فقط في اليابان…أطعمة بلاستيكية متقنة الصنع !

ريتشارد مدهيرست [نبذة عن الكاتب]

لن أنظر إلى الخس مَرّةً أُخرى بنفس الطريقة التي اعتدت عليها. لقد كان لدي دائماً اعتقاد أنه نوع من أنواع الخضروات المتوفرة إلى حد ما، ويستعمل بكثرة في السلطة، ولكنك تقوم بتقدير جماله بشكل جديد ومختلف عندما ترى واحدة منه قد تم صنعها من الشمع  نصف الشفاف.

 سحر الخس

كنت أشارك في ورشة عمل في Ganso Shokuhin Sampel-ya وهو متجر متخصص في ”الأطعمة البلاستيكية“ وتلك الأطعمة هي مجسمات بلاستيكية طبق الأصل شائعة الاستخدام في نوافذ العرض في واجهات المطاعم باليابان. وقد بدأت مدربة ورشة العمل الخاصة بالمجسمات البلاستيكية بوضع الشمع الأبيض في حوض به ماء ساخن تصل درجة حرارته إلى ٤٠ درجة مئوية لتشكيل عجينة على السطح. وفي المرحلة التالية، قامت بعمل عجين أكبر عن طريق وضع مغرفة ونصف من الشمع الأخضر على جانب واحد  وقبل دفع الكتلة العائمة بعيدا إلى الجانب الآخر من الحوض. تقوم المدربة بوصل هنا للجزء الممتع من العملية. ثم أخذت أي المدربة كلا الجانبين من القسم الأبيض من الشمع بين الابهام والسبابة، ثم سحبته ببطء تحت الماء وأعادته نحوها مرة أُخرى.ولكون الشمع ما زال دافئاً، فقد تمدد وتمدد إلى نحو ثلاث أو أربع مرات بشكلٍ أكبر من حجمه الأصلي. ثم رفعت ورقة رقيقة من الشمع خارج الماء، وأخذت الجزء الأبيض وطوته معاً تماما على غرار الكشكشة. وكان هذا الجزء هو قلب الخس. بعد ذلك، مع لمسة بارعة منها، لَفّت الشمع الأخضر حوله في جميع الأنحاء لتغطية بشكل تام، حتى أكملت الخسة بشكل كامل. وكانت اللمسة النهائية منها من خلال قيامها بقطع الخضار الجديد إلى قطعتين ثم وضع جميع اللمسات الفنية الداخلية للعرض. وكان هذا أوج ورشة العمل. لكن قبل ذلك، كان الفريق قد قام بصنع صلصة ”التمبورا“ عن طريق خليط من الشمع الأصفر، واستخدام أجزاء معدة سلفاً تم تغطيتها بالشمع لتأخذ شكل ”التمبورا“ مثل الجمبري، الباذنجان، وشرائح اليقطين. وقد صنعنا غطاء ”التمبورا“ المقلية من خلال تنقيط الشمع من ارتفاع كبير فوق الماء للوصول إلى شكل ”التمبورا“ الحقيقي الهش والمقدد. و بَعدَ ذلك، كنا بحاجة فقط لتبريد الشمع ولفّه حول الحشو الذي اخترناه.

مدينة أدوات المطبخ

ونظرا لميولي (منذ أيامي الأولى) للأنشطة الحرفية فقد كنت أخاف من أن تذهب مجهوداتي سُدى، لقد كنت عصبيا قليلاً، ولكن والحمد لله، وإن لم يكن يصل إلى جودة نموذج التدريب العملي، لكني نجحت في صناعة الخس و”التمبورا“ إلى حد كبير. ولِكَيّ أكون صادقا، فقد قامت المدربة بمساعدتي، وعلى كل حال كان الحد الأدنى للسن للمشاركة هو الصف الأول من المدرسة الابتدائية! لقد كانت تجربة ممتعة، كما حصلت على نماذج  الطعام التي صنعتها بنفسي.

تقع Ganso Shokuhin Sampel-ya في الحي الشمالي لطوكيو كابَاباشي Kappabashi بالقرب من أساكوسا Asakusa، والمعروف باسم ”حي أدوات المطبخ“ والتي تبيع كل شيء يمكن أن يحتاجه المطعم حيث تزخر بعشرات المتاجر المتخصصة إلى جانب أدوات المطبخ والطبخ. ويقوم المتجر بإقامة دورات التدريب العملي تلك بشكل منتظم؛ ويمكنكم التعرف على تفاصيل الاتصال الكاملة والمبينّة أدناه. وعلى كل حال، بما أن الطلبة الأجانب يشاركون بشكل متكرر، فيجب أن تضع في اعتبارك أن عضواً واحداً على الأقل من فريقكم سوف يحتاج إلى أن يكون متقناً للغة اليابانية.

من الشمع للبلاستيك

وللقيام بصنع نماذج الطعام المزيفة من الشمع فان الطريقة الكلاسيكية هي المُثلى لإنجاز ذلك. ولعّلها الطريقة التي تعود لنحو قرن مضى من أجل فتح شهية الزبائن، حيث تبين لهم بشكل واضح ما يمكنهم اختياره من الأطباق المتنوعة. وكان أحد الرواد في هذا المجال Takizō Iwasaki  الذي أسس الشركة التي تدير متاجر Ganso Shokuhin Sampel-ya. وعندما تم تقنين استخدام المكون الرئيسي وهو شمع ”البارافين“ في الحرب العالمية الثانية مما هدد الإنتاج بشكل مباشر ابتكر Takizō Iwasaki وسيلةً لتقليل استخدام ”البارافين“ إلى نسبة 0.05٪ فقط مما كان مطلوبا من قبل.

أشكال عديدة من نماذج الطعام المزيفة: حامل للختم الشخصي من الهليون المغطى باللحم المقدد وقطعة من سمك السلمون لمفاتيحك.

لكن حتى مع التحسينات التكنولوجية للشمع فنه يظل هناك العديد من العيوب لديه. فمثلاً تسليط أشعة الشمس المباشرة ربما يؤدي حتى لذوبان نماذج الطعام وبالتالي تضيع وتنتهي جاذبيتها البصرية بأنها طازجة ومقرمشة ولذيذة. وفي العقود الأخيرة، تحولت الشركات المصنعة من استخدام الشمع إلى البلاستيك من أجل زيادة قوة التحمل واضفاء قدر أكبر من الواقعية. ومن الناحية التجارية، فقد جعل المصنعون تلك البنود قليلة للغاية دائما وعلى الرغم من كونها أكثر تكلفة بكثير من الشيء الحقيقي، فإنها نادراً ما تحتاج إلى استبدال أو تغييرها. ولعل هذا يكون أحد الأسباب الذي يجعل الشركات الآن تستهدف أيضاً السائحين والجمهور بشكلٍ كبير.

هذا وتأتي نماذج الطعام المزيفة لغير عملاء المطاعم في أشكال عديدة، من مغناطيس الثلاجة الشائع نسبياً وسحر الهاتف المحمول حتي وصل إلى العديد من الاشكال غير المتوقعة مثل ألعاب بازل على شكل البيتزا والخبز المحمص على لوحات مفاتيح المصابيح. وهناك بعض المطاعم العادية التي تضع طبقاً من معكرونة ”السباغيتي“ مع فروع ”تتدلى“ إلى أسفل من شوكة في المنتصف عائمة فى الهواء، والتي تحظى بشعبية كبيرة من الزبائن العاديين. بل توجد هناك مجموعات للهواة ممن يريدون صنع نماذج الأطعمة الخاصة بهم في المنزل. ولربما يستطيع كل منا في المستقبل أن يقوم بطباعة نماذج الطعام الخاصة به بغرض الزينة وذلك من خلال استخدام ماكينة الطباعة ثلاثية الأبعاد. فالأطباق الرئيسية والحلويات اللذيذة الإغراء يمكن صنعها بكبسة زر واحدة. وكذلك الخس المثالي .ولكن بعد ذلك مرة أخرى، عندما تصنع شيئا ما بنفسك فسوف تشعر بالتأكيد بالسعادة والمتعة؛ ومع ذلك وبالرغم من أن الخس الذي قمت بصنعه بنفسي لم يكن في أحسن حال، لكنه يبقى الخس الذي صنعته بنفسي. حيث لا يوجد شيء في رأيي يضاهي أبدا أن تقوم ببعض العمل ثم تجني ثمار مجهودك من فاكهة، آه وخضار.

وإذا ما كُنتَ ترغب في المشاركة في ورشة العمل، يرجى الاتصال (باللغة اليابانية فقط)

Ganso Shokuhin Sampel-ya
Nishi-Asakusa 3-7-6, Taitō-ku, Tokyo
0120-17-1839
Cost: ¥2,160

مزيد من التفاصيل (باللغة اليابانية فقط)

لن تفقد الصفحة مرة أخرى مع هذ البوك مارك على شكل قشرة الموز!

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.