معنى الأرقام العربية

نحاول من خلال الشرح الآتي توصيل فكرة حول الأرقام العربية الأصيلة وهي: ونعتمد عليها في جمبع كتاباتنا، ولكن يعتمد هذا على نوعية المستعرض الذي تستعمله ومدى دعمه للغة العربية، فنظام وندوز الرائع أعطى كافة الاختيارات لنوعية رسم الرقم ، فقد سمى هذه الأرقام تحت اسم الأرقام العربية، وسمى هذه الأرقام :

 

الواقع أن الأرقام العربية المسماة في منطقتنا الخليجية والمشرقية بالأرقام الغربية الإفرنجية ما هي في الواقع والحقيقة إلا أرقام عربية أصيلة (من ضمن ما قاله الدكتور عبد اللطيف جاسم كانو من كتابه – الأرقام العربية نبع الحضارة الإنسانية) .

لقد كان العرب في صدر الإسلام يستعملون الأرقام التي كانت متداولة عند عرب الجاهلية قبل الإسلام وهي : حساب الجمّل : انظر إلى التفاصيل الكاملة لحساب الجمّل بالضغط هنا لزيارة هذا الرابط .

المسلمون والأرقام :

لقد جاء الإسلام ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، وجاءت الآيات القرآنية الكريمة لتؤكد على على مكانة العلم والعلماء ، ومن بين هذه الآيات الكريمة ما جاء في قوله تعالى :

( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (المجادلة: من الآية11)

فتعلم المسلون العلوم ونبغوا في العديد منها وطوروها واوجدوا علوما جديدة تناسبهم لم تكن موجودة من قبل . وقد اهتم المسلمون بعلوم الحساب والرياضيات ، واخترعوا الجبر وطوروا الهندسة وأوجدوا الأرقام والأعداد العربية المناسبة التي تؤهلهم لأن يقوموا بالعمليات الرياضية والحسابية بيسر وسهولة ، فكانت هذه الانطلاقة العلمية الهائلة هي إحدى ثمار هذا التقدم الحضاري الرائع الذي عاشته الإنسانية تحت راية الإسلام ، فكانت النتيجة الهامة في العصر العباسي حيث أوجد المسلمون الأرقام العربية الجديدة ، بدلا من الأرقام الأبجدية المتداولة آنذاك فطوروها وهذبوها وأدخلوا عليها الشكل المناسب فأوجدوا بذلك في هذه الفترة الهامة من التاريخ الإسلامي نظامين جديدين للأرقام والأعداد استعملا في العالم الإسلامي منذ ذلك التاريخ ، وفي جميع أنحاء العالم فيما بعد .

 

نظامان للترقيم :

لقد ابتكر العرب المسلمون واستعملوا في العصر العباسي نظامين عربيين للترقيم هما : الأرقام الهوائية ، والأرقام الغبارية . وقد انتشر استعمال هذه الأرقام في الدول الإسلامية آنذاك خلال القرن الثاني الهجري ، وقد طوّر العرب هذه الأرقام ، وهذّبوا معالمها ، وأصلحوا كتابتها ، وحسنوا أشكالها ، فأصبحت آية من الإتقان والضبط والسهولة في الكتابة والقراءة ، وفي هذين النظامين للأرقام اُستعمل الصفر الذي اشتق من دائرة ذات مركز في الوسط ، وقد استعمل الإطار الخارجي للدائرة ليكون الصفر في الأرقام الغبارية . أما الأرقام الهوائية فقد أخذت النقطة المتواجدة في مركز الدائرة لتعبّر عن الصفر .

وقد استعملت الأرقام الهوائية من قبل أبي الجبر والحساب في العالم الإسلامي الجليل محمد بن موسى الخوارزمي في كتابه الشهير (حساب الجبر والمقابلة) (164 هـ – 253 هـ) في عهد الخليفة المأمون ، وقد سميت هذه الأرقام كذلك بالأرقام الهندية أو الأرقام الخوارزمية ، وهي الأرقام المستعملة في المشرق العربي وبعض البلاد الإسلامية ، أما الأرقام الغبارية فهي الأرقام العربية المستعملة في المغرب العربي والأندلس إبان الحكم الإسلامي ، وانتقلت إلى أوروبا والغرب عبر البلاط البابوي في روما ليُطلق عليها هناك اسم (الأرقام العربية  Arabic Numbers) ، ولكننا في المشرق العربي نطلق عليها خطأ اسم (الأرقام الغربية أو الأرقام الأفرنجية ، ومهما يكن من أمر فإن النظامين المتبعين في المشرق والمغرب العربي يرجعان إلى أصول عربية واحدة أُستعملت جميعها بإتقان ومعرفة تامة منذ النهظة العلمية للفكر الإسلامي .

لقد سميت الأرقام الغبارية بهذا الاسم لأنها كانت تُ تكتب في القديم على طاولة أو على لوحة تكسوها طبقة خفيفة من الرمل ، وقول آخر يقول :

(وأصل التسمية –  الغبار – لا يرجع كما يقول بعضهم إلى نشر الدقيق أو الرمل والكتابة فوقه , وإنما هو مشتق من غبر بمعنى مضى ، ولهذا يسمى خط الغبار أو خط الجناح) .

أما الأرقام الهوائية فقد سميت بهذا الاسم لانها كانت تُـعد وتُـحسب في الذهن .

 

مزايا وسهولة الأرقام العربية الغبارية وأيضا الهوائية :

لا بد من وقفة سريعة للتحدث عن مزايا الأرقام العربية الغبارية منها والهوائية على حد سواء ، إن هذه الأرقام العربية مكونة من عشرة أشكال بسيطة بما فيها الصفر ، ويمكن تركيب وكتابة أي عدد منها مهما كان كبيرا من هذه الأرقام والأشكال العشرة ن وهذه الميزة أعطت السبق للأرقام العربية بنوعيها على الأرقام على الأرقام الرومانية أو الارقام المكونة من أشكال وحروف عديدة ، وكذلك على الأرقام اليونانية ، أو الأرقام العربية القديمة المرتبطة بحساب الجمّل والمكونة من مجموع الحروف الأبجدية ، كما أن الأرقام العربية سهلة الإستعمال والتركيب والكتابة ، ويمكن فهمها وكتابتها بسهولة تامة وبدون عناء أو صعوبة، وقد جعلها طابعها المنطقي البسيط : سهلة التعليم، ميسرة الفهم ، مطواعة، جميلة الشكل والتناسق . وهي صالحة للنظام العشري ولجميع العمليات الحسابية والجبرية والرياضية التي لم يكن ممكنا القيام بها بدون الأرقام العربية المبسطة، وهذا بطبيعة الحال مكن الأرقام العربية من التحول إلى أرقام عالمية مستعملة في الشرق والغرب والعالم المعروف، وهي أداة علم وتقنية رفيعة بدونها لم تصل الإنسانية إلى ما وصلت إليه من علوم وتطور ورقي وازدهار ناهيك عن سهولة التعامل مع الحاسوب والآلات الرقمية بمختلف أنواعها.

 

اخترنا لكم 10 نماذج فقط من مآت النماذج  تُـظهر جمال الأرقام العربية :

 

الأرقام العربية الغبارية وعلم الزوايا :

 معلوم أن العرب هم الذين ابتكروا الرقم (صفر) وهذا بحد ذاته فتح الآفاق الواسعة أمام علم الأرقام والعدد والرياضيات ، كما وأن الأرقام العربية المستخدمة الآن هي بالأصل أرقام هندية ، بينما الأرقام الإنجليزية المستخدمة دوليا عي أصلا الأرقام العربية التي اكتشفها المسلمون بناء على طريقة الزوايا ، إذ يمثل كل رقم رسما توضيحيا يعتمد على زوايا تقابل ذلك الرقم ، فالعدد (1) يمثل زاوية واحدة ، والعدد (2) يمثل زاويتين ورسمه الأصلي يشبه الحرف  Z  إلا أنه حرّف إلى شكله الحالي ، والعدد (3) كذلك وهلمّ جرّا . . . إلى أن نصل إلى العدد تسعة وهو مكون من تسع زوايا كما هو مبين بالشكل أدناه لمواقع الزوايا لكل رقم غباري عربي ، ولم يُستعمل نظام الزوايا بالنسبة للصفر بل استعملت الدائرة لأنها ليست رقما أو عددا وإنما هي مكونة من لا شيء ، والقصد من استعمالها هو للدلالة على موقع الفراغ بالنسبة للأرقام ووضعها في الخانات الصحيحة ، لتفرق بين الخانة الآحادية والعشرية والمئوية . . . إلخ .

 وهذه الأرقام تسمى باللغة العلمية (الأرقام العربية  Arabic Numeric) ، ولن نزيد عن الكلمة العظيمة التي قالها المهندس الإنشائي الكبير البروفيسور (كيني) إذ قال في مقدمة أحد كتبه : (يكفي العرب فخرا أن تكون أرقامهم أساسا لكل علومنا الحاضرة) .

وقد ادخل العديد من التعديل والتحوير على الزوايا المختلفة للأرقام المكونة من مربعات ، حيث حلّت مكان الزوايا الاستدارة والدائرة فأصبحت أكثر سهولة في الكتابة والتركيب والشكل والمظهر .

والعديد من دول العالم في عصرنا الحاضر تستعمل الأرقام العربية الغبارية وتسميها باسمها الحقيقي الأصلي وتنسبها إلى مصدرها العربي الأصلي (Arabic Numbers) ، وهي بالنسبة للعالم المتطور المتحضر موضوع مسلّم به لا يمكن الاستغناء عنه ، وليس له من بديل سواها فهي مطياعة قابلة للاستعمال ، دون مشكلة أو صعوبة فنية ، وهي لغة الحضارة والتقدم وأساس العلم والتقنية المعاصرة ، وهذه الأرقام العربية الغبارية لا تزال بعض المصادر الأجنبية تخلط بينها وبين الأرقام الهندية القديمة فتسميها بالأرقام (الهندية العربية) ، والواقع ان الأرقام الهندية تختلف اختلافا كاملا عن الأرقام العربية الغبارية المستعملة في المغرب ، إلا أن هذه المصادر مصممة على استعمال هذه المعلومات الخاطئة ، إما لعدم الإلمام والاطلاع ، أو لأن هذه المصادر مأخوذة من المراجع الأوروبية التي لم تنتهج المنهج العلمي الدقيق في بحوثها عند الكتابة عن الأرقام العربية آنذاك .

وهكذا كان دور العرب ايجابيا متميزا في تطوير العلوم الحاسوبية والأرقام العلمية ، وفي تطوير الصفر وتهذيبه واستعماله والاستفادة منه ، وكانت الأرقام العربية هي المرتكز الحضاري الهام في تطوير الحضارة الإنسانية ، وما نراه اليوم من تقدم وازدهار في جميع الميادين فإنما يرجع أصله إلى التطور الرقمي وعلم الحساب الذي برع فيه المسلمون ونُقِل عنهم عبر الأندلس إلى أوربا والعالم .

 

دور العرب في علوم الحاسوب :

بيدأ بما قاله الدكتور علي عبد الله الدفاع في كتابه (نوابغ علماء العرب والمسلمين في الرياضيات) يقول : “ولو أردنا تلخيص مشاركات المسلمين في العلوم الرياضية التي نتداولها الآن لقلنا إن علماء المسلمين في الرياضيات أول من طوّر وألّف نظريات الاعداد ، واخرجوا العدد من نطاقه الهندسي الضيق إلى المفهوم الحسابي والجبري الواسع خلاف ما كان عليه عند الإغريق” ويتابع الكتور قائلا : “لقد ترجم علماء المسلمين ونقل ما توصل إليه اليونانيون والمصريون والبابليون في علوم حساب المثلثات والهندسة ، وزادوا عليه الكثير ، كما ابتكروا علم الجبر وربطوا بينه وبين الهندسة ، ولذا يُعتبرون مُبتكري الهندسة التحليلية ، وطوّر علماء المسلمين ما توصل إليه الإغريق في الهندسة المستوية والفراغية ، وأبدعوا في علم حساب المثلثات الكروية والمستوية ، كما وضعوا جداول في غاية الدقة والإتقان لحساب بعض الدوال المثلثية، واكتشفوا كثيرا من المتطابقات المثلثية” .

 

الأرقام العربية تغزو أوروبا :

انتقلت الأرقام العربية في أول رحلة لها إلى الغرب عن طريق الكرسي البابوي في عام 999 ميلادية ، فقد كان البابا جربرت الملقب بسلفستروس الثاني (SILVESTER 11) قد تعلم الأرقام العربية التسعة من العرب على الحدود الأسبانية ، وكان بذلك اول رجل من الغرب تعلم تلك الأرقام واستعملها ، وقد انتشرت الأرقام العربية في إيطاليا ثم انتقلت بعد فترة من الشك والريبة إلى بقية دول أوروبا . وكما نرى في عالمنا العربي من اتهامات ظالمة لكل جديد غريب ، فإننا نرى أن البابا جربرت أحيط بالشك واتهم باتهامات غريبة وأطلق عليه لقب “الساحر” وتحدثت المستشرقة الألمانية زيغريد هونكة في كتابها القيم (شمس العرب تسطع على الغرب) عن هذه الاتهامات فقالت : (فإن شخصية هذا الرجل ، الذي حيّر بعلمه معاصريه ، والذي جارى المسلمين في معتقداتهم ، بقيت دائما محاطة بالشبهات) . كما ذكرت هذه المستشرقة المنصفة للعرب وعلومهم : (ولقد نظروا إليه كساحر ، وكفنان غريب ، ونسجوا حوله الإشاعات ، تقول الأسطورة : إنه كان يهرب ليلا من الدير إلى أسبانيا ليتعلم على يد العرب علم الفلك والفنون الأخرى ، وإنه تعلم هناك إحضار الجان وما يضر البشر وينفعهم ، وثمة ، سلب من احد السحرة كتابا خطيرا عن أسرار السحر ، واضطر أن يرهن قلبه لدى الشيطان ليحميه من انتقام ذلك الساحر الذي خدعه) .

وهكذا نرى أوروبا في ذلك الوقت كانت تنظر إلى الأرقام والعلم والحساب والتطور الحضاري ، والرقي ، والانفتاح ، على أنها سحر ودجل جاء بهما الشيطان والسحرة إليهم ، وما هذا بغريب لأن عصور الظلام والتخلف والإنحطاط هي نفسها في كل مكان لا فرق بين مكانها من خارطة العالم فالتخلف والجهل هو واحد في كل مكان وزمان .

ومع ذلك فإن هذه الحادثة الهامة التي قام بها البابا سلفستروس الثاني (SILVESTER 11) باستعمال الأرقام العربية كانت هي أول انطلاقة لاستعمال الأرقام العربية في أوروبا يتبعها بعد ذلك ترجمة كتاب الخوارزمي إلى اللغة اللاتينية ، كما أن العلماء وطالبي العلم الوافدين من أوروبا إلى الأندلس للدراسة والبحث وطلب العلم قد تمكنوا من التأثير المباشر في عملية نقل الأرقام العربية إلى الغرب .

ومن الشخصيات الهامة التي نشرت الأرقام العربية بين الناس في أوروبا شخصيتان تحدثت عنهما الدكتورة زيغريد هونكة هما : توماسين فون زليرا (THOMASIN VON ZEELARE)  وليوناردو فون بيزا (LEONARDO VON PISA) . ومع أن التغيير لم يتم في يوم وليلة وإنما اتخذ فترة زمنية ارتبطت بالدراسة والتعليم ثم التيسير والمراجعة ودفع الموضوع إلى عامة الناس على مراحل ليتمكنوا من استيعابها واستعمالها في حياتهم المعيشية وفي تجارتهم وبيعهم وشرائهم. وقد تأثر بلاط القيصر فردريك الثاني بهذا الإشعاع العلمي المنطلق من الشرق المسلم عبر جبال البرنيز من شبه جزيرة إيبيريا الإسبانية وجزيرة صقلية الإيطالية.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.