ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏

حكاية بعل و موت
عقيدة الخصب السورية والصراع اﻷزلي بين الحياة والموت…
قصة التحدي ومقولة السوريين “يا هﻻ بالموت”
وأراضي البعل بتشهد على نصره…
بتعرفوا انو اﻹله بعل (حدد)كان واقف جنبنا خلال السبع سنين حرب..منشان هيك رح احكيلكن حكايتو…
بعل ابن داجون= ايل=بل=عل=العلي= اﻹله المحارب .. هو اله المطر والسحاب والصاعقة والبرق و الرعد(واﻹله حدد..آدد..هو أحد تجسيدات البعل وأحيانا بيكون هو نفسه) وبيمثل قوى الحضارة و البناء والنظام وبيمثل كمان القوة المتممة لقوة اﻹخصاب الكونية ” عناة” اﻷرض..وهي زوجة البعل آلهة الخصب اﻷوغاريتة الكنعانية الفينيقية اﻵرامية …..
موت =هو اله العالم اﻷسفل وسيده ..وبيمثل الموت والجفاف والدمار والفوضى..
عﻻقة بعل وعناة (المطر والخصب) عﻻقة وثيقة جدا ومابتنفصل أبدا وحبهن أبدي ووثاقهن الجسدي مهم وضروري جدا للحياة الزراعية …
ومتل ما منعرف انو نوع اﻹقليم والمناخ بسوريا غني جدا باﻷمطار الضرورية للزراعة.. (يعني نسبة اﻷراضي الزراعية اللي بتعتمد على سقاية اﻷنهار قليلة) بعكس اﻷراضي الزراعية اللي بتعتمد بالسقاية على مياه اﻷمطار ..فحسب اﻹسطورة انو كل اﻷراضي الزراعية هي ملك اﻹله بعل يعني بتنسقى من عند البعل من مياه اﻷمطار..لهيك بعدنا بسوريا منقول أراضي بعلية..
وبعل بحسب اﻹسطورة اﻷوغاريتية هو اله قوي وجبار ومحارب شرس..(ﻷنو تغلب باسطورة الخلق والتكوين ونظم أحوال العالم..على (يم )اله المياه اﻷولى ) ولمن خسر معركة مع اله العالم اﻷسفل فكانت خسارة وخضوع مؤقت بارادته ولحكمة منه…وبعد انتصار البعل على يم ..خلق نظام وبنى مملكة مؤلفة من الحياة اﻹنسانية والنباتية وأشرف عليها بنفسه..لكن ضل في قوى بتعاكس وتقاوم نظامه..وهالقوى بيمثلها اله العالم اﻷسفل (موت) اللي كان ضد اﻹنسان وبيتبعه طول حياته ليخطف روحه منه ..اللي بعل بيعمل جهده للحفاظ عليها باعطاء اﻹنسان الخيرات والثمار واﻷمطار وبث الخصب بالتربة لتحيا روحه..وكمان موت كان ضد النبات ودايما بيبعتلها الحرارة لتدبل وتيبس بعد ما يكون بعل عم يحميها وينميها..وموت ضد النور والشمس والوضوح والحركة لهيك عالمه هو عالم سفلي بيسود فيه الظﻻم والصمت والسكون بعكس عالم البعل المليء بالفعالية والحركة والحياة والخير…
وهالقوتين الكبار ﻻزم يتصارعوا وصراعهن اﻷزلي ضروري ﻹستمرار الحياة وبيدوم كتير قبل ما ينكتب النصر لواحد منن..ورح يكون بعل موجود بالمعركة مرات عديدة..فكل سبع سنين بيطلع موت وبيتحداه لبعل اللي بيسلمو نفسه برضاه وبينزل للعالم اﻷسفل بيتصارع معو وبيرجع للحياة منتصر بعد معركة عنيفة بين بعل وعناة من جهة وموت وأتباعه من جهة تانية..ودور عناة بيتجلى بمساعدة البعل بانو تقتل موت وبتقطع جسده وبتنشره بالحقول وبعل بيقضي على بقية القوى التابعة لموت…وبهاﻹنتصار بترجع الحياة للطبيعة وبترجع اﻷمطار لتروي اﻷراضي الجافة وبترجع الحياة الزراعية لمسيرتها الطبيعية..
فهدف اﻹسطورة اﻷساسي هو تفسير الدورة الزراعية السنوية وتفسير تناوب دور الخصب والجفاف اللي بيميز مناخ منطقتنا وحصر هالظاهرة بسبع سنين خصب ..بيعقبها فترة من القحط والجفاف بتكون طويلة أو قصيرة بحسب شدة وعنف المعركة بين البعل وموت وبعدها بترجع الحياة لطبيعتها…
طبعا فهم وادراك اﻹنسان السوري للقدرة اﻹلهية وماهية الصراع بين قوى الخير والشر جعلته يبتكر مجموعة من اﻷساطير هدفها توعية الناس وتعليمن يزرعوا ويخترعوا ويبدعوا ويبتكروا كل اﻷساليب اللي بتخلي اﻷرض تنتج الخير ليجابهوا اله الموت والقوى الشريرة…
من حكاية البعل وموت حسب اسطورة الخصب اﻷوغاريتية
(والللي قدمها بطريقة جميلة ومبدعة ورائعة المؤرخ فراس السواح بكتابه ..مغامرة العقل اﻷولى)….رح نلمس حكاية الصراع اﻷزلي (قديما وحديثا) بين الخير والشر واللي بيشكل حجر اﻷساس باللاهوت الكنعاني…
بتقول الحكاية (أرجوكن اقرأوا اﻷشعار..كتير مهمين) :
بعد ما استقر اﻹله بعل فوق عرشه وأشرف على مملكته بنفسه…بدأ أعداؤه بالتآمر ضده وبيعلن موت باسمن جميعا الصراع:
أنا وحدي من سيحكم فوق جميع اﻵلهة
أنا وحدي من سيأمر الناس واﻵلهة
ويسيطر على جميع من في اﻷرض….
فبيبعت البعل رسولين (جوبار.. وأوغار) ليتفاوضوا مع موت…لكن مابيمشي الحال وبيرفض موت فكرة التعايش بسﻻم وبيحرض القوى الشريرة اللي بتنتمي لعالم العماء المائي وبيبعت التنين لوتان (أبو سبع رؤوس) ليتصارع مع البعل…لكن بعل بيقضي على لوتان بسرعة فبيغضب موت غضب شديد وبيكتشف انو ما ممكن الخﻻص من البعل إﻻ بمواجهته شخصيا…فبيبعتلو مرسال بيطلب نزال المواجهة… وبوصف مشهد لموت الفاتح تمو ليبتلع البعل بعد هالطلب (وطبعا هاد وصف لتغير حال الطقس والمناخ بفصل الخريف) :
شفة في اﻷرض…. وشفة في السماء…. واللسان بين النجوم..
ليدخل بعل في أعماق جوفه.. .. هابطا إليه من فمه….
فتجف أشجار الزيتون.. وكل منتجات اﻷرض…وثمار جميع اﻷشجار..
خاف عليان بعل منه وارتجف….نعم..لقد فزع منه راكب الغيوم….
وهون بيعلن البعل قبوله تحدي موت :
اذهبا وقولا لﻹله موت…. أعلنا للبطل حبيب اﻹله إيل
رسالة بعل العلي…. وكلمة علي المحارب :
…تحية لك يا “موت ” اﻹله…
من هون من جملة اﻹله بعل “تحية لك ياموت اﻹله” صاروا السوريين يقولوها لمن بيصير مواقف صعبة فيها تحدي مفروض عليهن بيقولوا: “يا هﻻ بالموت”
وهيك بيقبل بعل تحدي موت وباختياره بيروح للعالم اﻷسفل وقبل ما يغادر الحياة بيبعتلوا موت تعليماته ليقدر يوصل لعندو (وهي وصف لحالة القحط والجدب اللي بتصيب اﻷرض وقت الجفاف) :بتقول تعليمات موت :
عليك أن تأخذ معك غيومك… ورياحك وعواصفك وأمطارك ..
وتأخذ معك أيضا أتباعك السبعة… وخنازيرك الثمانية..
ومعك أيضا بدرية ابنة النور… ومعك طلية ابنة المطر..
ثم توجه شطر جبل كنكيني… فارفع الجبل على يديك..
والتل على أعالي رؤوس الشجر… اهبط إلى أقاصي اﻷرض العميقة..
حتى تصبح مع من غادر هذه اﻷرض..
وبينفذ البعل التعليمات وبينزل للعالم اﻷسفل وبيستلموا موت وبيسلب روحه منه وبيرمي جثته على سطح اﻷرض …فبيحزنوا المخلوقات والبشر وبيندبوا اﻹله القتيل :”مات بعل العلي…هلك اﻷمير..سيد اﻷرض …واحسرتاه..لقد هلك بعل …لقد مات ابن داجون..”
وبتحزن عناة زوجته وبتندب وبتنوح على موته وبتحمل جثة بعلها :
فرفعته على كتفها… وصعدت به إلى أعالي جبل صافون…
هناك بكت عليه..وقامت بدفنه..واضعة إياه في مقبرة آلهة اﻷرض…
بيزداد حزنها وقهرها وبتطلب من موت انو يرجعلها بعلها..لكنه بيرفض..فبتقرر تتصدى لموت وتواجهه :
كقلب البقرة على عجلها….وكقلب الشاة على حملها..
كذلك هو قلب عناة على بعلها….لقد أمسكت باﻹله موت…
بالسيف تقطعه.. وبالمذراة تذريه..وبالنار تشويه.. وبالحقل تدفنه..
حتى ﻻ تأكل لحمه الطيور…وﻻ تنهش جسمه الجوارح…
(متل مو شايفين هي مراحل الحصاد اللي بيمثل انتقام عناة من موت)
وبعدين بيشوف اﻹله إيل حلم عجيب بيفرحو وبيخليه يستبشر خير بإنو البعل مازال حي وعم يصارع موت وأعداؤه وعم يثأر لنفسه منهن…وبالمقطع اﻷخير (اللي بيهمني كتير نركز عليه ﻷنو بيلمس واقعنا الحالي بسوريا وحربنا مع قوى الشر بالعالم)..بيقول :
وهكذا…من أيام إلى شهور…ومن شهور إلى سنين..
ولكن…وفي السنة السابعة….
نهض اﻹله موت معلنا نفسه لعليان بعل…
رفع صوته وصاح :
“أي بعل… بسببك أنت قد جللني العار..
بسببك أنت قد ذقت السيف..
بسببك أنت وردت النار…
بسببك أنت عرفت حجر الطاحون… ”
فبيرجعوا القوتين الكونيتين بعل الخصب وموت الجفاف للصراع من جديد :
تشابكا كأنهما جاموسان قوى بعل وقوى موت
تصارعا كأنهما ثوران قوى بعل وقوى موت
تعاضا كأنهما ثعبانان قوى بعل وقوى موت
ترافسا كأنهما حيوانا سباق قوى بعل وقوى موت
وقع موت……………….
ووقع البعل فوقه ……. . . . . وانتصر
وهالصراع رح يبقى مستمر طالما في قوى خير وقوى شر…
وهي حكاية البعل اﻹله القريب من اﻹنسان بمشاعره وعواطفه وأحاسيسه وانفعاﻻته وبمشاركته للبشر بآﻻمن ومصيرن المحزن ومحاولته لتقديم الخﻻص الهن وعظمة البعل اتجلت بقهره لسلطان الموت وانبعاثه وعودته للحياة من جديد كإله شاب قوي جسد بعودته حلم من أحﻻم اﻹنسان…
وحكاية البعل اﻹبن وحبيبته أو أمه اﻷرض القوى اﻹخصابية الكبرى هي حكاية اﻹله الميت اللي بيهبط للعالم اﻷسفل وبيرجع للحياة منتصر عالموت..هي نفس حكاية سوريا والسوريين بصراعن مع قوى الشر والجهل والظﻻم على أرضن المقدسة الطاهرة..ورح ينتصروا متل البعل ويرجعوا للحياة على ايدين كل مين زرع وصنع وربى وعلم وأبدع وابتكر واشتغل وقاتل وناضل وضحى وحمى اﻷرض السورية لتحيا سوريا المقدسة …فتحية للسوريين …وتحية خاصة لجنود البعل المجهولين …وتحيا سوريا…

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏
أعجبنيعرض مزيد من التفاعلات

تعليق

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.