“مارديني”… الكاميرا في لحظات انتظار البرق

كسار مرعي

الأحد 11 أيار 2014

الحسكة
حمل مع كاميرته روح الطفل، واختار عمله في التصوير بدافع الموهبة الفنية التي حرضته على حمل الكاميرا، معارضه المتنوعة لم تمنعه من إقامة مكتبة وسينما لرواد مقهاه الفني الذي حوّله إلى ملتقى للجميع.

تكبير الصورة

مدونة وطن “eSyria” زارت المصور “سمير مارديني” في مقر عمله بتاريخ 1 أيار 2014 ليروي لها بدايات دخوله عالم التصوير الفوتوغرافي، فقال: «أنا من مواليد عام 1980 وفي هذه الأثناء أي وقت ولادتي وصلت الكاميرات الملونة إلى أسواق “الحسكة”، فاشترى والدي واحدة وبدأت العائلة التقاط الصور الملونة لي، لذا كنت الوحيد بين إخوتي الذي يمتلك صوراً ملونة خلدت طفولته، ومع أن والدي رجلٌ غير متعلم إلا أنه يجيد الكتابة والقراءة ويحب المطالعة، الأمر الذي قاده إلى ترتيب الخطوات التي ساعدتني في ممارسة التصوير، وعندما وعيت بدأت أقلب في صوري الملونة التي تمت أرشفتها بشكلٍ حرفي، كما وجدت الكاميرا الملونة بين يدي فكانت لا تفارقني أبداً، أصبحت متعلقاً بالتصوير وكنت أتحيَّن الفرص لألتقط الصور لمن يشاء، كان كادر التصوير جيداً بالنسبة لطفلٍ صغير فلقيت تشجيعاً من الجميع، وهكذا بدأت معي القصة منذ الصغر، وتحديداً منذ الصف الخامس الابتدائي».

يتابع “مارديني”: «في البداية حاول أهلي توجيهي للعمل في مهنٍ مختلفة في أوقات العطل الصيفية، لكنني كنت أرفض رفضاً قاطعاً دون أن أعرف السبب، كنت أشعر بأنني أميل إلى مهنةٍ ما لكنني لم أكن أعرفها، ولكوني أصغر إخوتي لم يكن والدي يضغط علي، ومع ازدياد تعلقي بالكاميرا اكتشفوا لدي الموهبة فشجعوني لأعمل بها، هذه المرة لم أعارض فكرة العمل فذهبت لأكتسب الخبرة عند المصور “نبيل جرجس” عام 1994، بقيت معه في العمل حتى عام 2003 وتعلمت أبجديات المهنة، ثم انتقلت إلى الواجب المقدس “خدمة العلم”، وهناك لعب الحظ دوره وخدمتني كلمة مصور الموضوعة على دفتر الخدمة، تم فرزي إلى مكانٍ تمكنت من خلاله ممارسة مهنتي التي أحب، قمت بتصوير الكثيرين من الشخصيات البارزة ونلت ثقة رؤسائي بشكلٍ كبير،

تكبير الصورة
أمام مكتبته الصغيرة

ثم عدت إلى محافظتي لأبدأ مشواري الفني الذي كنت أحلم به، فافتتحت محلاً للتصوير الفوتوغرافي وبقيت فيه لمدة ثلاثة أعوام، بعدها انتقلت إلى الريف “ناحية تل تمر”، قمت خلال هذه الفترة بتوثيق الكثير من الصور والمناظر الجميلة للأرياف، كما تمكنت من بناء شبكة علاقاتٍ اجتماعية واسعة فتحت أمامي الأفق، ثم عدت مرةً أخرى إلى مدينة “الحسكة”، لكن بشكلٍ أقوى وأوسع مستفيداً مما عايشته في السابق، وأكثر ما ركزت على بنائه وتطويره هو العلاقات العامة».

وأوضح “مارديني” أن «الشعور الذي تكون لدي في نهاية المطاف هو أن التصوير مهنة فنية وليست تجارية، وذلك لأن روح الفنان أنقى وأصفى وأقرب إلى الجمال، فقررت أن أضع حداً للتجارة بالفن وأن ألبسه ثوبه الفني فتركت العمل كمصورٍ في محل، وأعطيت للمهنة التجارية حقها مستغلاً طوال الوقت شعوري بالفن، من خلال تخليدي صوراً فنية لها الكثير من الخصوصية في حياتي، ومن أجمل تلك الصور، واحدة حاولت من خلالها أن أوثق شموخ “جبل قاسيون”، كما التقطت أكثر صورة أتعبتني في حياتي وهي صورة للبرق، فقد انتظرت 45 دقيقةً لأتمكن من تصوير البرق وهو يضرب الأرض، ولم أكمل ذلك حتى أصبت بالتعضيل».

وأضاف “مارديني”: «لما تركت مهنة التصوير التجاري عُرض علي العديد من المهن والأعمال، لكنني أرجعت اختياري للعمل إلى إحساسي الفني، وقررت أن أختار عملاً يمكّنني من مواصلة التصوير فرأيت أن الإشراف على كافيه هو الأنسب، فمن جهةٍ سأبقى على تواصل مع الناس ومن جهة أخرى أمارس هوايتي في التصوير، وفعلاً نقلت معداتي الفنية إلى الكافيه وبدأت تصوير المناسبات، لاقى هذا الأمر استحسان الجميع، وتمكنت خلال هذه الفكرة بالتوسع في علاقاتي الاجتماعية، علماً أنني لم أتكلف في التصوير بل

تكبير الصورة
في لقائه مع المدونة

كنت أصور أروع اللقطات بخلفياتٍ بسيطة قد تكون بالوناً واحداً بيد طفل، ولأنني أحب التفرد والإبداع حاولت أن يكون المقهى الذي أديره مغايراً لما جرت عليه العادة، فحاولت أن أستثمر حبي للمطالعة وأضع فيه مكتبة، ليتمكن المرتادون من تغيير الجو الذي يعايشونه في المقاهي الأخرى، كانت النتائج إيجابية للغاية، وكثيراً ما كانت تنشأ حوارات ثقافية تمتد لساعات طويلة، ولأننا شعب يتعايش دون خلفيات وضعت في واجهة المكتبة كتابي القرآن الكريم والإنجيل المقدس، ليكونا كمراجع في النقاشات التي تدور في المقهى، ومن نتائج هذه النقاشات ولدت فكرة إقامة سينما في المقهى، وقد ساعدني زبائني وشجعوني لتبصر هذه الفكرة النور، فعرضت قرابة 15 فيلماً وفي نهاية كل فيلم يبدأ الناس في تقييم ما تم عرضه، ووصلنا إلى مرحلة يحدد فيها الحاضرون الفيلم القادم، وأنا أبحث بشكلٍ مستمر عن كل جديد في سبيل إعادة الحياة والألق للسينما التي فارقت المحافظة منذ زمن».

ويختم “سمير” حديثه: «كنت وما زلت أطمح بالوصول إلى العالمية من خلال الصور التي ألتقطها والتي أترك فيها من روحي، شاركت في العديد من المعارض التي أقيمت داخل وخارج “سورية”، حاولت من خلال هذه المشاركات أن أحقق لنفسي وجوداً، وأن أنقل الصورة الجميلة لمحافظتي، هذه الصورة التي لا يمكن أن يراها إلا من يعشق وطنه، أما خارج أوقات التصوير والعمل في المقهى، فأحاول أن أجد نفسي في أماكن أخرى، فعملت منذ فترةٍ قريبة ممثلاً في مسرحية أقيمت بمناسبة ميلاد السيد المسيح عليه السلام، حملت عنوان “أنا فرحان”، وأشرع حالياً بمتابعة سيناريو فيلم يوثق بعض الحالات والجوانب في المحافظة».

من جهتها قالت أمينة فرع الطلائع “تيودورة مراد”: «يحمل “سمير مارديني” روح الطفل البريئة والنقية في داخله، فهو

تكبير الصورة
يستعرض ذاكرته الفوتوغرافية

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.