12311222_958359117538922_694202284926698019_n

الشاعر الكردي #علي_ الحريري والغزل الجميل

الغزل الجميل

الشاعر الكلاسيكي الكردي علي الحريري والغزل الجميل

*الإقرار والإعلان يتحول إلى جمال وقوة وإحساس

جزء / 1

عصمت شاهين دوسكي

علي الحريري

22

الشاعر الكلاسيكي الكردي علي الحريري من الشعراء الكرد الذين ذاع صيتهم في زمنهم الذي أحاطه الضياع والإهمال والظروف السياسية والاجتماعية السيئة التي أحاطت بالشعب الكردي جراء السياسات التي تضعف كل جهد وإشعاع وإبداع ثقافي وحضاري لدى الشعوب القابعة تحت الظلم والظلام الذي كان يتطلع إلى طمس هوية الإنسان الفكرية ورغم التناقضات والتقلبات التي تقيد الأحلام وتضعف شعلة الطموح والحلم والجمال ، نقترب من قصائد الشاعر علي الحريري التي تنتمي إلى موضوعات زمانه ومنها قصيدة الغزل والتصوف ووصف الحبيبة علماً بان الغزل بحد ذاته لديه هو من النوع المسمى بالغزل الصوفي وهو رؤية جمال الحبيبة جزء من جمال الله أو حسب تصوره يرى إن جمال الله متجسد في جمال حبيبته ، ففي قصيدة يخاطب الشاعر علي الحريري حبيبته التي يقال أن أسمها كان ” به ريخان ” يصف قدومها بإحساس مرهف يفضي إلى وصف حاله ” أحسست بقدومك” وعبر وصف دقيق جداً يكشف عن تأثير ” صوت خلاخيل قدميك ” وبذلك يكون الإحساس السمعي يكون أقوى من البصري دليل على مدى الحب واللهفة بحيث يسمع صوت خلاخيل قدميها وهذا التناوب الحسي الذي يطوق الحبيبة بمشاعر وتفاصيل جزئية يكشفها لأنها تخدش الأحاسيس الداخلية الرقيقة .

(( لقد أتيت يا ” به ريزاده ”

على مقلتي عينيً

أحسست بقدومك إليً

من صوت خلاخيل قدميك ))

وما يثير خيال الشاعر علي الحريري هو عالم قوة إحساس صادق نقي وبناء على ذلك فإن طبيعة الحبيبة ليست غريبة فيمكن أن تحلل برؤى مشعة بالجمال والوصف البديع وهي صور قلبية واقعية تبث ثنايا الشوق فإن وجود العاطفة الخارجة من كتمان العاطفة الإنسانية لا بد أن تكشف عن نفسها وربما بطريقة اعتيادية نلاحظ تصميم الشاعر على الإظهار ،إظهار الدلالات والمشاعر معاً ” من صوت سوارك ، طار عقل العقلاء” لتبرز للعيان بعض جزيئات الكامنة جراء العاطفة القوية التي تمنح الجمال والفكر والإرادة التي تحول الجزيئات إلى دلالات حية مؤثرة معلنة لفعاليات نفسية تعبيرية ترتبط بصورة غاية في الإحساس والإعلان ” أعلنت عشرات المرات ، أنت أجمل الجميلات ” فالشعور الداخلي يحتاج أن يبرز ويعلن عن نفسه أما الكتمان يحول هذا الشعور الجميل إلى تدهور وضعف وانكسار وتردي ولما كانت هناك ضرورة للإقرار والإعلان فإنه يتحول إلى جمال وصدق رؤية وقوة .

(( من صوت سوارك الذي في الزند

طار عقل العقلاء

لذا أعلنت عشرات المرات

أنت أجمل الجميلات ))

إن تزود شحنة العاطفة بالمعرفة تندرج وتتغير الصورة فبدلاً إن تكون شاردة ضعيفة تكون جديرة وقادرة على إثبات وجود وتأثير وهذا ليس بالأمر الهين فالشاعر علي الحريري يتمتع بالحب والتحدي والجرأة لكن بموجب المعايير الأخلاقية الذاتية النابعة من نظرة جمالية قدسية راقية ” كنت أجمل من ليلى ” نلاحظ ثمة وشيجة تجمع صور وأسماء معروفة بالجمال والعشق والرؤى الخلابة من خلال تدرج تاريخ طويل من التفاخر الجمالي والعشق للحبيبة ” وأحلى من زليخا ،أنت معادلة ل مم وزين ” هذه الأسس التاريخية الجميلة ” ليلى – زليخا – زين ” تطرح بقوة بل تتضاعف قوتها وهي صور لمعرفة تعاطفية مع الآخر تزودها برؤى جمالية أوسع مضافة تؤثر على الفكر والمشاعر وهو سلوك يمزج الفطنة التي تثير الرؤى الجمالية الجديرة بالشوق والحنان وبين الجرأة الواعية التي هي إحدى علامات الإبداع .

(( كنت أجمل من ليلى

وأحلى من زليخا

أنت معادلة ل مم وزين

قامت ذات الضفائر بنهبي ))

ومهما بلغت درجة الإحساس فإن الشاعر لا يرفض حكم القلب بل يحاول أن يرفض حكم اللا قلب فيجب أن يتوافق الجوهر مع المعتقد والخلق والفكر ” لا أراك تسألين عن أحوالنا ” فإذا كان الأمر مجرد إحساس بدا توضيحه من خلال الصور الشعرية الجميلة ولكن حالة الوعي الذهني يفرض واقعاً خاصاً في محور الإحساس ” بورك لك كرسي الملوكية ” وهي صورة عارضة تنسحب من ارتقاء ذاتي لكن بالإمكان العودة ومغادرة كرسي الملوكية إلى جهة قريبة من الشاعر والمجتمع ” أحوال الفقراء ” تشد أسرها الجمالي للجنس البشري وليس للكرسي والذهب والجواهر التي تنقطع ذات يوم ولا يبقى رابط بينها .

(( يا ذات الضفائر السوداء الفاحمة

لا أراك تسألين عن أحوالنا

بورك لك كرسي الملوكية

فأقتعديه واسألي عن أحوالي الفقراء ))

نلاحظ في هذه القصيدة الغزلية لا تخرج عن الإطار التقليدي للشعر الكلاسيكي الكردي بل الشرقي عموماً لكن الشاعر يملك حساً قوياً عندما يشعر بقدوم حبيبته خلافاً عن حاسة البصر فيكفيه صوت قرقعة وخلخلة خلاخيل أقدامها ليستدل إنها ” به ريزاده ” وليس غيرها وعندما يحس ويسمع ذات الصوت الشجي لا يرى الشاعر مكاناً أفضل من مقلتي عينيه ولكنه ما أن يرى السوار الذي في الزند حتى يفقد توازنه المعهود عن العقلاء  فيبدأ مقارنتها ب ” ليلى حبيبة قيس ، وزليخا عشيقة يوسف عليه السلام ، ثم فكرة مم وزين العاشقين الكرديين المعروفين ” ولا يرى حرجاً في الإفصاح عن كون حبيبته ” به رى ” والتي تعني ” حورية ” أجمل وأحلى وأعذب منهن جميعاً ، ثم تضاد فكرة الملوكية والفقراء رغم كل هذا الإحساس الراقي الجميل . فلا يمكن وضع الشعراء الكلاسيكيين في خانة دون أخرى ففي كل المجالات النفسية والفكرية والأخلاقية لهم دور كبير في عوالمها الجمالية والحسية والإنسانية عامة .

**********************************

علي الحريري

  • شاعر كردي كلاسيكي معروف لامعاً يقف في مصاف المشاهير من شعراء الكرد .
  • ولادته رغم الافتراضات والاجتهادات والبحث الأدبي يؤرخ ولادته في عام 400 هجرية 1010 م من قرية حرير في شمدينان بمنطقة هكارى ( انتماؤه لقرية حرير في محافظة اربيل كردستان العراق ).
  • كان الشاعر يذكر اسمه في أواخر قصائده كدليل على ملكيته لها .
  • في مقالة للأديب عبد السلام ميرزا نشرها في الملحق الكردي لجريدة العراق يوم 19 / 8/ 1987 والمقالة مستلة من كتاب تاريخ الأدب الكردي للبروفيسور ” قه ناتى كوردو ” والكتاب منشور في استوكهولم عاصمة السويد عام 1983 وفي مقدمة المقالة هناك قول منشور للمستشرق ” زابا ” ويشير فيه إلى أن للحريري ديواناً مشهوراً في كردستان ولكن ” كوردو ” يبدي أسفه إلى أنه لم يشاهد هذا الديوان أو يسمع به أو يعرف شيئاً عن مخطوطة الديوان .
  • توفي عام 470 هجرية 1075 م

 

*****************************************************************

كتاب – فرحة السلام – من الشعر الكوردي الكلاسيكي ، دعوة للمؤسسات الثقافية والشخصيات الثقافية المعنية لطبعه ، لعدم إمكاني طبعه .. عصمت شاهين دوسكي ، 07510324549

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

آلان محمد بيري
كوردستان _ هولير
29/4/2013 م
 
أقدم الشعراء الكورد "علي الحريري" images-stories-remot
أقدم الشعراء الكورد “علي الحريري”
(1010_1079)
هذا الشاعر الذي يعود إلى بدايات القرن التاسع الميلادي يعود بنا كما يعود بالأدب و الفلسفة واللغة بتاريخها المشترك إلى عصورٍ كانت تُمثلُ آنذاك بشعرائها وأطبائها وتاريخيها منبع ما دّوِنَ من تراث الحضارة البشرية ….فالتاريخ الذي هو بين أيدينا اليوم …تُحدثنا عن عصرهم و أما ما قبله ما كانت إلا حديث التاريخ عن الأديان و كيفية نشأتها و عن تلك الحروب الدينية الطاحنة بعدما ظهر التناقض الطبقي بين أولئك الوثنيين …عبَدَةُ الجماد و الحياة في الأحجار والأصنام ..وفي الشموس والأقمار والكواكب والنجوم وبين أولئك اللذين خرجوا إليهم على حين غرةٍ داعينا إلى عبادة أحدهم يسمى “الله” وهذا المدعو…له رسله و أنبيائه و مع رسله و أنبيائه قد بعث للبشرية بالكتب المقدسة ( هذا هو ما نشأ عليه الدين اليهودي و المسيحي و الاسلامي فيما بعد و قبلها الديانة الزرادشتية و البوذية) إلا إن ما يهمنا في الأمر إنني أردتُ لفت النظر إلى أنَّ التاريخ في العصور ( التاسع والعاشر و الحادي عشر الميلادية) وما بعدها كان تاريخ تقدم الأدب والفلسفة والفكر مع أن لها أسسها التي بُنيت في عصورٍ سابقة و ازدهارها التي نمت في عصورٍ لاحقة ..وهنا نذكر على وجه الخصوص أقدم الشعراء الكورد اللذين كتبوا بلغتهم الأم ومنهم شاعرنا شاعرُ الصوفية و الحب “علي الحريري”
_ولد الشيخ الحريري في قرية “حرير” التابعة اليوم لقضاء هكاري في تركيا ..في العام 1010 م و توفي فيها أيضاً في العام 1079 م و بما أن التاريخ ….تاريخ الأشخاص مبهمٌ…غير واضح . ولكي نؤكد صحة معلوماتنا المذكورةِ تلك …علينا القول أن عدداً من المستشرقين أيضاً قد تناولوا هذا الموضوع و هذا الشخص على وجه التحديد محددين التاريخ الذي ولد فيه “علي الحريري” ومماته وموطنه الأم و منهم المستشرق و المختص بالتاريخ الأدبي للكورد , الروسي “ألكسندر جابا” في كتابه الذي حمل عنوان
(Recuil de notices et recits Kurds ) وبالرغم من قلة و ضحالة المعلومات التي مصلتنا عن هذا الشاعر إلا إنَّ هنالك العديد من قصائده ( لا دواوينه لأنها لم تُجمع ولم يكن لها عنوانٌ ولا تصنيف) و التي وصلت إلينا سليمة وما يزال معظم نسخها الأصلية محفوظة في الأرشيف الروسي
فالدكتور : “كاميران بدرخان” أيضاً قد ذكر لنا بعضاً من القصائد في كتابه fêrbûna xwendina kurdî المطبوع في فرنسا _باريس 1968 م و نسبها إلى الحريري , وهنالك أيضاً قصائد آخرى نجدها عند الكاتب الروسي الآخر “ألبرت سوسن” في كتابه الذي جاء بعنوان (kurdishe samlingen) المطبوع في روسيا _ بيتربُرغ العام 1887 م
ولعلنا نستخلص من خلال قصائده بشرحها و تفصيلها و إيضاحها أن نصل منطق فلسفة هذا الرجل و أن نعرف مدى الثقافة التي قد وصل إليها فما يهمنا في (علي الحريري) فكرهُ وفلسفتهُ وشِعره وكيف ساهم بل وهو أول من أقدم على بناء صرح الشعر الكوردي باللغة الأم لا معلوماتٍ تتعلق بأكله وشربه وهل تزوج أم لا وإلى أي طبقةٍ اجتماعية ٍ كان ينتمي .
فدعونا قليلاً نُبحر معاً …..في فكر شاعرنا “علي حريري” نشاركهُ خيالهُ و عاطفته المؤمنة
وهذه إحدى قصائده و التي تصلحُ لنمذجة الشعر الكوردي الذي ظهر فيما بعد وتطور و ازدهر
ger hûn bibînin nalê eşq
tenê li bom zarî dikin
her kes bizanêt halê eşq
bi hîle dijwarî dikin
bi halê eşq bexîl bibûm
her dem di dem zelîl dibûm
bê rêh û bê delîl dibûm
her kes bi xemxwarî dikin
أولاً وقبل كل شيء نجد أن القصيدة مكتوبة باللهجة الكورمانجية و التي يتكلم بها ما نسبتهم 60% من أكراد العالم …وقد تناولت موضوعاً وجدانياً هو “الحب” وهي قصيدة موزونة مُقفى كلاسيكية بُنيتْ على أساسٍ ثُماني , والأساس الثُماني أو السُداسي أو الخُماسي ما يعني في القصيدة الكوردية…بأن الشاعر يحدد عدد الأحرف الصوتية و هي (a , e , ê , i , î , o , u , û ,) في القصيدة ومن الشطر الأول من القصيدة إلى الأخير يكون مجموع الأحرف الصوتية في شطرها الأول مساوية للأحرف الصوتية في جميع الأشطر التي تبني القصيدةَ نفسها وهكذا و مهما كان حجمها .
وبعيداً عن قوانين الشعر و تقاليده ..دعونا نُبحر و نتعمق محتوى العُمق في القصيدة لعلنا نخرج بالمغزى و ما يريد الشاعر قوله , فرجلٌ يعود إلى أكثر من ألف عام ليس من المعقول إنه عندما فكر بالكتابة …كتب كلاماً فارغاً أو إنه اتخذا من الكتابة لهواً بالكلمات ..إذاً فالقصيدة لها فكرتها ولها فلسفتها ….إذ يقول :
” إذا ما رأيتم وجع العشق
لوحدي يكون هو الوجع
وإذا ماعرفا كل واحدٍ حالة العشق و ظروفها
حتماً يجعلون بالأحايل تلك الظروفَ و الأحوالً قاسية “
” وحينما صرتُ عاشقاُ …غدوت بخيلا
وفي كل وقتٍ في وقت كنت أزداد ذُلاً ذليلة
بدون طريقٍ لا ولا دليل …كنت أصير
وكل واحدٍ…يجرب العشق بوجبةٍ من الهموم و الأحزان “
hûn bar mekin xemên di zor
li hesreta werdên di sor
çavê di reş …..bisk têne dor
enya bi nûr…..tarî dikin
enya bi nûr …..zilf têne ser
rengîn dibin şems û qemer
reşmar ji perdanê neder
li erera yarî dikin
و هذين البيتين مع سابقهما يمثلانِ جزءً من قصيدةٍ له حيث يقول في هذين :
” و أنتم..لا تهجروا الهموم القاسية
بحسرة تلك الورود الحمراء
وتلك العيون السوداء..التي تحضنُ لخصلات شعرها كرنفالاً
وبجبهتها ……جبهة النور تلك
أنتم تجعلون العشق سواد “
” تلك الجبهة المنورة …تزورها خصلات الشعر
و يبدوان الشمس و القمر أكثر نضارةٍ و تنوع
و لم تهجُرنا قلادة الصدر
و لكنهم …بنبتةِ العرعرِ
يأتون مقصد وصفهم للحبيبة “
و على ما أظن وصلنا ما كنا نريده فتلك الكثافة الشعرية المُعطاة للكلمات و المعاني والصفات و التشابيه وَلَّدتْ عُمقاً كاد يعمل على ضياع المقصد و المنال و المعنى الجامع و الحقيقي للقصيدة …فالشاعر من جهةٍ يريد لقصيدته أن تكون كلاسيكية (أي أساسها الثُماني ذاك ) و من جهةٍ آخرى يريد للازمته الاستمرار dikin أي “يفعلون” مع أن فكرته جاهزة فما عبَّرَ عنها بالنثر بل و كتبها شٍعراً و فلسفةً و غناءْ هذا جديرٌ بشاعرٍ كبيرٍ مثله.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.