عارف الريّس المغادر مقعده الرياديّ في الحركة التشكيلية اللبنانية والعربية

عارف الريّس

الرحّالة المتعدّد في جغرافيا اللون المفخّخة كأنّ لعَيْنه ألف عين وملامح لا تُحدَّد

خام وفج عارف الريس واستفزازي في روح صدامية وشرس وأكول. كأنه في إجازة من طفولة تسكنه باستمرار وتطل هنا وهناك مثل قنديل في عاصفة، وهي فيه مثل ظله حتى عندما يتمثل العنف بأقوى ملامحه.
وبسيط ووديع، وبريء أولا، وأحيانا كأنه هنا للآخرين. وكرم على درب وان بدا كأنه يريد أمرا. وكمن يمنع عن نفسه الراحة. محترف تأزم عارف الريس.
ملامح له يصعب تحديدها لأنها محملة في معظم الأحيان بالشيء وعكسه. بالقهقهة والانشداد، باللباقة والحدة، بالطراوة والعنف.
وجريء حتى التهور، محرض لا يخشى التخريب، ومتطرف بامتياز، أي من طينة الذين لا يهادنون. ودائما في الأماكن التي كأن لا أماكن بعدها، رحالة في جغرافيا مفخخة عارف الريس، ويرى كأن لعينه ألف عين.
والغريب أنه كل ذلك وأشياء أخرى. وفيه أكثر من صورة لرجل مصنوع من رجال. متعدد، لكنه معقود على جذع صلب، كأنه يعيش زلزالا لعنف في إيقاع مزاجي فلا تجده مرة في مكان تركته فيه. كأني عرفت أكثر من عارف في عارف الريس، ولم اشعر يوما بأني اجهل الرجل.
وان فاجأني الفنان باستمرار كمن تسكنه رغبة حمراء في تفجير رتابة لرجة ترافق المجريات مثل ظلالها. وغرائزي إلى انزلاقه إلى شبه فوضى تفرقه في أجواء قصور حرية متفجرة. وتهجمي حتى مزاولة شبه إرهاب ايجابي على من في حلقته. ويطل دوما على أصدقائه والآخرين كأنه فوق منصة.
ولم ينس عارف الريس يوما انه حلم ذات مرة بمزاولة فنون كثيرة حتى كاد يصبح ممثلا إيمائيا، قبل أن يندمج في زخم شبه هذياني في المغامرة التشكيلية اللبنانية ثم العربية. وعلى امتداد نصف قرن رأيته يتحرك مثل زيح معقود على الغضب، ومشدود على الاتهام ومضغوط كوتر، إذ اعرف له رسوما تترك جرحا في العين، وألوانا تذوب كالرغبات في الذاكرة، ليبدو منحازا بامتياز إلى أشياء وصفتنا جميعا من الخمسينات إلى اليوم، نحن الرحالة في وطن عربي وعدنا بكل شيء وأعطيناه كل شيء، ونحاول اليوم أن نلملم صورتنا.
صورة رعيل من رموزه عارف الريس.
صورة رعيل آمن وواجه وكان له أن ينتصر.
نزيه خاطر

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.