السبت، 30 يوليو، 2016

التصوير الشمسي 3 – أحمد المفتي

صورتي

التصوير الشمسي (3) ….

وصوّرنا يا زمن…

في خريف سنة 1840 أعلن عالم الرياضيّات واللغوي البريطاني الشهير وليم هنري فوكس تالبوت W. H. Fox Talbot (1800 – 1877) عن تطوير جذري في التصوير الفوتوغرافي لآلة داغيروتايب والتي كانت لا تعطي إلاّ صورة واحدة وعلى لوح من الفضة وبتكاليف باهظة، وأطلق على تطويره هذا واختراعه الكالوتايب Calotype وأصبح الأساس للتصوير الفوتوغرافي الحالي.. وبهذا التطور استطاع بالكالوتايب أن يعطي أكثر من صورة بالإضافة إلى خفض التكلفة. وغدا اختراعه في متناول كلّ هاوٍ، وماذلك إلاّ لرخص ما أنتج…

وكما أسلفنا سابقاً.. أن أوّل من التقط صوراً لدمشق بآلة الكالوتايب هو الضابط الطبيب كلاوديوس غالين ويلهاوس Claudius Galen Whulhous (1826 – 1909) وكان قد اختير ليرافق مجموعة من النبلاء البريطانيين في جولة بحريّة في المتوسّط على متن اليخت (جيتانا Gitana) سنة (1849 – 1880).. وكان من بين النبلاء الذين اصطحبهم اللورد لينكولن الذي أصبح فيما بعد وزيراً للحربية خلال حرب القرم (1854).

تجوّل الفريق البريطاني حوالي التسعة أشهر، فزاروا: إسبانيا، والبرتغال، ومالطا، واليونان، ومصر، وسورية، واستانبول.

وبعد نهاية الرحلة سلّم ويلهاوس الصور التي التقطها إلى اللورد لينكولن، لكنّ حريقاً شبّ في 26 آذار 1879 أتى على معظم الصور، ولم ينج سوى ألبوم واحد تحتفظ به (الجمعية الملكية البريطانية للتصوير) في مركزها بمدينة باث Bath بعنوان “صور شرقية ومخططات تصويرية من شواطئ المتوسط”. ويحتوي الألبوم على صورتين لدمشق تم التقاطهما من القلعة…

وفي أواخر أربعينيات القرن التاسع عشر، أسس المصوّر الفرنسي الهولندي الأصل ثيودور ليوف Theodore Leeuw أول استديو احترافي للتصوير في بيروت، ويذكر شارل دوكوتلوسكه في كتابه (ذكريات أخيرة) أنّه التقى في الجليل بفلسطين فرنسياً يقطن في بيروت ويتجوّل مع ابنه يلتقط صوراً بالداغيروتايب ويعتقد أنّ أول صورة بانورامية للقدس التقطها ثيودور من أربع لقطات متتابعة وممهورة بختمه في الخلف، وقتل ثيودور في عكا بتاريخ 8 كانون الثاني 1856، وواصل ابنه هنري (1837 – 1901) المشوار في بيروت قبل أن يستقرّ بدمشق أوائل الثمانينات.

في سنة 1852 قام المصوّر الألماني الهاوي أرنست بينكة Ernest Benecke (1817 – 1894)، والمولود في بريطانيا، بجولة في الشرق، ومكث في سورية سنة بكاملها (1852 – 1853) التقط فيها مجموعة من الصور لمناظر نادرة لم تعرض في أوروبا إطلاقاً، ثم ظهرت صوره سنة 1992 في مدينة ليل بعد طبعها من قبل لويس إيفرار وهي عبارة عن 143 صورة بيعت في مزاد بعد أن اكتشفت في منطقة بافاريا…

وما تتميز به صور بينكة أنّه التقطها: لربّات بيوت، وأزياء، وعازفين، وتجّار، ومناظر طبيعية، وعمرانية.. وهذا مالم يفعله غيره حيث نقل الحياة الاجتماعية التي كانت في خمسينيات القرن التاسع عشر.. ومن أعماله صورة لفندق أنطونيو بدمشق 2 تمّوز 1852 تمثّل الواجهة والليوان…

ومن أهمّ وأبرز المصوّرين الذين صوّروا دمشق مطلع خمسينيات القرن التاسع عشر… الاسكتلندي جيمس غراهام James Graham (1806 – 1869) والذي أقام في مدينة القدس 1853 وتجوّل في مصر وسورية والتقط صوراً للجامع الأموي، ومنظراً بانورامياً لدمشق من القلعة، ومنظراً باتجاه الغرب فيه جبال لبنان ولباب شرقي. وأغلب كتب الرحلات التي صدرت عن تلك الفترة تتزيّن بصوره. كما استخدمت صوره أساسً للوحات الرسّامين الاستشراقيين.

ويذكر الرسّام البريطاني توماس سيدون Thomas Seddon (1821 – 1856) أنّه حصل من غراهام على مجموعة من الصور الفوتوغرافية للاستعانة بها في رسم لوحاته.

كتب سيدون إلى خطيبته: “آمل أن أحضر بعض صور غراهام لأعرضها عليك وكذلك لتأمين حاجتي من الرسوم التخطيطية. إنّها صور قيّمة للغاية، لأنّها حقيقية تماماً بقدر ا لإمكان، ومع ذلك فإنّها لن تُعوِّضَ عن القلم. إذ أنّه يوجد في الصور الفوتوغرافية الكثير ممّا هو مزوّر”…

مرسلة بواسطة Ahmad Al Mufti

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.