عادل كامل .. راهب الفن والكتابة

علي إبراهـيم الدليمي

وأنا ألج عالم الفن والصحافة والأدب منذ منتصف العقد السبعيني، كنت أقرأ ما ينشر بغزارة في الصحف من كتابات نقدية رائعة، عن تجارب ومعارض ومتابعة ولقاءآت مع الفنانين التشكيليين.. بقلم الفنان والناقد عادل كامل، كنت وقتذآك لا أعرفه ولا أعرف عنه شيئاً، حلمي كان أن ألتقي به يوماً ما، لأتعرف عليه عن قرب، فضلاً عن آخرين كذلك كانوا بمقامه، في النقد، وهم لا يتعدون أصابع اليد الواحدة في أحسن الأحوال.

نعم.. أقولها وبكل ثقة وإصرار.. أن الفضل الكبير والمهم على جميع الفنانين العراقيين، والحركة التشكيلية في العراق، دون إستثناء، كان للناقد الأستاذ عادل كامل (رحمه الله)، الذي لعب دوراً مهماً وبارزاً في نشر وإعلان وإعلام هذه المسيرة الطويلة.. فقد قدم تجارب الفنانين كافة.. من خلال ما كتبه في مقدمة (فولدراتهم) في معارضهم الشخصية أو المشتركة.. أو ما وثقه في كتبه، الوثائقية أوالنقدية، التي صدرت، وكان لها الصدى الكبير في الحركة التشكيلية، حتى الآن، حيث يعتز ويفتخر كل الفنانين بما كتبه الراحل عنهم.

الناقد عادل كامل.. أفنى حياته لأجل توثيق ونشر الثقافة الفنية العراقية الجميلة، دون مقابل مادي، لأنه لا يحب إلا العراق وهويته التاريخية.

عادل كامل.. كما أصفه أنا: (راهب) النقد والفن والأدب، هذه هي حياته.. وهذا هو ديدنه في الحياة لكي يبقى إنساناً طبيعياً، لم تشوبه شائبة، محباً لأصدقائه.. وفياً لأساتذته، مسامحاً عن الجميع، ناكراً لذاتية.. أمام الآخرين، لكي لا يؤخذ عنه موقفاً سلبياً…

عندما تعارفنا ببعضنا.. كانت معه جلسات دائمة في كافتيريا (مركز صدام للفنون)، عندما كان المركز شعاعاً للفن العراقي الكبير، مع العديد من الأساتذة والأصدقاء.. لمتابعة أنشطة دائرة الفنون التشكيلية الدائمة.. مرات أهداني بعض من كتبه التي كان يصدرها، لكي أقدمها وأعرضها في الصحافة.. ويطلب مني أن أعطي فيها رأيي عنده، فكنت أقول له أنت أستاذ الجميع، فيبتسم وهو يقول لي (ميخالف أنا أحب الآراء .. والنقد)!

في أعماله الفنية: الكرافيك والتخطيطات والخزف، وحتى (الأدبية) فقد كان فناناً وأديباً، متميزاً جداً، ولكنه لم (يكتب) في يوم من الأيام عن (تجاربه) الشخصية، وهي أولى على كثير من تجارب أخرى مصنوعة، ولكن نكران الذات طغت، وكانت الأقوى.

مهما نكتب عن الراحل الراهب عادل كامل فانها تضل ناقصة.. ومتقزمة أمام عمق ما كتبه وقدمه من إنجاز توثيقي شامخ و راسخ.. وأمام عطائه الثري هذا الذي تركه لنا .. نظل ننهل منه، ونعجز عن إيفائه.

سلاماً لروحك الطيبة .. ولإبتسامتك الجميلة … في ذكرى رحيلك السنوية.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.