ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

قصة عشتار وتموز

‏٤ مارس ٢٠١٣‏، الساعة ‏٣:١١ ص‏

كان دموزي يسرح بماشيته على ضفاف النهر عندما تسوقه الأحداث للتعرف على (أنكي-أمدو) غريمه، لقد ساورت للراعي الرغبة في الاعتداء على الفلاح وبدا عليه الغضب إلا أن (أنكي-أمدو) اخذ يهدئ من روع (دموزي) و عرض عليه أن يرعى ماشيته في حقوله، وهكذا أصبحا صديقين.واخبر الراعي (دموزي) رفيقه الجديد بما هو عازم عليه وانه سيتزوج بإينانا وبطبيعة الفلاحين وعده بالحضور ويجلب ما يناسب الحفل الكريم.

اللقاء الساخن بين إينانا ودموزي أفاض مشاعر الاله بالقول:-عندما كنت اغني مع اطلالة النورآنذاك التقى بي، آنذاك التقى بيسيدي كولي-أنا (دموزي) التقى بيسيدي وضع يده بيدي

أثناء ذلك اللقاء المثير شعرت إينانا بمرور الوقت، وتبعاً لذلك خافت تقريع امها لها، لذا توجهت بالسؤال إلى عشيقها الجديد عن حيلة تخلصها مما هي في وبذكاء، فاجابها دموزي بذات العذر الذي تتذرع به الفتيات:-قولي لها اخذتني صديقتي معها إلى الساحة العامةومتعتني هناك بالموسيقى والرقصوغنت لي اغنيتها العذبةوفي غمرة الفرح فات علي الوقتبهذا العذر واجهي امك!!

ثم تذهب إينانا إلى والدتها لتخبرها بنبأ خطبة دموزي لها. ويبر الاخير بوعده، ويقصد دار إينانا ليدخلها بعد استعدادت خاصة.

تتسم طبيعة المرأة بحبها للاستقرار والاحتفاظ بمن تحب، الا ان إينانا كانت تختلف على ما يبدو عن معظم النساء، فالنصوص السومرية والبابلية والآشورية للاسطورة توضح أنها تركت عالمها العلوي لتنزل إلى عالم رهيب، ولا علم لنا بالسبب الذي اقدمت من اجله على ذلك، ولكن ربما كان ذلك يعني ان الحياة لاتتكون من الجلوس في برج عاجي بل بتفاعل الاعلى بما هو ادنى.

إننا نفهم من السطور السومرية أن عشتار كانت على علم تام بما سيجري لها وهي تهبط إلى العالم الاسفل وذلك من خلال حوارها مع وزيرها (ننشوبر) الذي طلبت منه أن يقصد معابد الآلهة العظام ليخاطبها هناك إنليل (إله الهواء) بمدينة نفر، ننا (إله القمر) بمدينة اور، ثم إينكي (إله الحكمة) في مدينة اريدو، طالباً منهم حماية عشتار عند وجودها في ذلك العالم الاسفل وتلتف إلى وزيرها مؤكدة:- اذهب يا ننشوبر، ولاتهمل ما امرتك به.

ثم تصل الإلهة إلى القصر، إلى جبل اللازورد، وكان عليها ان تجتاز سبع بوابات تطيع كل منها امراً خاصاً يتعلق بما ترتدي من تاج واساور وغيرها، بل حتى مايسترها في الباب السابع. كما كان على إينانا ان لاتعترض فتلك نواميس العالم الاسفل.عندما تجتاز عشتار الباب الاخير تقف وجها لوجه امام ملكة العالم السفلي ايرشكيكال، اختها التي كانت تجلس على العرش وامامها قضاتها السبعة، تقول الاسطورة:-فصوبت نظراتها اليها، نظرات الموت ثم تحولت الفتاة العليلة إلى جثة هامدة وعند وجودها في العالم السفلي، ولأنها إلهة الجنس فقد ألمت بالارض امور خطيرة. لقد ابتعد الثور عن انثاه وهجر الرجل زوجته، هذا ما تذكره نسخة آشورية.بعدها يشرع وزيرها (ننشوبر) باستغاثة الآلة واحداً تلو الآخر حتى يصل إلى أنكي الذي يعمل ما يستطيع لإعادة الحياة إلى عشتار بطعام وماء الحياة.

تنهض عشتار بعد رش ماء الحياة ونثر طعام الحياة على جسدها إلا أن قضاة ايرشكيكال يضعون شرطاً لخروجها من عالمهم قائلين:- دعها تقدم شخصاً بديلاً عنها.ثم تخرج عشتار من ذلك العالم الغريب وتصحبها الرهبة والخوف من الشياطين الذين صاحبوها، حيث ياخذون دموزي (تموز) بديلا عنها، فقد وجدوه عند شجرة التفاح، فامسك به الشياطين (فلم يعد الراعي يعزف الناي ولا المزمار).

يقول النص السومري:-وهكذا اعطت إينانا المقدسة دموزي الراعي بايديهم

واخذ المسكين يستغيث رافعاً يديه إلى السماء صوب (أتو) إله الشمس قائلاً:-أنا من يحمل السمن إلى بيت امك انا من يحمل السمن إلى بينننك الف حول يدي إلى يدي افعى وحول قدمي إلى قدمي افعى ودعني اهرب من الشياطين ولا تدعهم يمسكونني

إلا أن هروب دموزي المؤقت لم يكن يغنيه عن المصير المحتم شيئاً، يقول النص السومري:فألقوا القبض على دموزي في الحظيرة المقدسة للأغنام

ثم يقول النص السومري عن لسان دموزي الهائم في المروج:-اقيمي المراثي، اقيمي المراثي ايتها المروج، اقيمي المناحة، اقيمي العزاء

ثم يقول متأسياً على الربيع:-ولتذرف عيناي الدموع على المروج مثل امي ولتذرف عيناي الدموع على المروج مثل اختي الصغيرة.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.