قبل فوزه اليوم… سيرة روجر ديكنز مع جوائز “أوسكار”

محمد جابر

5 مارس 2018

فاز المصوّر السينمائي البريطاني، روجر ديكنز، بجائزة “أوسكار” عن أفضل تصوير سينمائي، ليل الأحد الإثنين، عن عمله في فيلم “بلايد رانر 2049″، وبعد طول انتظار.

ولو وضعنا قائمة بأهم مديري التصوير في العقود الأخيرة، سيكون بينهم ـ بالتأكيد ـ المصوّر السينمائيّ البريطاني روجر ديكنز (1949). وقبل الحفل، لو وضعنا قائمة أخرى بأكثر الأشخاص غير المحظوظين مع جائزة “أوسكار”، كان اسمه سيأتي في المركز الخامس، بعد حصوله على 13 ترشيحًا للجائزة، في فئة أفضل تصوير، من دون أن يفوز بواحد منها على الأقلّ…. عقدة انكسرت أخيرًا عام 2018، مع ترشيحه للمرة الرابعة عشرة عن عمله في “بلايد رانر 2049” لدوني فيلنوف.

بدأ ديكنز مسيرته مدير تصوير في منتصف سبعينيات القرن الفائت. حينها، كان في الـ36 من عمره. مُصوِّر يعمل لدى قنوات تلفزيونية بريطانية، وفي أفلام وثائقية قصيرة. في ثمانينيات القرن نفسه، انتقل إلى السينما، وبدأ مسيرة متوسطة النجاح، أهم ما فيها “1984” (1984) لمايكل رادفورد، المقتبس عن رواية بالعنوان نفسه للكاتب الإنكليزي جورج أورويل. فيه، قدَّم صورة كابوسية تليق بالـ”ديستوبيا” الموجودة في الحكاية.

التغير الحقيقي والأهم في حياته، حصل مطلع التسعينيات المنصرمة، مع انتقاله إلى أميركا. بدأ شراكة طويلة الأمد مع المخرجين جويل وإيثان كُوِنْ، منذ أول تعاون له معهما، في “بارتون فينك” (1991). تعاونٌ امتدّ على 10 أفلام أخرى، في ربع قرن، نال خلاله 5 ترشيحات رسمية، منها: “فارغو” (Fargo، 1996) و”لا بلاد للعجائز” (No Country For Old Men, 2007).

إلى جانب شراكته المهنيّة الأهم تلك، تحضر بصمة ديكنز، بقوّة، في السينما الأميركية، منذ مطلع التسعينيات، إنْ في طريقته المميزة في تصوير الوجه البشري، الذي يرى أنه “مثير للاهتمام أكثر من أي شيء آخر”، أو في قدرته الاستثنائية على خلق صورة شاعرية جدًا من الطبيعة. أمورٌ كهذه جعلته مُصوِّرًا لأفلام عديدة مهمّة، كـ The Shawshank Redemption 1994 لفرانك دارابونت، و”اغتيال جيسّي جيمس على يدي الجبان روبرت فورد” (2007) لأندرو دومينيك، و”سيكاريو” (2015) لفيلنوف أيضًا. تجربته مع سلسلة جيمس بوند تعود إلى Skyfall 2012 لسام مانديس. هذه نماذج، نال ترشيحات “أوسكار” عن عمله فيها.

لكن رحلة الإخفاقات الطويلة انتهت هذا العام. فالمنجز البصري المدهش الذي حقّقه مع دوني فيلنوف، في “بلايد رانر 2049″، محطّ اهتمام النقاد والجمهور منذ إطلاق عروضه التجارية الصيف الماضي. مؤخّرًا، نال الفيلم جوائز متفرّقة، تُعتبر مؤشرات نحو “أوسكار”، كـ”بافتا” البريطانية، أو الجائزة الأهم من “نقابة المصوّرين الأميركيين (ASC)”.

ورغم أن لمنافسيه، هذا العام، بصمات قوية في أفلامهم، تحديدًا المصوّر هويتي فان هويتيما في “دنكيرك” (Dunkirk، 2017) لكريستوفر نولان، ودان لوستْسِن في “شكل المياه” (2017) لغيلّيرمو دِلْ تورو، إلاّ أن روجر ديكنز يملك الأفضلية، ليس فقط للبعد العاطفي في قيمته وعدم فوزه المتكرّر، بل أيضًا لأنه صنع صورة لا تمحى من الذاكرة في العمل الأخير لفيلنوف.

قبل فوزه اليوم... سيرة روجر ديكنز مع جوائز "أوسكار"

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.