Hyam Ali Badr

شكرا للمغرب الشقيق
قراءة نقدية لبعض من أعمالي الفنية
شكري وتقديري للناقد المغربي الدكتور لحسن ملواني اهتمامه ومبادرته الجميلة
شكري الكبير للدكتور الفنان الفلسطيني المبدع الكبير الدكتور خالد نصار
تركيبات جميلة بأحجار شاردة
قراءة في إبداعات الفنانة السورية هيام علي
لحسن ملواني ـ المغرب
منجز إبداعي برؤية وخامات مغايرة
حين ينطق الأشجار سينبهر الجميع مستمعا…حين يتحرك الحجر ليشكل مشاهد حية تغري العين وتستثير الفضول سيجعل الكل يبحث عن الأسرار.
وحده المبدع يستطيع أن يجعل من الجامد والساكن متحركا…ويجعل من الوحيد المعزول كائنا يتداخل مع غيره متفاعلا تفاعلا إيجابيا يفضي إلى دلالات ومعان.
ذاك ما ينطبق على المنجز الإبداعي لفنانة سورية دخلت الفن التشكيلية من بوابة أخرى محاولة التفرد وهي تتخذ من الحجارة مفردة وخامة تُموضعها وتحركها وتضيف بعضها إلى بعض لتحصل في الأخير على مشاهد جميلة لها علاقة بصميم المجتمعات التي نعيش فيها.
إلهامات البحر بأصدافه وأحجاره
هيام علي مبدعة سورية استهواها البحر ليس بأمواجه فقط ، بل بالأصداف والحصى والحجارة بمختلف أحجامها والتي يلفظها بين مده وجزره مقدما إياها هدايا ثمينة لها ستتحول إلى الرائع والجميل المغري بالمشاهدة والتأمل.
في بيئة مجاورة للبحر ،عشقت البحر فسكن وجدانها ووهبها أصدافه وحصاه وحجارته المصقولة الجميلة كي تحولها إلى تركيبات ثمينة تستحق المشاهدة ، وإذا كان لكل فنان وسائله وخامته ، فإنها اتخذت الأحجار وسيلتها المثلى عبر البحث بينها عما يناسب منظورات لوحاتها التي تعالج بها مواضيع اجتماعية ووجدانية يمكن إجمالها في المحبة والدعوة إلى الأمن والسلام بعيدا عن تخريبات الحروب،والفقر وتبعاته ، وأمور المرأة في علاقتها بالرجل ..موضوعات لا يمكن حصرها في المجتمع السوري فحسب ،بل إنها تشكل جوهر القضايا الشاغلة لكل بلدان الوطن العربي.
بأناملها النابضة
وبعينيها الفاحصة لمكامن الجمال
تتقدم نحو الرمال
تتلمس وجوه الأحجار
تحدثها بهمس يثري الخيال
وبلمسة من كفيها
تصير غابة لماشية ورئبال
تصير فتاة بين يديها بنذير أو غربال.
تلك صورة وفق متخيلنا لشخصها وهي تنجز لوحاتها بلمسات المبدعة التي تمتلك ذاكرة بصرية تسعفها في السبك والترصيف وعقد العلائق بين حجارات تتحول إلى قصص ومشاهد يومية مفعمة بالحركة والحيوية ،وبذلك تتحول من جماديتها ووضعيتها السلبية إلى ملمح جميل يستحق المشاهدة.
تشكيلات من حجر تعكس أحوال البشر
وأنت أمام لوحاتها تكون أمام موضوعات متنوعة نقدم بعضها في توصيفات مختزلة : فتاة تلاعب دميتها بجانب مزهرية جميلة ،طفلة في قلب حديقة تسقي أزهارها بمضخة تحف بها ورود وأشجار وتضاريس فاتنة تحت أشعة شمس تعرض جمالها في العلياء،أسرة تغادر موطنا إلى آخر تجر ذيول الخيبة تحت إكراه الإفراغ القسري ربما،فتاة وفتى يعتليان صخرة متعاكسين لا أحد ينظر إلى الآخر لخلاف عميق بينهما،امرأة بقميصها الجميل تتبادل الحديث مع حمامة جميلة تبثها أسرارها وجوهر آمالها،طفل يحاول أن يحمل طفلة معبرا عن حبه وتقديره لها،رجل يحمل سيفا وذرعا يجري مواجها السراب ،فتاتان بلباس جميل يحملان فواكه وأشياء أخرى متجهتين إلى مكان ما
مزهرية تحمل من الأزهار أنواعا كثيرة تشعرك بكبريائها الفريد،معلمة تفرض سطوتها على طلابها معاملة أياهم بالصرامة والقسوة ،شابة وشاب يعبران عن حبهما حين يرفعان صورة قلب إلى أعلى ،رجل يحمل طبلا تكاد تسمع إيقاع موسيقاه،رجل يحمل صخرة ثقيلة يحيل على أسطورة سيزيف،فتاة منحنية في خشوع بيدها أزهار الحب ماضية تريد تقديمها لعشيقها،أم محفوفة بطفلتيها يبديان حبهما لها وحاجتهما إليها في كل وقت وحين ،فتى فوق صخرة يتأمل في حزن عكر صفو حياته،تلاميذ في صف يهمون بالدخول إلى فصلهم،امرأة منهمكة في تنشر غسيلها على حبل متين،همس العشق بين شابة وشاب فوق ربوة بعيدا عن الأنظار،أبوان يحتضان أبناءهما في ساعة هول ،فتاة جميلة بزي جميل فوق صخرة تنتظر حبيبها،قبلات حارة لحبيبين في الهواء الطلق،هجرة قسرية وراءها الخوف من الدمار ربما…
تلك توصيفات سريعة لما توحي به الأعمال الفنية التي شاهدتها تباعا،فهي أعمال يمكن اعتبارها نصوصا تحمل أفكارا ، تحمل معاناة ، تحمل علاقات الحب والكره ، تحمل مخاطر الحروب،تحمل جزءا من حياتنا اليومية…وبذلك تكون الفنانة هيام علي تشكيلية لها القدرة في التركيب ونسج العلائق بين الأشياء من أجل هذا الملمح الإبداعي الجميل الذي تحمله لوحاتها.والفنان التشكيلي في نهاية الأمر هو الذي يستطيع التقاط المفردات ويحولها إلى ما يريد اعتمادا على قوة وسعة خياله ،علاوة على ذاكرته البصرية المفعمة بالمشاهد التي يستطيع ملاءمتها مع خامات فتتحول إلى واقع مرئي في لوحات جميلة.


من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.