http://www.arb-photo.com/
لكل صورة حكاية

  يرويها المصور الصحفي كريم صاحب

من وكالة الصحافة الفرنسية

المكان : العراق  – بغداد

الزمان :  الساعة  التاسعة  صباحا  من منتصف  الشهر العاشر عام 2004

خرجت من  مكتب عملي في وكالة الصحافة الفرنسية في بغداد ابحث عن صورة الموت الذي كان وما زال  يحصد الأبرياء من اعرق بلد ( العراق ) 

كثيرا  ما صورت انفجارات وحروب …..كنت أسير مع الموت في طريق واحد .

في بعض الاحيان كنت أتوهم اني شاهدته !

  كنت متوجها الى طريق مطار المثنى لتصوير التحاق طوابير أبناء الرافدين  وهم ينتظرون دورهم  للتطوع في الحرس الوطني الذي شكله الأمريكان ، في منتصف  الطريق سمعت صوت مدوي ، فادركت انه انفجار كبيروسط بغداد  .

التكرار اليومي لسماع اصوات الانفجارات  ، جعلنا نعرف من صوت الانفجار نوعيته سواء كان انفجار سياره او عبوة ناسفة .

حددت اتجاه مصدر الصوت ورؤية انبعاث الدخان ، وتوجهت اليه سالكا الطرق المختصره لابتعد عن زحامات الطريق  والوصول باسرع وقت للهدف .

كان الانفجار في  حي سكني شعبي  قديم في مدينة الكاظمية  وسط سوق الخضار . وكان وقت الذروة  في الصباح ، حيث تتجمع النساء العراقيات وخاصة كبيرات السن وهن يرتدين العباءة  السوداء التقليديه  باكرا للتسوق وشراء الخضروات والحاجيات الاساسية.

السوق  الشعبي يحتوى الباعة المتجولين واصحاب البسطيات ( الجنابر ) الذين تتعالى اصواتهم للتعريف ببضاعتهم وسط الوان الخضروات المعروضه

هذا الصباح تحول السوق الى حمام من الدم واختلطت دم الأطفال والنساء  مع لون الطماطم والخضار

وصلت المكان  قبل سيارات الاسعاف والاطفاء وقبل وصول القنوات الفضائية ووسائل الاعلام لتغطية الحادث  ..

كان منظرا مرعبا ..

نساء  بمختلف الاعمار واطفال بعمر الورود ….. تتشابك الايادي بين الام الشهيدة حاضنة طفلها لتحميه من هول ما حدث ..

صورت كل شي….

لكني من شدة المأساة  وهول ما اشاهده كانت عيناي تذرف الدمع  وتمنعني  من التصوير

اتوقف لامسح دموعي  واعاود التصوير .

جلست  على الارض ..توقفت أصابعي عن التصوير

عيناي اصبحت  لا ترى الأشياء بوضوح ..

اسندت  راسي على الجدار

شاهدت    النسوة  فوق السطح تراقب  المجزره  وهن مذهولات من هول ما حدث

كان المنظر امامي مشوش في البداية

ركزت مسحت عيوني صورت بحدود عشرة صور

وانا مازلت جالس على الارض

سمعت صوت الله اكبر الله اكبر الله اكبر ثلاث مرات

كان قريب جدا…

ادركت ان انه نداء للموت ..

كان انتحاريا بحزام ناسف أراد  ان يفجر نفسه بالمسعفين

نمت  على  الارض حاضنا كامرأتي

مرت لحظات  ولم اسمع صوت الانفجار  لان الله لطف بالأبرياء وعطل زر التفجير ولم ينفجر الحزام

نهضت مسرعا كان بالقرب مني مسافة ٣٠ متر

أمسك الناس به وكان الاخرين يركضون بفزع صورت كل شيء من حولي بعدها اقتربت من الانتحاري وقد أمسك به  خمسة رجال ، وهو يصرخ …قتلاكم في النار وشهدائنا  في الجنة…… كان يصارع ويحاول ان يفلت من قبضتهم

تبين فيما بعد انه انتحاري من اليمن ..

اكملت  التصوير  وانجزت مهمتي ، عندها وصل الجيش الامريكي   وطلب منا فورا مغادرة المكان  ، فغادرت  عائدا للمكتب …

فور وصولي ارسلت  مجموعه  مختلفة من الصور للمجزرة  لكن بعض الصحف اختارت هذة الصورة التي نشرتها بعض الصحف العالمية  الاكثرها انتشارا في امريكا واوربا ..

صورت المجزرة  التي حدثت جراء التفجير وكنت  شاهد  على اجرام الارهاب

اخترت  لكم هذه الصورة  للنسوة وهن  يراقبن بذهول  ما حدث ،  للتعبير عن الحادث بدلا من صور الاشلاء الممزقة والمحترقة .

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.