د. “منى تاجو”.. إمرأةٌ فعّالةٌ في ثلاثة مجالات

 هوفيك شهريان

الثلاثاء 24 أيلول 2019
إمرأةٌ غاصت في العلمِ لسنواتٍ طويلة، إلاَّ أنَّ موهبتَها المطموّرة تجاهَ الأدبِ قادتها إلى خطٍّ جديدٍ توازى مع موهبتها العتيقة لتصبح الدكتورة “منى تاجو” -الصيدلانية والروائية والناشطة الاجتماعية في آنٍ واحدٍ- منتجةَ أدبٍ وأعمالٍ روت الأزمةَ والحربَ من منظورِ المرأةِ الحلبية المبدعة والقوية.

تكبير الصورة

مدوّنةُ وطن “eSyria” التقت الروائية الدكتورة “منى تاجو” بتاريخ 10 أيلول 2019، وبدأت الحديث عن مواهبها المتجذرة منذ الطفولة، قائلةً: «نشأت في عائلة مثقفة ومنفتحة، وبتشجيع من عائلتي تلقيت دراستي الموسيقية في المعهد العربي للموسيقا باختصاص العزف على آلة الكمان وتخرجت منه عام 1969، ابتعدت عن الموسيقا نتيجة انتقالي إلى “دمشق” بغية متابعة دراستي الجامعية في كلية الصيدلة، ورغم تعدد المحطات في حياتي ظلّت موهبة المطالعة حاضرة، وبالأخص مطالعة الروايات، أتى حبي لموهبة المطالعة منذ الطفولة، ويعود سبب ذلك للمكتبة التي أنشأها والديَّ في المنزل، وإضافةً إلى المواهب السابقة فإنّ شغفي في إنتاج الأعمال النسوية من نسج الصوف والكروشيه استمر بالمسير معي طوال مراحل حياتي العلمية والمهنية».

أما عن نشاطها الصيدلي، تضيف “تاجو”: «يضمُّ مجال الصيدلة ركنين، علمي وتجاري، بداية مشواري المهني عملت في صيدليتي، و بعدها ذهبت إلى الصناعة الدوائية رغبة بممارسة العلم الحقيقي عام 1995 وأسست معملاً، في أول معمل بدأت بصنفين وعندما غادرت كان للمعمل 82 صنفاً، وقد تمّ تحويل 50 صنفاً من المستوى المخبري إلى المستوى الصناعي حيث تمّ تسويقها، كما عملت في معامل دوائية عدة بـ”حلب”».

أمّا عن التحول الجذري،

غلاف إحدى رواياتها

من العلم للأدب، تشير “تاجو”: «ظلّت مكتبتي تتوسع وتتنوع وبشكل أساسي في الروايات وعلم النفس والديانات القديمة، وعلى الرغم من غرقي في العلم، كنت أتردد إلى معرض الكتاب الذي يقام في مكتبة “الأسد” سنوياً في “دمشق” لشراء الكتب، فوصل عدد العناوين في مكتبتي 3000 عنوان وقد تزيد وقرأت أغلبها.

مع بداية الحرب السورية عبّرت عما يختلج بداخلي من خواطر وأسئلة عن طريق الكتابة كوني لا أعلم ماذا يعني الأجناس الأدبية، فلاحظ أحد الأصدقاء ضرورة تبلور الجمل والخواطر في عمل أدبي، وبتشجيع من صديق آخر طبعت أوّل رواية لي بعنوان “جدّي إلى أين؟” وذلك في عام 2014، تحدثتُ فيها عن تطور المرأة في القرن العشرين من ربّة منزل إلى طبيبة ووزيرة واختصاصات أخرى.

ردود أفعال المتلقين دفعتني إلى المباشرة بكتابة الرواية الثانية فالثالثة، روايتي الثانية حملت عنوان “حدث هنا في حلب” والتي عكست ما رأيته وسمعته من الناس المحيطين بي، أما الثالثة حملت عنوان، “عذراً أمي أنا أحب” والتي حملت وجهة نظري تجاه تربية الشبان والفتيات في بلادي».

توازى شغفها في العمل المجتمعي مع الأدب والكتابة، حيث تقول: «لم تشعل الحرب في “حلب” بداخلي شغف الكتابة فقط،

محمد بشير دحدوح

إنّما الحبّ للعمل المجتمعي أيضاً، فحاولت تسخير موهبتي في نسج الصوف والكروشيه إلى مساعدة عدد من السيدات اللواتي يبحثن عن فرص عمل من أجل تأمين لقمة العيش اليومية، فجمعت عدداً من السيدات النازحات وأنتجنا كميةً وافرةً من الثياب بأدواتنا المتواضعة (الصوف وسنارات الحياكة) منذ أواخر 2012، شاركنا أنا والسيدات في عدة معارض لغرفتي الصناعة والتجارة بغية الدخول إلى سوق العمل إلى حين تمكنا من افتتاح مشغلنا الخاص، بدأ المشروع مع ثلاث سيدات وتعمل في المشروع حالياً 8 سيدات ووصل عددهن إلى ذروته في معرض “دمشق” الدولي، حيث تلقت 30 سيدة فرصة عمل داخل المشغل».

الأديب “محمد بشير دحدوح” قال عنها: «الدكتورة “منى تاجو”، كائن مكوّن تربوياً واجتماعياً وأخلاقياً وفنياً وأدبياً وعلمياً، نشأت في بيئة أصيلة فيها موروث لا مادي من أعراف وتقاليد محترمة تخلق إنساناً بضوابط أخلاقية ومعرفية.

وجدت مساحات أدبية أتاحت لها إيجاد انعكاسات نفسية وثقافية، إذ خطت خطواتها الأولى برواية سيرية نوعاً ما فانتقلت إلى التسجيلية الواقعية ثمّ إلى الرواية الوجدانية المشاعرية. مجموع ما أنتجته الدكتورة “منى” من روايات يؤهلها لأن تكون روائية شاملة».

أما بخصوص العمل المجتمعي، تضيف “نجاح حاج جمعة”: «معرفتي بالدكتورة “منى” تعود إلى أيام تأسيس مشغل السيدات، تعلمت منها الصبر وأبرز ما تعكسه من خلال تعاملها مع الآخرين، روح الجماعة والتعاون، كونها تثق بالإنتاج العظيم الذي يتكون نتيجة التعاون مهما كانت الظروف قاسية، كما أنَّها تحاور كل الأجيال ولا تبخل بتوزيع خبراتها الحياتية على كل من يقصدها وأنا أحدهم».

يُذكر أنّ الروائية الدكتورة “منى تاجو” من مواليد مدينة “حلب” عام 1952 وخريجة جامعة “دمشق”، كلية الصيدلة عام 1975.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.