معاً كنا من جيل المجدّدين الأوائل

نقولا النمّار

نقولا النمّارالبارحة كان أحد رفقاء العمر شفيق عبّود، واليوم رفيق عمر آخر، عارف الريس، وفريد عواد وميشال بصبوص قبلهما، هؤلاء الرفقاء الأحباء من عناصر جيلنا، جيل المجددين الأوائل للحركة الفنية اللبنانية، اختطفتهم يد القدر واحداً تلو الآخر، كأن عواصف الخريف تهبّ قبل أوانها وتعرّي الطبيعة من جمال خضارها.
عرفت عارف الريس في مطلع الخمسينات في باريس، وكان قادماً لتوّه من أفريقيا ليقيم معرضاً، فغيّرت باريس كل توجهاته ولم يُقم معرضاً ولم يرجع إلى أفريقيا ونشأت بيننا علاقة محبة وأخوة واستمر برفقتي مدة طويلة نتردد معاً إلى الطبقة السفلية من متحف اللوفر نرسم دراسات عن منحوتات تعود إلى حضارة بلادنا الغابرة، وكان غالباً ما يتردد إلى محترفي ونعمل معاً، وقلّما لم نجتمع، إلى أن أتعبته باريس ورجع إلى أفريقيا حيث رافقته إلى سلم الباخرة في مرسيليا، إنما لم يغب طويلاً وفوجئت بعودته مجدداً إلى باريس متعباً من أجواء أفريقيا. ثم كانت العودة إلى الوطن فتلازمنا باللقاء الدائم وكان المشوار الطويل. كان دائماً إلى جانبي، وكان إلى جانبي لدى تأسيس جمعية الفنانين، وكانت أواصر الصداقة تغطّي أواصر الزمالة، وأذكر للمناسبة انه يوم كانت مرشحاً لرئاسة الجمعية قدم ترشيحه ضدي، ولدى فرز الأصوات تبين أنني حصلت على أصوات كل الحاضرين، ولم يكن عددنا كبيراً، فنظرت إلى عارف متسائلاً فضحك وقال لم أصوّت لنفسي واتفقت مع الزملاء لجعل انتخابك بالإجماع. هذا هو عارف الريس النقي المخلص المحب الذي تركنا فجأة، ربما إلى عالم أفضل تاركاً أعمالاً فنية مهمة تحتل موقعاً مرموقاً في تراث الوطن.

***

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.