هناك الكثير من الخصائص التي تساهم في فن التصوير السينمائي منها:

التقنيات السينمائية

مشهد لجورج ميله يرسم المشهد الخلفي لأحد أفلامه داخل مخبره.

جهاز استشعار الصورة وشرائط الصور

قد يشرع العمل في التصوير السينمائي باستخدام اللفائف التقليدية أو الأفلام أو جهاز استشعار الصور الرقمي. فالتطور في طريقة طباعة الأفلام واستخراج الصور وفر مجموعة واسعة من شرائط الصور. فاختيار شرائط الصور هو أحد أول القرارات في صناعة أي فيلم تقليدي، وبعيداً عن اختيار مقياس الفيلم سواء كان 8 ملم (للهواة) أم 16 ملم (لشبه المحترافين) أم 35 ملم (للمحترفين) هناك أيضاً 65م لم (وهو نادر الاستخدام إلا في أوضاع خاصة) فالمصور السينمائي يمتلك مجموعة شرائط عكسية (التي عند تحميضها تعطي صورة إيجابية) وشرائط سلبية مع مجموعة واسعة من سرعات للأفلام (تختلف في حساسيتها للضوء) من أيزو 50 (بطيء وأقل حساسية للضوء) وحتى أيزو 800 (سريع جداً وأعلى حساسية للضوء) وتختلف استجابتها للألوان (سواء كانت ألوانها متشبعة أم لا) وبالمقابل اختلاف مستوياتها ما بين الأسود أي من دون تعريض وبين الأبيض أي التعريض التام.

التقدمات والتعديلات تقريبا في جميع عيارات الفيلم خلقت أشكال “خارقة” حيث إن مساحة الفيلم لالتقاط إطار واحد لصورة تمت توسعتها، على الرغم من بقاء العيار المادي الخارق 8 ملم، الخارق 16 ملم والخارق 32 ملم كلهم يستخدمون معظم مساحة الفيلم للصورة أكثر من العيارات المقابلة وهي “العادية” غير الخارقة.

كلما كبر عيار الفلم كلما زاد مجمل تفاصيل ودقة الموضوع وكذلك الجودة التقنية.

إن من الممكن للتقنيات المستخدمة في مختبرات إنتاج الأفلام الخاصّة بمعالجة الشريط الفيلمي أن تُحدث فارقًا كبيرًا في الصورة الناتجة. بالتحكّم بدرجة الحرارة وتمديد مدة عملية نقع الفيلم بالمواد الكيميائيّة المُحمِّضة أو عن طريق تخطّي بعض العمليات الكيميائيّة المحددة (أو تخطيها جميعها جزئيًا)، يستطيع السينمائيون في المختبر إنتاج عدّة مظاهر مختلفة لنفس الشريط الفيلمي. بعض التقنيات المستخدمة هي: عملية الدفع، التبييض الجانبي، وعملية التقاطع. على الرغم من أن الغالبية العظمى في السينما لا يزالون يستخدمون الفيلم، إلا أن الكثير من السينما الحديثة تستخدم السينما الرقمية وليس لديها مخزون فيلم [بحاجة لمصدر]، لكن الكاميرات نفسها يمكن أن تكون معدّلة بطرق تتجاوز كثيرا قدرات الفيلم الواحد. ويمكنها توفير درجات متفاوتة من حساسية اللون، تباين الصورة، حساسية الضوء وغيرها. ويمكن للكاميرا الواحدة أن تحقق كل النظرات المتعددة من الطبقات الحساسة المختلفة، وعلى الرغم من أنه يُقنع بشدة على أن طريقة التقاط صورة هي الأسلوب “الأفضل”. يتم تنفيذ التعديلات على الصور الرقمية (الأيزو، التباين، الخ) عن طريق تقدير نفس التعديلات التي ستُجرى إذا كان الفيلم الفعلي قيد الاستخدام، وبالتالي فهي عرضة لمصممي جهاز استقبال الكاميرات لتصورات الفيلم المختلفة والعوامل المتغيرة لتعديل الصورة.

المصفيات

تستعمل المصفيات، مثل مصفيات الانتشار أو مصفيات تأثير اللون، بكثرة لتعزيز الطبع أو التأثيرات الدرامية. تُصنع معظم أنواع المصفيات من قطعتي زجاج بصري يتم إلصاقهما معًا باستعمال مادة بين الزجاجتين التي تقوم بالتلاعب بالصورة أو الضوء. في حالة مصفيات الألوان، هناك عادة مادة ملونة شفافة مضغوطة بين سطحي زجاج بصري. تعمل مصفيات الألوان عن طريق منع موجات ألوان معينة من الضوء من الوصول إلى الفيلم. مع فيلم اللون، يعمل هذا ببساطة حيث إن فيلم أزرق سيمنع مرور الأضواء الحمراء والبرتقالية والصفراء، مما يُعطي لوناً أزرق خفيفاً على الفيلم. في التصوير الفوتوغرافي بالأبيض والأسود، تستعمل مصفيات الألوان بشكل معارض للحدس نوعاً ما. على سبيل المثال، يمكن استعمال مصفي أصفر، الذي يقوم بحجب الأمواج الزرقاء من الضوء، لتعتيم سماء النهار (من خلال منع اللون الأزرق من إصابة الفيلم، مما يؤدي إلى عرض ناقص ملحوظ للسماء الزرقاء)، في حين أنه لا ينحاز لمعظم درجات ألوان البشرة للإنسان. عُرف بعض المصورين السينمائيين مثل كريستوفر دويل باستعمالهم المبتكر للمصفيات. يمكن استعمال المصفيات أمام العدسة أو في بعض الأحيان خلف العدسة للحصول على مؤثرات مختلفة.

العدسات

يمكن إضافة العدسات للكاميرا لإعطائها مظهرًا أو تأثيرًا أو تركيزًا أو لونًا معينًا أو غيره. حيث تقوم الكاميرا بإنشاء علاقة بين رسم المشهد والمكان وبين بقية العالم، تماماً مثل عمل العين البشرية.

ومن ناحية أخرى، يستطيع المصور السينمائي خِلاف العين البشرية، اختيار عدة عدسات لعدة أغراض. فاختلاف البعد البؤري أحد أهم مميزات ذلك، حيث يعمل البعد البؤري للعدسة على تحديد زاوية المشهد، وبالتالي تحديد نوع ذلك المشهد. ويستطيع المصور السينمائي الاختيار من بين العديد من العدسات، إما عدسة ذات زاوية عريضة، وإما عدسة اعتيادية، أو عدسة ذات تركيز طويل، أو عدسة الماكرو لتصوير الأجسام الدقيقة ونظام المؤثرات الخاصة للعدسة كالعدسات المجهرية. للعدسات عريضة الزاوية بُعد بؤري قصير مما يسمح لالتقاط المسافات الواسعة بكل وضوح. فيظهر الشخص البعيد بشكل صغير جداً بينما يظهر الشخص القريب كبيراً. ومن جهة أخرى، تقوم العدسات ذات التركيز الطويل بتقليل مثل هذا التكبير، فتصوّر الأجسام البعيدة وكأنها قريبة من بعضها لتعطي صورة مسطحة. فالاختلاف الذي يظهر بين الصور ليس بسبب البعد البؤري، وإنما بسبب المسافة بين تلك الأجسام وبين الكاميرا. لذلك، فإن استعمال أبعاد بؤرية مختلفة إضافة إلى كاميرات مختلفة لمسافات بعيدة يخلق هذه الاختلافات. البعد البؤري وإبقاء الكاميرا على نفس الوضعية لا يوثر على المشهد وإنما يؤثر على زاوية الكاميرا فقط. وتسمح عدسة التقريب للمصور بتغيير بعدها البؤري أثناء الالتقاط أو مباشرة بين الالتقاطة والأخرى. وبما أن العدسات الأصلية تعتبر أفضل من ناحية جودة الصورة وأسرع (أي أن لها فتحات كبيرة، فهي أفضل في الأماكن ذات الإضاءة الضعيفة) من عدسات التقريب، يتم استخدامها عادةً في التصوير السينمائي أكثر من عدسات التقريب. وعلى أية حال، فقد تتطلب بعض مشاهد أو أماكن تصوير الأفلام استخدام عدسات التقريب لسرعتها أو سهولة استخدامها، أو لأنها تستطيع التصوير بحركة مقرّبة. وفي أنواع التصوير الضوئي الأخرى، فيتم التحكم بالصور المعروضة في العدسة مع إعدادات تحكم فتحة العدسة. ولاختيار أمثل يحتاج المصور السينمائي بأن تكون عدساته ذات إيقاف من نوع T وليس من نوع F، كي لا يؤثر الضوء المهدر بسبب الزجاج على التعريض أثناء إعدادها باستخدام القياسات المعتادة. ويؤثر اختيار الفتحة أيضاً على جودة الصورة (تغيّر اللون) وعمق المجال (انظر بالأسفل إلى فقرة عمق المجال والتركيز).

عمق وبؤرة المشهد

البعد البؤري وسرعة الغالق تؤثران على العمق الميداني للمشهد، وهذا سيوضّح ما مدى ظهور الخلفية، والمنتصف والمقدمة في “تركيز متباين” (والذي يكون فيه جزء واحد فقط من الصورة مركّز عليه) في الفيلم أو المُنتج المصوّر. عمق الميدان (ويجب التفريق بينه وبين العمق البؤري) مكوّن من حجم الفتحة والمسافة البؤرية. يتم إنشاء عمق ميداني واسع أو عميق بفتحة قزحية صغيرة جدًا تركّز على نقطة معيّنة في تلك المسافة، في حين سيتكوّن عمق ميداني مسطّح في حال استخدمت فتحة قزحية واسعة ومفتوحة ومركّزة على العدسة. ويُحكم العمق الميداني أيضًا إلى حجم النموذج. إذا نظر شخص إلى الميدان والزاوية للمشهد، فإن الصورة الأصغر، سيكون من نصيبها البعد البؤري الأقل إذا ظلّ ميدان المشهد كما هو. وكلما صغرت الصورة، زاد العمق الميداني المكتسب لميدان المشهد نفسه. وللتوضيح أكثر، فإن 70 مليمتر يحوي عمق ميداني أقل من 35 مليمتر لميدان مشهد مُعطى، 16مليمتر أكثر من 35 مليمتر، وفي كاميرا الفيديو فإن العمق الميداني أكثر حتى من 16 مليمتر. وعلى الرغم من كثرة محاولات مصوّري الفيديو محاكاة منظر 35 مليمتر للفيلم مع الكاميرات الرقمية، إلا أنها ظلّت مشكلة عويصة، عمق ميداني مفرط مع الكاميرات الرقمية، ولازالوا يستعملون أجهزة بصرية إضافية للحد من ذلك العمق الميداني

استخدم المصور السينمائي جريج تولاند والمخرج أورسون ويليس في فيلم “المواطن كين” عام 1941 فتحات أضيق من أجل خلق حلقة وجعل كل التفاصيل في المقدمة والخلفية في وضعية التركيز الشديد. وتعرف هذه الوضعية باسم التركيز العميق. وأصبح التركيز العميق جهازًا سينمائيًا رائجًا في هوليوود من أربعينيات القرن التاسع عشر فصاعدًا، أما الرائج اليوم فهو التركيز السطحي. كما أن تغيير التركيز من هدف إلى آخر أو من شخصية إلى أخرى في نفس اللقطة يطلق عليه اسم التركيز المُجهِد.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.