الفن المفاهيمي Conceptual Art :
ذكر جيمس ويلسون (James R.Wilson ( 2001 أنه بدأ في منتصف الستينيات شعار الحرية للجميع في الفن ذلك المدخل الذي ساهم في تحقيق نشاطات فنية مُتعددة عُرفت بالمفاهيمية أو ( فن الفكرة ) بالاتصال مع فن الجسد وفن الأداء وفن السرد وكلها كانت جزءً لما سمي بعد ذلك بما هو ” أصلي Original ” أو ما هو فريد وغير دائم ، فهو ليس للبيع وليس للاقتناء بل هو فن للفن والتعبير فقط ، ويختلف كلياً عن كل السياقات الفنية التقليدية كالتصوير والنحت وغيرهما ، وقد لا يكون من السهل أن تجتمع كل تلك الاتجاهات والأنماط في شيء واحد ولكنها مُجمعة من المنشورات المكتوبة والصور الفوتوغرافية والتسجيلات والخرائط والأفلام والفيديو وأجساد الفنانين ذاتها وكذلك اللغة نفسها ، فالنتيجة كانت نوعاً من الفن لا يهتم بالشكل وفي حالة من التكوين المركب في عقل الفنان مما يتطلب نوعاً مختلفاً من التلقي والانتباه والاشتراك الذهني مع المشاهد .
ويُشير ثروت ( 2001م ) إلى أن سول لويت Sollewitt عرف الفن المفاهيمي على أنه ” فن يتضمن العمليات الفكرية وأيضاً مُتحرر من المهارة الحرفية لدى الفنان ، فالفكرة هي فن المفهوم وهي الأداة التي تصنع الفن ” حيث تعلو فيه الفكرة على العمل الفني ذاته فتُصبح العملية الإبداعية مثل الفلسفة يُحددها الجدل ووضع التساؤلات ، وتُطرد قضية هامة حول وظيفة الفن وعلاقته بالمشاهد ، ونتج عن ذلك توظيف المدرك البصري بالتناغم مع شتى الحواس الأخرى من سمع وعمل عقلي وحركي , وكانت أعمال فناني هذا الاتجاه مُتحررة من القيود الاجتماعية ، والثقافية ، والشكلية ، والطرق التقليدية الخاصة بالعمل الفني ، حيث تخطي هذا الاتجاه الرؤية الخاصة بتحويل الواقع وصياغته من جديد في عمل فني ، وأصبح الواقع هو المجال الأساسي للمقابلة الجمالية , أي التحول إلى الآلة والتكنولوجيا حيث اختفت بصمة الفنان ليتحول الفن من المضمون ( Content) إلى المفهوم ( Concept) أي التحرر من القيود الاجتماعية والثقافية والإشكال ذات الطرق التقليدية الخاصة بالعمل الفني الذي ينتج للسوق ” .
فالفكرة في الفن المفاهيمي هي الأداة التي تصنع الفن أي أن الفكرة هي الهدف الفعلي بدلاً من العمل الفني نفسه , وكمثال على ذلك فقد عرض ( جوزيف كوستف J.Kostf) عملاً فنياً تحت مسمى ( كرسي واحد وثلاثة كراسي ) ويُمكن توضيح وشرح محتوى هذا العمل بالقول ( أننا نجد الفنان وقد عرض كرسي حقيقي مع صورته الفتوغرافية وقام بالتحديد اللغوي لكلمة كرسي كما وردت في القاموس ، والفنان يسأل جمهوره أين توجد شخصية الكرسي أو الشيء ؟ هل هي في الشيء نفسه ؟ أم في ما يمثله من صورة فوتوغرافية ؟ أم في الوصف الكتابي لها أو الشفوي ؟؟ أم هي مجتمعة في الثلاثة معاً ؟ ) وعلى هذا يصبح العمل الفني في حد ذاته مفهوم Concept حيث يدل العمل على الاستقصاء لكلمة ( فن ) خارج الاعتبارات التعبيرية وبعيداً عن السياقات الاجتماعية ، والسياسة ، والثقافة وردود الفعل لسوق الفن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-James R. Wilson & S. Roy Wilson : Mass Media Mass Culture “An Introduction- Fifth Edition ” Mc Graw-Hill, 2001 .
– ثروت ، عادل ( 2001م ) : المفاهيم الفنية والفلسفية لفن الواقعية الجديدة ، رسالة دكتوراه ، كلية التربية الفنية – جامعة حلوان .

( محمدالعبدالكريم )

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.