في لوحات تجسد فن الكلمة والصورة

أحلام الأحمد: «طلاسم أنوثة» ترسم ملامح امرأة تبحث عن هويتها!

 

تاريخ النشر: الثلاثاء 01 يونيو 2010

أزهار البياتي

يحمل الحرف العربي أبعاداً تشكيلية وطاقات جمالية لا حصر لها، وإلى جانب كونه ذا دلالات تعبيرية وفكرية عريقة، فهو منطلق جديد ورافد من أهم روافد الفن المعاصر، ويعتبر كنزاً حقيقياً وطاقة هائلة يمكن النهل منها وسبر أغوارها لابتكار الكثير من الفنون والإبداعات.

ولعل معرض «الكلمة والصورة» الذي أقيم مؤخراً في جمعية الإمارات للتصوير الضوئي قد أكد على هذا المعنى بوضوح، فمن خلاله قدمت مجموعة من شباب الإمارات الموهوبين في فن التصوير الفوتوغرافي لوحات معبّرة، زاوجت ما بين الصورة والحرف بإطار فني راق ومؤثر، استخدم فيها الحرف العربي بكل إمكانيته البصرية والدلالية، ليندمج بأشكال مختلفة ومبتكرة مع موضوعات منتقاة من الصور الفوتوغرافية لهؤلاء الفنانين، فشكلا معاً لوحات تعبيرية جميلة ومشفرة، ليقرأها كل متلق حسب ما يتراءى إليه.

المصورة الفوتوغرافية الإماراتية أحلام الأحمد تعتبر من الفنانات المتميزات في هذا المجال، ولها أسلوبها الخاص الذي أفردها عن الآخرين، فقد شاركت على مدى الدورات السابقة في عدة معارض، منها معرض «الكلمة والصورة»، محققة بأعمالها الفنية المبتكرة حضوراً لافتاً جعلها في الطليعة، مما أهلها للفوز بعدة جوائز كان أهمها من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، في العام 2008، ثم في 2009 على التوالي، حين حصلت على جائزة «العين الماسية»، وهي تفخر بهذا الإنجاز، فتقول « لاشك أن الدعم اللامحدود الذي أحصل عليه من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، له بالغ الأثر على تحفيزي ونجاحي ، فهي من تنظم المعارض وتدعونا للمشاركة في المسابقات، كما تساهم في انتشار أعمالنا إعلامياً، في العموم هم لا يألون جهدا في تشجيع المواطنين الموهوبين وحثهم على التألق والإبداع».
ولأنها فنانة متذوقة لها فكر نير وبصمة تميّزها، نجد أنها تستعين بإمكانيات الحرف العربي بوكل ما يمثله من جماليات تظهر انحناءاته، ورشاقته، وطواعيته، وتدمجه بالصورة الفوتوغرافية بشكل خّلاق ليشكلا معاً فلسفة جديدة ولغة رمزية، تكمل فيها الكلمة والحرف بقية الصورة، أو لتعكس الصورة معاني وأحاسيس مختلفة للكلمة والحرف، وتعبّر الأحمد عن هذا فتقول «الحروف العربية عندما تأتي منفردة، تمثل عندي طلاسم و رموزا، وهي تشبه المرأة إلى حد ما، فهي أيضا غامضة وغير اعتيادية، وكأنها لغز محيّر، لذلك حين يتواصل الشكل مع الحرف في عملي يكملان بعضها البعض ليؤديا ذات الغرض والمعنى» .
وتحت عنوان «طلاسم أنوثة 2» والذي يعتبر عملا تكميلياً لمعرضها السابق الذي جاء تحت نفس المسمى، شاركت في هذا الموسم بثمان لوحات تعبيرية كان العنصر النسائي فيها هو الأساس، لترسم «أحلام» بنظرتها الذكية صورا ضبابية للمرأة المعاصرة، ملتقطة تفاصيل صغيرة من خلال العدسة، تبين من خلالها وجهة نظرها الخاصة التي تترجم فكرتها عن فقدان الهوية وتشتت الانتماء، وهي تشير لهذا بالقول «هي فكرة راودتني فأردت أن أجسدها من خلال اللوحات، ومن مشاهداتي اليومية وقراءتي للمحيط العام، وجدت أن الجيل الجديد وخاصة الفتيات يعانين من ما يسمى فقدان الهوية أو تشوش في الانتماء، وكأنهن يبحثن عن معنى أو شيء ما، ليتمسكن به، ربما يكون ثقافة أو اتجاها سائدا أو مجرد شعور بالاختلاف».
وقد لا يصنف البعض أحلام كمصورة فوتوغرافية بالمفهوم المتعارف عليه، بل يميل أكثر إلى وضعها في خانة الفن التشكيلي، ربما لأنها تعتمد على الجمع بين عدة تقنيات وأدوات لتوصل فكرتها من خلال اللوحة، وتكون عدسة الكاميرا جزءاً منها فقط، والأجزاء الأخرى تعود إلى الرسم اليدوي، وفن الكولاج، وإلى تقنيات الفوتوشوب أيضاً، وهكذا هي تعلل هذا الأمر، فتقول» لا يهمني تصنيفي ضمن فئة معينة، بل أن أوصل فكرة ما تشغلني وتؤرقني، وقد أعمد لاستخدام الفرشاة لأرسم شيئاً ما ثم الحقه بلصق عنصر مادي آخر، وبعده أضع الصورة الفوتوغرافية لتكتمل جوانب اللوحة، قد تمثل الصورة عندي مجرد أداة وتكنيك، أو لغة تعبير توصّل أفكاري، لا يهم تسميتي بمصّورة أو تشكيلية، ففي النهاية المهم أن تكون أعمالي فنية، معبّرة، ولها مفهوم».
عن سر تميزها ونوعية موضوعاتها المفضلة للتصوير، تقول «أفضل التصوير المضموني أو ما يسمى بال» Conceptual Photograph « أي النوع الذي يعتمد على المعنى والمضمون ويحمل فكرة وموضوع، فيتناوله المصّور من وجهة نظره هو، وتلتقطه عين المتلقي حسب ما تشاء أو يتراءى إليه، وأعتقد أن هذا هو ما يفرقني عن غيري، فأفكاري حتما مختلفة وترجمتي لها من خلال التصوير تعكس هذا التباين والاختلاف».

 Image result for ‫أحلام الأحمد - مصورة من الإمارات‬‎

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.