أشهر الخطوط الإيرانية ولدت من الخط العربي

أشهر الخطوط الإيرانية ولدت من الخط العربي

نور الدين الدغير – طهران

لم یکن الخط غريبا على الحضارة الإيرانية القديمة، فقد شهدت أنواعا متعددة من الخطوط كان الأساس فيها هو طبيعتها المسمارية، لكن كل خط اتخذ اسما مع كل سلالة حكمت إيران منذ القرن الثامن قبل الميلاد، فاشتهر المسماري والبهلوي والأوفستائي، لكن رغم ذلك لم يكن الخط العربي غريبا على إيران، فقربها من العراق جعلها تحتك بالخط الرائج هناك، خاصة الكوفي.

مع دخول الإسلام إلى إيران في القرن السابع الميلادي اشتهرت سبعة أنواع من الخطوط، هي الكوفي، والمحقق، والريحان، والثلث، والنسخ، والتعليق، والديواني، وكل من كان يتقن هذه الأنواع السبعة تطلق عليه صفة أستاذ.

يقول الخطاط الإيراني محمد إبراهيم زاده في حوار مع مجلة الجزيرة إن تطور الخط العربي في إيران بدأ في القرن الرابع الهجري مع ابن مقلة البيضاوي الشيرازي، وقد أبدع في ابتكار ثلاثة خطوط، هي النسخ والريحان والثلث، وتمثل اختلاف هذه الخطوط عن الخطوط الرائجة في ذلك الوقت في شكل الحروف والكلمات والأبعاد.

وتشير المصادر التاريخية إلى أن الدولة العباسية لعبت دورا كبيرا في اتساع رقعة الخط العربي بإيران، فقد كانت أصفهان المدينة الوحيدة التي تأخرت في استعمال هذا الخط، وواصلت استعمال الخط البهلوي إلى حدود القرن الثاني للهجرة، لكن وصول العباسيين إلى السلطة وتعاظم نفوذ أبو مسلم الخرساني في بلاد فارس دفعا أهالي أصفهان إلى استعمال الخط العربي بدلا عن الخط البهلوي.

 

خط نستعلیق لا يزال استخدامه في إيران محصورا في الفنون وليس الكتابة اليومية (الجزيرة)

وقد تأثر أهالي أصفهان بالخط الكوفي، وأدخلوا عليه بعض التعديلات، واعتمد الخط في تزيين بعض الأبنية والمساجد، ولا تزال آثاره موجودة على مآثر تاريخية تعود إلى العهد السلجوقي (429-552 هـ).

مع مرور الزمن بدأت الخطوط العربية تتراجع -خاصة الكوفي- في إيران، وأصبح الإيرانيون يميلون إلى إبداع خطوط بديلة، وقد كان خط التعليق أول خط إيراني يخرج من صلب الخطوط العربية، ولا توجد معلومات دقيقة عن مبتكر هذا الخط، فبعض المصادر ترجعه إلى حسن بن حسين فارسي في القرن الرابع الهجري.

وقد تم ابتكار هذا النوع من الخط عبر المزج بين خطي التوقيع والرقاع العربيين، ويتميز بكون حروفه متواصلة ومتداخلة وغير متجانسة، لكن سرعان ما ترك مكانه لخطوط إيرانية جديدة، فبعده مباشرة ظهر خط النستعليق.

نستعلیق شکسته من الخطوط المستخدم في اللوحات الفنية في إيران (الجزيرة)

يقول الخطاط الإيراني محمد إبراهيم زاده “إن خط النستعليق ابتكره شخص يدعى مير علي تبريزي في القرن الثامن الهجري، واستطاع إبداعه من خلال الجمع بين خطي النسخ والتعليق، وقد راج بشكل كبير في تلك الحقبة وأحدث تحولا كبيرا في فن الكتابة”.

كان خط النستعليق يستعمل في كتابة الأوامر والقرارات الحكومية والمؤلفات الأدبية، وقد شهد تطورا على مدار أربعة قرون، وكانت له مدارس متعددة بلغت خمسا، أهمها مدرسة مير علي تبريزي ومدرسة مير عماد ومدرسة سلطان علي مشهدي.

أواسط القرن الـ11 الهجري ابتكر الخطاط مرتضى قلي خاني شاملو ثالث خط إيراني وعرف بخط النستعليق المكسر، وكان الهدف من ابتكاره هو سرعة الكتابة وراحتها، وقد أصبحت قواعد الخط كاملة مع الخطاط ميرزا شفيعا هراتي.

ثلاثة خطوط أبدعها الإيرانيون منذ أن دخل الإسلام أرض فارس، لكن مجال استعمالها لم يرق بعد إلى أن تعتمد رسميا لكتابة النصوص الدينية، خاصة القرآن الكريم، بل لا يزال مجال تداولها في كتابة النصوص الأدبية أو في مجال الفن التشكيلي.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.