى صفحات الرواية وخنق البطل والبطلة بسبب غبائهما المستمر.

رواية “أشخاص عاديون” تُظهر بشكل واضح العلاقات المضطربة التي يمر بها الجيل الحاليّ، إنها تعكس تأثير الأوضاع الاجتماعية والأصدقاء والعائلة على الخيارات الشخصية، على ما نرغب أن نكون عليه لكننا لا نستطيع حتى لا نخيب آمالهم أو نتعرض للسخرية أو نصبح منبوذين، لذلك بإمكاننا ببساطة أن نتخلى عن عواطفنا كي نحظى بأشياء نعطي لها قيمة أكثر من أنفسنا، وهذا ما قدمته سالي روني، إنه تمثيل لذلك الجيل، لتلك الفترة التي كُتبت فيها.

إن موضوعات مثل الحب والتردد والأنانية تؤثر في معظمنا، وإن كانت هناك العديد من الروايات التي تُنشر في تلك الموضوعات إلا أنها تختلف تمامًا عن رواية روني، ويعود ذلك إلى أن “أشخاص عاديون” رواية حقيقية وصادقة، تعكس قبح وحلاوة تلك العلاقة العاطفية.