ما الذي يجعل من الصورة عملا فنيا جميلا؟
متى يكون المصور فنانا لا مهنيا؟

أولا قبل أن نجيب على هذا السؤال علينا أن نعرف الفن بأنه حرفة تقديم الجمال أو التعبير الجمالي و عليه يجب أن نحدد طبيعة الجمال فهناك الجمال المقبول تبعا للعرف و التقاليد و الرأي العام و الموضة السائدة و التيارات الثقافية و السياسية و حتى الدينية و هو متغير بتغيرها وهناك الجمال المطلق أو الجمال العام هو ما تقبله النفوس جميعا دون تأثر بعوامل خارجية و هو أمر لا ضد له فما حدد جميلا لا يمكن أن يكون قبيحا و ماحدد عكس ذلك كذلك، و لفهم الفرق بينهما أطرح مثالين:

الجمال المقبول عرفا:
كانت النساء الجميلات في عيون العرب هن البدينات عريضات الورك و سبب هذا الإعجاب يعود إلى الأعراف و التقاليد و غريزة البقاء فالمرأة ذات الورك العريض يكون حوضها اكبر و بالتالي هي أقدر على الحمل و الإنجاب و تطورت هذه الفكرة مع الوقت لتصبح مبطنة ضمن قيم جمالية نالت فيها البدينات الحظوة و مع تطور العلم و الطب و تغير الأزمان فقدت البدينات مكانتهن لتحل محلهن النحيلات و ذلك بعد تغير النظرة للمرأة و عملية التوالد و ما إلى ذلك.

الجمال المطلق:
الغروب – الورود – الابتسامة … سم ما شئت هي أمور جميلة لأننا نقبلها في نفوسنا كبشر و هي أمور لا ضد لها فلا يوجد غروب جميل و غروب قبيح بل فقط غروب جميل.

مالذي يجعل الصورة عملا فنيا؟
بكلمة واحدة … الرسالة
إن أي صورة تؤخذ لما سميناه جمالا طبيعيا أو جمالا مطلق تعتبر مقبولة في جميع النفوس و بذلك تجد لها صدى واسعا حتى لو لم تكن ذات تكنيك عال أو رسالة و هنا يمكن أن نسميها بمسمى التصوير الصحيح ألا و هو التعكيس حيث يقوم المصور بعكس مشهد ما بحرفية عالية على سطح ما ( فيلم – بللورة – حساس ) و بهذا تنحصر القيمة للعمل في كونه انعكاسا احترافيا لجمال مطلق كغروب أو زهرة.
و على النقيض فهناك المصور الذي يخلق المشهد بعناصره و إضاءته طبيعية كانت ام اصطناعية أو حتى مزيجا منهما طارحا فيها رسالة تعبر و تتحدث عن معضلة أخلاقية أو عن تقليد أو عرف أو حتى عن تيار فكري مسخرا كاميرته و أدواته المحيطة و حتى العناصر الجميلة جمالا مطلق لتخرج من إطار كونها جماليات مألوفة إلى كونها رموزا و أدوات للتعبيرعن فكر المصور الذي قد يتعدى ذلك إلى أن يستخدم عناصر قبيحة أو غير موافقة للذوق العام في أعماله مسخرا إياها كأدوات في التعبير الفني تكون في حال أجاد استخدامها أشد تعبيرا و أكثر بقاءاً.

و عليه يمكن أن نقسم الصور الفوتوغرافية إلى صورة تعكيسية تخدم هدف الترفيه و التزيين، و عمل فوتوغرافي فني يقدم رسالة تجعل المتلقي يقف و يفكر في ماهيته و خفاياه جاعلا نفسه مكان المصور في محاولة لسبر أغوار الفكر القابع خلف هذا العمل و الرسالة الموجهة منه و بالتالي إطلاق سلسلة من التفاعلات النفسية و المجتمعية و هو أمر يهدف له كل فنان حقيقي أن يحدث أثرا في المجتمع لا أن يكون مجرد مرفه و مزين.

أما ما يجعل هذا العمل الفني جميلا فهو التكنيك و الحرفة، إذ كما أسفلت يمكن للمصور أن يقوم باستغلال عناصر غير مقبولة اجتماعيا كشخص مشوه أو ورود ذابلة أو فاكهة متعفنة مما يمكن ان يخدش البصر و الذائقة العامة الكلاسيكية و هنا تتصدر الحرفة و التكنيك اللذان يجيران هذه العناصر جميلة كانت أم قبيحة لجعلها تتعدى شكلها و حجمها و طبيعتها وحتى مفهومنا عنها في عمل هادف يوقف المتلقي أمامه و يجعل هذا العمل متفردا عن باقي محتوى الويب الموجود يوميا بالملايين بحيث يصبح ضمن قائمة المقبول نفسيا، و يكتسب بذلك صفة الجميل لأنه أوجد لذاته حاضنة نفسية عند المتلقي قد تخالف أحيانا المعترف به و المعتاد.

الخلاصة:
إن العمل الفوتوغرافي يصبح فنا برسالته و جميلا بتكنيكه و حرفته، و لا غنى لأحدهما عن الآخر فغياب الرسالة يعطينا عملا تعكيسيا خاويا من الداخل و غياب التكنيك يسيء للرسالة، فلا بد من تواجدهما معا مترافقين متوازيين.

على أمل الرقي بالفوتوغراف العربي إلى مرحلة الفن الجميل.
دمتم بكل الود

هيثم فاروق المغربي

ملاحظة:
الصورة المرفقة من أعمالي بعنوان أنوثة معلبة

من هيثم فاروق المغربي

رئيس مجلس ادارة نادي فن التصوير الضوئي السوري مدرب عربي معتمد في الفوتوغراف من أكاديمية اوسان عضو في اتحاد المصورين العرب - مصور محترف عضو الاتحاد العالمي للمصورين المستقلين - مصور صحفي محترف- عضوية دائمة