مصطفى خضر: لا أرى في دمشق دمشق, ولا أراني

مصطفى خضر: لا أرى في دمشق دمشق, ولا أراني

  • الجمعة, 12-اغسطس-2016

وكالة أنباء الشعر – قمر الجاسم

كلّ هذا الفضاءْ

يحْتفي بالدّماءْ!

كلّهمْ شركاء…

كلّنا شركاء…

بعْدَ ان صارَكلّ الدَمِ،الآنَ،ماءْ!

“لم يْبقَ غيرُ الموتِ بصمت!” آخر ما كتبه الشاعر السوري مصطفى خضر عبر صفحته الرسمية على الفيس بوك قبل أن يعيد نشر ماكتبه خلال السنوات الماضية, من منشورات وقصائد قديمة, وكأنه يريد أن يقول “حذرتكم من الكارثة” ويعيد نشر قصائد من “الزخرف الصغير” الصادر 1997 والتي عبر فيها عن رؤيته ورؤياه منذ زمن. اننا بانتظار الكارثة :

انتظرْ بعد ثلاثٍ برهةَ للصلبوتْ

انتظرْ قبل صياح الدّيكِ شيئأ!

انتظرْ حادثةَ محتملَهْ

هكذا يضطرب العالم في شبْه هدوء وسكوتْ…

تنتهي منظومةٌ او نظمٌ جزءاً فجزءا…

ينتهي الكائنُ، والقتلى انتهوا،والقتلهْ!

فإذا الحضرة كالغيبة…فيها يلد الان، ويحيا،كي يموتْ…

ينتهي جوعان،ظمآن،وعريان…وكلّ الأرض لهْ!

ومتى يُبعث فيها؟

هل يربّي وردة أو سنبلهْ؟

ومتى يبني عليها الملكوتْ؟

“انتظرْ!ثمّ انتظرْ كارثةَ مثقلة بالأخْيلهْ!”

مجلة الآداب ـ عدد الشعر العربي الحديث ـ 1966

يعتبر مصطفى خضر من مؤسسي تيار الحداثة الشعرية, تعود تجربته إلى نهاية الخمسينات حيث بدأ بنشر إبداعاته في مجلة الآداب والمعارف, وحوار, وشعر “لبنان”, وفي الدوريات المحلية, والعربية الأخرى. وغيرها في الستينات و أصدر عمله الأول “من أين تبتدئ القصيدة” عام 1983 ثم المرثية الدائمة 4891 و رماد الكائن الشعري 1985، وجمهورية الأرض 1987 ، والعين والفضاء 1988، وطفولة هذا المكان 1991 وفضاء للجماعة 1993 إضافة إلى مجموعتين شعريتين للأطفال بعنوان “دفتر النهار” و “أنشودة الأرض” .. كما رفد المكتبة العربية بكتابين هامين في الأدب النقدي هما “الشعر والهوية” و “الحداثة كسؤال هوية” درس فيهما حركة الحداثة العربية عامة والشعر خاصة. وشارك كمحكم في مسابقات أدبية كثيرة منها مسابقة “المزرعة”.

 

تجربتي تنتمي إلى استراتيجية التساؤل

 

علاقته مع الإعلام شبه مقطوعة, فهو يجيب ويسأل ويحاور نفسه والناس, ويقدم تجربته عبر شعره. يطرح أسئلة كثيرة تعبر عن قلقه وهواجسه الإنسانية, والتي تدور في بال وقلب الكثيرين وهو القائل ” قد تكون تجربتي الشعرية بشكل خاص وتجربتي الثقافية بشكل عام منتمية الى استراتيجية التساؤل أو السؤال انطلاقا من معاناة تحاول استكشاف معاناة الأمة من حيث علاقتها بوجودها ومصيرها, أعني بمشروعها الذي تحاول ان تنجزه, ولذلك تستلهم مفهوما إبداعيا يتفاعل فيه الشعر والفكر وتنشغل قضية الشعر بقضية المصير, وتحاور فيه أيضا الحداثة موضوع الامة والهوية والوجود في العالم وكأن الشعر مدخل الى تجربة وجودية تنتمي الى وعي الذات وإلى وعي الامة لوجودها في العالم0 هكذا تبتدىء القصيدة من محاولة وعي الذات بما هي ذات قابلة للإنجاز وليست منجزة او مكتملة ومن محاورة قضايا الحرية والكرامة والعدالة والحب والخلق والتدمير … الخ وهكذا يؤسس الشعر للغة مختلفة وفكر مختلف”.

 

*أهذهِ مؤامرهْ

 

تعْلنُها تظاهرهْ!

 

*في أرضٍ ليستْ مرْئيّهْ

 

هل يعلو صوتُ الحريّهْ!

 

* في عصرِ الحرْبِ الأهليّهْ

 

من يبني الجمهوريّهْ!

 

*هل كانتِ الْغنيمهْ

 

طريقُها الْحرْبُ ام الْجريمهْ!

 

*الجنّةُ مغلقةُ الأبوابْ

 

لم يبقَ مكانٌ فيها للشهداء،وللأصحابْ!

 

ماهذي المحْنهْ؟

 

ماذا نفعلُ،ياأحباب؟

 

وعلينا اللعنهْ!

 

النقد جزء من تجربة فكرية وثقافية ما زالت قيد الانجاز

 

وعن النقد يقول خضر: للنقد عندنا محاولاته وللدراسات النقدية عندنا اتجاهاتها واهدافها المعلنة او المضمرة والنقد جزء من تجربة فكرية وثقافية ما زالت قيد الانجاز وفي بعض محاولاته عمق وبهاء وفي بعضها الاخر محاولة لاعادة النظر المستمرة بل للتأسيس وقد نصادف دراسات تنشغل بالدعاية او تسترخص الابداع والفكر وقد تهتم دراسات بالسطح دون العمق وهذا هو شأن حياتنا الثقافية والنقدية دائما وربما كان هذا هو شأن الحياة الثقافية والفكرية في غير مكان وفي اكثر مكان0 ولا بد من حالات صحية على حد تعبيرك تستشرف مشروعا وتعمل من اجل حياة مختلفة او مستقبل مختلف 0 وعلى اية حال فالنقد وعي وهو في اساس اي مشروع ثقافي.

 

*ما الْأَقلّيّة،الآن؟ ما الْأَغْلبيّه؟

 

والجميع،هنا،حطبٌ وضحيّه…

 

والْوقود الْقضيّه!

 

* كمْ ضاقتْ أفْضيةُ الْميْتمْ

 

والْمأتمُ يتْلوهُ مأْتَمْ!

 

لتأتي إجابات صاعقة لأسئلة ضمنية ومن خلال رسائل شعرية عميقة ومكثفة :

 

*”المواطنة انتماء،وليست “موالاة” أو “معارضة” !

 

*”الموالي” الضعيف،و “المعارض” الضعيف، كلاهما في جحيم!

 

*القصور والحماقة والغباء ليست من صفات “الموالي” الأعمى فقط، بل هي من صفات المعارض “المبصر”!

 

*الديمقراطية (يوتوبيا)،أيضاً!

 

لابدّ من(يوتوبيا)!

 

*الاختيار الديمقراطيّ يفترض تدرّباً على التفكير الديمقراطيّ والعمل الديمقراطيّ

 

*نحن فئْرانُ تجْربةٍ،والْبلادُ هي الْمُخْتَبَرْ

 

وإذاً،كيف نشْعرُ أنّ مصائرَنا في خطَرْ!

 

*لا ذاتَ…ولا موضوعْ…

 

العنْفُ هو المشروعْ!

 

*البَلَدُ الْمكسورُ والْمغْزُوُّ

 

يقيمُ في داخلِهِ الْعدوُّ!

 

وعاد ينذر في عام 2013 حين كتب:

 

*قالَ لي:لا طريقَ إلى جنّةِ الخلْدِغيرُ الجهادْ!

 

والجهادُ نصوصٌ تُفَخّخُ، موسوعةٌ من فحولٍ وأسلحةٍ…

 

وكأنّه ذاكرةٌ من كراهيةٍ واضطهاد!

 

وإذاً،هذه الأرضُ لابدّ أن تتحوّل مقبرةً للعباد!

 

*أيّ إسلامٍ يُؤَسَّسْ

 

عبْرَ دنْيا ينتهي فيها المُقدَّسْ!

 

مصطفى عباس خضر, ولد عام 1944 في بولص – سورية, ولد في إحدى قرى حماة ثم انتقل مع أسرته إلى مدينة حمص حيث أنهى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي, ثم حصل على أهلية التعليم وعلى إجازة في الدراسات الفلسفية والاجتماعية من جامعة دمشق. عمل في دار المعلمين بحمص حيث درّس مادة الفلسفة والتربية وعلم النفس والتطبيقات المسلكية. ثم انتقل إلى حقل التدريب المستمر للمعلمين أثناء الخدمة. عضو في اتحاد الكتاب العرب, ومقرر جمعية الشعر في الاتحاد بين عامي 1988 و1991. ممن درسوا شعره: شاكر مطلق, ومحمد مصطفى درويش, وعدنان بن ذريل, وغسان لافي طعمة, وعباس إبراهيم.

http://www.alapn.com/ar/uploads/ http://www.alapn.com/ar/uploads/

ونختم بمقطع من قصيدة “هكذا أحلم” من ديوان الزخرف الصغير الصادر عام 1997

 

هكذا أفتتح الآن نشيداً عربياً غامضاً، مضطرباً، مختلفاً…

 

أمتدح المهد الذي يحلم فيه الطفلُ بالبحرِقريباً من يديه!

 

ويرى ماء كثيراً يهجم البحرعليه!

 

ويرى الحبر على دفتره يشحن بالماشية الزورقَ،

 

يحصي حيوانات بياضٍ وسواد ملأتْ أرصفةَ الميناء،

 

والبحار، مثلُ الخرقة الرثة، يقعي فوقَ بطنٍ،

 

يعصر الخمرةَ في حوضِ ضحى؛ أسماكه تطفو..وللحلم

 

بقيه!

 

***

 

كيف لا أمتدح المهد الذي يحلم فيه الطفلُ بالبحرِ،

 

وفي المهد الذي يغفو كبحرٍ،

 

طلعتْ جنيةٌ خضراء تغريه بحلوى، وهديه!

 

وإذا ما اضطرب الطفلُ بأغصانٍ من الرغبة،

 

فليبتدىء اللعبةَ في النصِ الذي توجزه الحمى،

 

ويلهو بمجازٍ، ويؤدي دوره في مسرحِ الخفة..

 

ولتكتمل السلطةُ بالنثرِ!

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.