المصور الضوئي "أكرم ميخائيل إسحاق" ... فنية وجمالية الصورة التوثيقية

المصور الضوئي “أكرم ميخائيل إسحاق” … فنية وجمالية الصورة التوثيقية

كنعان البني – زمان الوصل

الصورة الفوتوغرافية بحد ذاتها تلعب دورا توثيقيا للحظة والموضوع الملتقط بهذه الصورة، لكن أن تُحدد مسبقا بكونها صورة توثيقية فهذا يقودنا لمعرفة هذا النوع من التصوير الذي يخلد هذه الآبدة أو المكان الطبيعي أو الشخصية البشرية أو الحيوانية، وما هي الآلية التي يعمل عليها الفنان المصور الضوئي ليقدم لنا الصورة بطبيعتها دون تدخل خارجي، ومن أين تأتي الجمالية والفنية لهذه الصورة.
زمان الوصل التقى في مقر نادي “الرابطة الفني” بحيّ “المدينة” الفنان المصور الضوئي “أكرم ميخائيل إسحاق” الذي حدثنا عن آلية عمله في التقاط الصور الفنية والتوثيقية للأماكن والأوابد الأثرية التي تؤرخ للمدينة وأحيائها وعلاقة الإنسان بالمكان قائلا: كما تشاهد هناك العديد من الصور الملتقطة بفوارق زمنية ومكانية لمواقع متنوعة من أحياء المدينة وبعض أوابدها الأثرية التي بالعام تحكي قصة هذه المدينة الغارقة بالقدم، والصورة التوثيقية لا تؤخذ صدفة أو اقتناصا، بل تخضع للدراسة والمعاينة المتكررة وبأوقات زمنية مختلفة من اليوم صباحا وظهرا ومساء، حتى يتم توفير كل متطلبات اللقطة التوثيقية من زاوية الرؤية والإضاءة الطبيعية، مضافا لها فتحة العدسة والسرعة للالتقاط الصورة التوثيقية دون إدخال مؤثرات خارجية ربما تؤدي لتشويه الصورة وإفقادها المصداقية، لذا هذا العمل يتطلب جهدا وزمنا ليس بالسهل، وبشكل خاص توفر الإضاءة، مثلا وجود الغيم أحينا يضفي جمالية على اللقطة، وكذلك أشعة الشمس والغروب كل ذلك من الواجب على الفنان المصور أخذها بعين الاعتبار ليبين للمتلقي الفنية والجمالية الطبيعية للقطة التوثيقية، وأنا عاشق لمدينتي “حماة” وأعتقد أن هذا العشق واضح بلوحاتي في المعرض، بدون مجاملة وتدخل تكنولوجي خارجي، وكل حجرة في المدينة تحكي تاريخها رغم بساطتها برؤية لا تخلو من الجمال الطبيعي›.

 

مادة الصورة التوثيقية ربما تكون بقايا جدار، أو آبدة أثرية ما، وجميعا بالعموم تكون مجردة، إذا الجمالية والفنية التي تحتويها الصورة لها مرتكزاتها عند الفنان المصور، عن هذا الموضوع حدثنا قائلا: ‹تماما فالفنان الحاذق هو القادر على التقاط الصورة متوفرا فيها الفنية والجمالية وبشكلها الطبيعي، هذا يحتاج لعين محب، لأن المحب يرغب ويعمل على إظهار حبيبه بأجمل حلة، فالموضوع جامد تحركه هذه المشاعر والأحاسيس من المحبة والعشق›.
وتابع حديثه موضحا هذه الناحية قائلا: ‹لقد لمست ذلك لدى الزوار من كبار السن الذين وقفوا مطولا أمام الصورة وشريط ذاكرتهم يعود بهم لمرابع الطفولة والصبا، بعضهم لاشعوريا قفزت الدمعة من عينه متأثرا بموضوع الصورة التوثيقية›.
للمعرض هدف مسبق يشغل تفكير الفنان فيرتب عمله وبرنامجه لتحقيق هذا الهدف، عن هذا الموضوع حدثنا قائلا: ‹لاشك أن هناك مجموعة من الأهداف لدى الفنان ذاتي وعام، وهو تحقيق نجاح فني قادر على استحواذ المتلقي وتفاعله مع المادة المعروضة لما تحويه من فنية وجمال، وكذلك تحقيق التواصل مابين الأجيال والمكان وتعريف الشباب على تاريخ بلدهم والإشارة للأوابد الأثرية التي تشير للمدنية والحضارة التي تراكمت لديهم معرفة بالبلد وتاريخها وشخصياتها المهمة، فهناك جوانب فنية وجمالية وتربوية تقدم بطريقة غير مباشرة للمتلقي بمختلف شرائحه العمرية والاجتماعية›.
وعن جديد هذا المعرض قال: ‹إظهار الأماكن الأثرية والقديمة وتحريرها مجازيا من سطوة الأبنية الحديثة وظلالها المترامية على هذه الأوابد لتغيبها لاشعوريا أو لقلة الدراية بقيمتها عن عين ابن البلد والسائح معا، لذا عملي جاء ليعيد لهذه الآبدة حقها من المشاهدة من قبل أهل البلد وسواهم جماليا وتوثيقيا وبذلك نحقق هدفين بآن معا›.

 
لا بد من مشاريع لمعارض قادمة يعمل عليها الفنان المصور الضوئي “أكرم اسحاق”، عن جديده حدثنا قائلا: ‹لقد لاحظت صورتين لمهن شعبية تراثية في هذا المعرض، وهي للخباز خلف “التنور” قدمتها في هذا المعرض لأنها تنسجم مع الصور المأخوذة للمدينة ولا تُخل بانسجام الخط العام الفني للمعرض، لكن أنا الآن بصدد التحضير لمعرض يضم المهن الشعبية والتراثية في المدينة القديمة وأصبح عندي كمية لابأس بها من الصور الضوئية لهذا المعرض القادم›.
التقينا الآنسة “منى جبيلي” التي عرفتنا على نفسها وعن نشاطات النادي قائلة: ‹مدرسة فلسفة وعلم نفس متقاعدة، وأمين سر نادي “الرابطة الفني” أمارس نشاطاتي الاجتماعية من خلال النادي بوصفي مسؤولة عن النشاطات الفنية والثقافية والاجتماعية في النادي، وبداية برنامج النشاطات لهذا العام كان المعرض الفني “للتصوير الضوئي التوثيقي لمدينة حماة” للفنان المصور الضوئي “أكرم ميخائيل إسحاق”، وخلال العام لدينا برنامج حافل بالأنشطة المتنوعة “ندوات تتناول مختلف المواضيع الثقافية والصحية والبيئية والفنية، ورحلات ترفيهية وسياحية وعلمية وأثرية، احتفالات متنوعة عيد “الأم العربية”، و”عيد الجلاء الوطني” هذا إلى الجانب الاجتماعي والتربوي، والترفيهي من مسابقات ثقافية وفنية وعلمية›.
وعن الفرق الفنية والموسيقية، والشرائح الاجتماعية والعمرية التي يضمها النادي حدثتنا قائلة: ‹النادي يضم أعضاء من مختلف الشرائع الاجتماعية والعمرية ويشاركون بكافة نشاطات النادي، لدينا فرقة “كورال” قديمة بإشراف الأستاذ “أكرم عطون” والأستاذ “رياض كالو”، والآنسة “نرجس حزوري” مسؤولة عن أنشطة الفرقة الفنية، وتضم الفرقة أعضاء من طلاب المرحلة الابتدائية وحتى المرحلة الثانوية، لدينا فرقة “كورال غنائي” وفرقة “موسيقية” تضم جميع الآلات الموسيقي “الوترية والنفخية والإيقاعية”، هذا إلى جانب فرقة “كورال أطفال” تأسيسية. ومعرض “الصور الضوئي الفني التوثيقي”، أحد هذه الأنشطة ويحمل أهداف مهمة، وهي الربط بين الأجيال عبر الصورة الفوتوغرافية التي تنشط بموضوعها الذاكرة لدي الزوار لأنها تجسد أماكن متنوعة تاريخيا تبين ارتباط الفرد بالمكان وينعش موضوعة الانتماء للحيّ للمدينة للوطن›.
التقينا السيدة “سعاد بنت وسيل عوض” القادمة من “كندا” مكان إقامتها الحالي ُمعرفة عن نفسها قائلة: ‹خرجت من “حماة” وعندي من العمر ثلاثة عشر عاما سكن أهلي مدينة “دمشق” ثم تزوجت وتبعت زوجي “توفيق حمارنة” لنعيش في “الأردن”، ثم استقر بنا العيش منذ ستة وعشرون عاما في “كندا”، لكن يبقى الإنسان حنينه ودمه وقلبه مع بلده، إجمالاً كلما حضرت بزيارة إلى “سورية” أزور مدينتي ومرتع طفولتي “حماة” ألتقي مع الأقارب والأصدقاء وأتذكر الأماكن التي عشت فيها هذه الطفولة، والحالات الجميلة، وكل ما أذكره عن بلدي جميل›.
وعن مشاهدتها للصور التي التقطت للأماكن الأثرية وللأحياء القديمة ومنها حيّ “المدينة” الذي عاشت به طفولتها الأولى حدثتنا قائلة: ‹لقد تذكرت الكثير من الأماكن التي أعرفها والتي لازالت قائمة حتى اليوم، وحزنت على الأماكن التي زالت من الوجود وبقيت ضمن الصورة للذكرى فقط، لكن بالمقابل هناك مناظر وأماكن حلوة سررت برؤيتها وبالطريقة الفنية التي التقط ت بها الصورة التي تحدث الزائر عن جمال المكان وتاريخه وتعرفه بالمنطقة. وتمنيت على الفنان المصور أن يتوفر له الظرف ليقوم بالتجول بمعرضه هذا في مختلف البلدان ومنها “كندا” مكان إقامتي الحالي، ليشاهد أولادنا وسكان تلك البلد جمال بلدنا وتاريخها العريق بالحضارة والعلوم والثقافة والفن والتي لا توجد في أماكن أخرى تجاريها بالجمال›.
للصورة الفوتوغرافية دور كبير في الحفاظ على اللقطات التي تخلد المكان والزمان والإنسان، عن هذا الجانب حدثتنا قائلة: ‹الصورة تذكرنا بالمكان حتى ولو تهدم، لكن تذكرنا بجمالها والتطورات التي جرت على هذه المناطق، لكن هناك تجاوزات أدت لهدم المكان وهذا بحد ذاته مؤلم ومحزن، كالنواعير والقناطر التي كانت تنقل المياه لبيوتنا قديما وحدائقنا وحماماتنا العامة، كما تذكرنا بالأزقة الضيقة وتعرجاتها وقرب الأبنية من بعضها تشعرك بالأمان والحميمية التي تربطك نفسيا وروحيا مع أهلك والجيران، كل ذلك يشير لجمال البلد وعراقتها تاريخيا وحضاريا وإنسانيا، وكل الشكر للقائمين على هذه الأنشطة وللفنان الذي أمتعنا باللقطات الجميلة والفنية للبلد›.

– See more at: https://www.zamanalwsl.net/news/14041.html#sthash.c9PthOSh.dpuf

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.