وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة على صدر التشكيلي نذير نبعة

الرئيس الأسد يمنح نذير نبعة وسام الاستحقاق السوري
في أواخر عام 2005 مُنح نذير نبعة وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة من قبل الرئيس بشار الأسد، في وقت لاحت فيه الأخطار التي تحدق بسورية إثر سقوط “بغداد”، وما تبع ذلك من مواقف عدائية معلنة. وفي حفل تقليده الوسام اختار نذير نبعة أن يبدأ حديثه بالإشارة هذه الأخطار، ينهيه بالتعهد بألا يجبرنا الخوف على أن ننكس راية النور والجمال:
“يتعرض الوطن في هذا الزمن الرديء إلى عاصفة عاتية تحاول هدم كل الملامح الحضارية التي تميزت بها هذه الأرض عن سائر الأوطان.. اليوم أحمل هذا الوسام بالإنابة عن كل المبدعين التشكيليين في سورية الحبيبة.. والذين أعتقد أن بعضهم يستحق هذا التقدير أكثر مني، كما أعاهد باسمهم الوطن ألا يجبرنا الخوف على أن ننكس راية النور والجمال. وأن تظل مرفوعة في وجه الظلام. وستظل جذورنا مغروسة بأرض الوطن. في زمن العسر كما في زمن اليسر. وفي زمن القحط كما في زمن الخير”.

بقي الجانب الوطني، والإنساني العام، حاضراً بقوة في حياة نذير نبعة الشخصية، والإبداعية. فإلى جانب إنجازه الكثير من الأعمال المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والعمل الفدائي خاصة «وبعضها صارت من رموز النضال الوطني الفلسطيني». كانت مرحلة “الدمشقيات” التي امتدت منذ عام 1975 وحتى 1991 وجاءت “كأغنية وقصيدة طويلة في حب دمشق”، كما قال في سياق لقاء صحفي طويل «وأخير» أجراه معه الزميل «سامر إسماعيل» ونشرته صحيفة “السفير” في التاسع عشر من شهر شباط 2016، أي قبل رحيله بأربعة أيام. وفي اللقاء ذاته تحدث المعلم نبعة عن أثر الأحداث الكبرى التي شهدتها منطقتنا منذ مطلع تسعينات القرن الماضي على موقفه كفنان: “الحقيقة أن فكرة «المدن المحروقة» كمعرض بدأت مع مجزرة “قانا” وتعرض مركز الأمم المتحدة للقصف الإسرائيلي، هذه الحادثة أثرت بي كما أثر بي القصف الأميركي ل “بغداد” مدينة الفن، مدينة جواد سليم والشعراء، فأنجزت مجموعة لوحات أطلقتُ عليها عنوان “المدن المحروقة”، وشعرت أن هذه المدينة المحروقة ستتكرر في مدنٍ عربية أخرى، وللأسف هذا ما وصلنا إليه اليوم”. وقد ختم الزميل «سامر إسماعيل» اللقاء بالإشارة إلى رسمومات عن «داعش» بالحبر الصيني “أطلعنا عليها «نبعة» في مرسمه الحنون، هو ما يشتغل عليه مؤخراً”. قال نبعة: “في فترة حكم «محمد مرسي» لمصر وظّفت الفضائيات فترات بأكملها لتعطي كل يوم فتوى للجمهور، مما حفزني لتحقيق «بورتريهات» عن ذلك أسميتها “المفاتي”.

 

آخر لوحة لنذير نبعة حملت اسم «سورية»

حملت آخر لوحة أنجزها نذير نبعة اسم “سورية”. وفيها استعاد خطوطه القوية التي أبدع فيها رسوماته الصحفية، ومواضيعه الفلسطينية، ولون الأهرة «الأوكر» الذي استخدمه في مرحلة أساطير “الفرات”. وصورة المرأة التي لازمت الفترة الأطول من تجربته وقد رسمها عارية وفق ما يوحي العري لديه بالخصب والجمال والحياة، وهي تواجه بالصمود والدعاء عواصف تهز حضورها.

مع تعدد أطياف إبداعه بين التصوير والرسم والملصق ورسوم الأطفال والتدريس، بقي هناك خيط سري يجمع بينها جميعاً قوامه البحث الجاد العارف والخبير، وهو ما أهله للتكريم في “القاهرة”، و”الكويت” بمعارض احتفالية خاصة، ولنيل العديد من الجوائز وشهادات التقدير والأوسمة، وعلى رأسها وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة.
رغم أن المرض صار شريك حياته منذ سنوات كثيرة، فإن التماسك الذي أبداه خلالها جعل فكرة الموت تنأى عن محبيه الكثر، فقد استمر حتى أيامه الأخيرة أميناً لنشاطه الإبداعي، وحضوره المفعم صدقاً ومحبة ومعرفة وعطاء. لم يكن نذير نبعة مجرد فنان كبير، وإنما علماً في الثقافة الوطنية والعربية، ومعلماً لأجيال من الفنانين، و«نبضاً بصرياً» لسورية:
“كل المواضيع التي تناولتها في لوحاتي مواضيع سوريّة، وفي المستقبل سأتناول مواضيع سورية، أنا لا تعنيني إلا المواضيع السورية، الموضوع الفلسطيني أليس سورياً؟ الموضوع الإنساني أليس سورياً؟ بمعنى أني أتناول مجموع مواضيعي من خلال الإنسان السوري، وأعبر عن هذا بلغتي السورية، أنا متأثر بالفرعوني والآشوري العراقي والمنجزات الفنية العالمية، ولكني أعبر عنها بلغتي السورية، أنا أتعلم من مجموع هذا، ولست مقلداً له”.

 

وفاته وتأبينه

نعى اتحاد التشكيليين الس

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.