Image result for ‫التصوير تحت الماء - المعدات والتقنيات‬‎

التصوير تحت الماء – المعدات والتقنيات

مقـدمــة…

الماء- سائل بدون لون، تزيد كثافته عن كثافة الهواء بمعدل 773 مرة. والثقل الوزني للماء أكثر من ثقل جسم الإنسان. وهذه الميزة توفر لنا إمكانية السباحة والعوم على السطح والتحرك بحرية بين طيات الماء. وإذا كنا على البر نقع دائماً تحت ضغط عمود الهواء (الضغط الجوي)، فإن جميع الأجسام تحت الماء بالإضافة إلى الضغط الجوي تخضع لتأثيرالضغط الهيدوستاتيكي للماء والذي يزيد بمعدل اكغم / سم² كلما توغلنا 10 أمتار نحو العمق.

من هنا نقول أن الخبرة الكافية ضرورية لمن يرغب بالغوص والتصوير تحت الماء. ومن لا يتمتع بهذه الخبرة عليه الالتحاق بدورات الغوص قبل التفكير بالنزول تحت الماء. وفي هذه الدورات يمكن التعرف على خصائص الوجود تحت الماء، وهذا من شأنه أن يجنبكم المخاطرة بالحياة.

علينا أن نتذكر دائماً أن الماء وسط غريب بالنسبة للإنسان. وأن المغامرة دون الخبرة الكافية يمكن أن تكلف الإنسان حياته. ومن الضروري توخي جميع متطلبات السلامة والأمان قبل الإبحار في العالم المائي.

معلومات تقنية…

ماء البحر الصافي يملك خاصية إمتصاص اللون بشكل إنتقائي. اللون الأحمر يختفي بالكامل على عمق 5 أمتار، بعدها يختفي اللون البرتقالي ومن ثم الأصفر. وعلى عمق 10 أمتار يطغى اللون الأزرق المخضر على كل شيء. أما في الأعماق السحيقة فلا تصل إلى الأشعة الزرقاء والبنفسجية.

كذلك فإن الماء يعمل على تشتيت الضوء بشكل كبير وفي جميع الاتجاهات، مما يؤدي إلى خفض مستوى التباين الضوئي واللوني إلى حد كبير. هذا يزيد من صعوبة التعرف على المواضيع تحت الماء وحتى تلك التي نعرفها جيداً. بالإضافة إلى ما سبق نقول أن ضوء الشمس لا ينفذ كاملاً إلى ما دون سطح الماء، وأن جزءاً منه ينعكس عن السطح. وتزيد نسبة إنعكاس الضوء عن السطح، وبالتالي تقل كمية الضوء النافذة إلى القاع كلما أصبحت الشمس قريبة من خط الأفق.

wpe4.jpg (3409 bytes)عندما نفتح أعيننا تحت الماء سوف نشاهد لوحات ضبابية جداً، وتفسير ذلك أن المعامل الوسطي لإنكسار العين قريب جداً من معامل إنكسار الماء. وإذا ما لامست الأعين صفحة الماء بشكل مباشر فإن صورة الأشياء تتشكل على سطح أبعد من القزحية، كما هو الحال حين النظر إلى أجسام بعيدة جداً.

باستخدام قناع الوجه، تتشكل طبقة من الهواء بين العين والماء، وحينها تظهر الأشياء واضحة وحادة البروز ولكن تبدو أقرب وفي نقطة أعلى مما هي عليه في الواقع. لنتذكر التجربة الفيزيائية “غمس قلم في كأس ماء” وكيف يظهر الإنكسار.

 

wpe8.jpg (4631 bytes)

حوصلة كروية

نتيجة لتشتت الضوء عبر طيات الماء، يقل التباين الضوئي واللوني. كذلك تقل زاوية الرؤية للعدسات (Angle of view). حل هذه المشكلة والحصول على صور واضحة وحادة البروز وذات تباين مثالي يكون بالتصوير من مسافة قريبة. لهذا السبب يكثر استعمال العدسات واسعة الزاوية (Wide-angle lenses). وفي الآونة الأخيرة شاع استعمال الحواصل الكروية والوصلات الخاصة من أجل استعادة زاوية الرؤية للعدسات بشكل جزئي أو كامل.

مع انتشار معامل الطباعة السريعة، من الأسهل العمل مع أفلام النيجاتيف الملونة. وأنصح بالأفلام ذات التشبع اللوني العالي (High Color Saturation) مثل Fujifilm RS-100 أو Kodak Royal Gold-100/200 . أفلام الأبيض والأسود ليست مناسبة للتصوير تحت الماء حيث تبدو الصور باهتة وخالية من أي تباين.

من الأمثل استعمال سرعات غالق قصيرة ما أمكن- لا تقل عن 1/60 ثانية عند تصوير المشاهد متوسطة التجسيم و 1/125 ثانية للمشاهد المجسمة.

أسباب عديدة تفرض على المصور استخدام إضاءة إصطناعية عند التصوير تحت الماء. أولاً- بما أن الماء يمتص الضوء بمقدار 1000 مرة أكثر من الهواء، فإن المعدل العام للإنارة على أعماق ضحلة يعادل مستوى الإنارة الليلية للشوارع في المدينة. ثانياً- نظراً لإختلاف شفافية الماء من طبقة لأخرى، فإن كمية الضوء تختلف مع إختلاف العمق. ثالثاً- عند استخدام الأفلام الملونة وعلى عمق 5 أمتار فأكثر يصبح من الضروري استخدام الإنارة الاصطناعية لمواجهة خاصية الامتصاص الانتقائي للضوء والتي سبق وتحدثنا عنها.

لمبات الضوء المباغت الغازية تشكل الحل الأمثل لهذه المشاكل وتتمتع بالعديد من المزايا الضرورية للتصوير تحت الماء أبرزها صغر الحجم واستقلاليتها مما يمنح المصور حرية في الحركة والالتفاف. كذلك فإن الإضاءة المباغتة تطلق حزمة ضوئية شديدة كافية لإنارة الأعماق، وبالتركيب الطيفي والحرارة اللونية تعتبر الأقرب إلى الإضاءة النهارية ولا تحتاج إلى مرشحات تصحيح لوني. هذه المزايا ساهمت إلى حد كبير في انتشار وحدات الإضاءة المباغتة وحققت لها شعبية واسعة بين المصورين “المائيين”.

إستعمال الإضاءة الاصطناعية تحت الماء يمكن أن يسبب ما يعرف بظاهرة “الضباب الضوئي” ويؤدي إلى فشل الصورة. تجنب هذه الظاهرة يكون بوضع مصدر الضوء المباغت إلى الأمام من صندوق الكاميرا وتوجيهه نحو الجانب بعض الشيء. وفي هذه الحالة، فإن صفحة الماء الواقعة ما بين العدسة والموضوع لن تحصل على إنارة، وكذلك الحال بالنسبة للجزيئات الصغيرة المتناثرة في ثنايا الماء، مما يعطي المشهد تبايناً مثالياً.

للوصول إلى تأثيرات رائعة وتحقيق نتائج ايجابية، أنصح باستخدام مصدري ضوء (أو أكثر)، وبحيث توضع المصادر على الجوانب المختلفة للصندوق أو الكاميرا المائية. ولتلافي السطحية في الصورة، يفضل أن تكون الإنارة من أحد الجوانب أشد بمقدار مرة ونصف المرة من شدتها في الجانب الآخر.

من غير المفيد استعمال الفلاش لتصوير مواضيع تبعد أكثر من 2.5 متر وذلك لعدد من العوامل أهمها إنخفاض مستوى التباين تحت الماء بشكل حاد، وثانيها- ضياع الضوء. فالحزمة الضوئية تقطع مسافة 2.5 متر عبر صفحة الماء نحو الموضوع ومثلها رجوعاً إلى الفيلم. ومع نسبة الإمتصاص العالية للضوء من قبل الماء تكون كمية الضوء النافذة إلى الفيلم قليلة وغير كافية لتسجيل المشهد. وفي هذه الحالة يقضل استعمال الفلاش لإنارة المواضيع في مقدمة الصورة، أما الخلفية فينبغي أن تستمد انارتها من الضوء الطبيعي.

عند استعمال الأفلام الملونة للتصوير تحت البحر انصح باستخدام مرشح وردي خفيف من نوع Skylight. وللتأثيرات- مرشح أصفر أو برتقالي وبحيث يتم تركيب المرشح على وحدة الفلاش. مسافة التصوير في هذه الحالة خاضعة لتقدير المصور وخبرته ولا يمكن التكهن بها هنا. أما عند التصوير في المستنقعات المائية -حيث يغلب اللون الأصفر- فأنصح باستعمال مرشح أزرق خفيف وتركيبه على وحدة الفلاش.

إذا كنتم تعتزمون ممارسة التصوير تحت الماء بشكل جدي وإحترافي فعليكم التحلي بالصبر في المقام الأول، إذ أن اللقطات الأولى -في الغالب- لن تنال الرضى. ولكن مع الاستمرار في التصوير ومعالجة الأخطاء والعثرات أولاً بأول من المؤكد أنكم ستحصلون على النتائج المرضية.

تذكروا دوماً أنه من المستحيل تغيير الفيلم أو العدسة تحت الماء، لذا وجب عليكم ترتيب جميع الأمور على البر قبل النزول إلى الماء، وتوقع الحالات التي يمكن أن تصطدموا بها في الأعماق وبالتالي التسلح بالمعدات اللازمة. فمثلاً، إذا كان الأمر يتعلق بالغوص مع مجموعة بهدف الدراسة والبحث فأنصح بأخذ عدسة واسعة الزاوية. أما إذا كان الغوص عبارة عن رحلة صيد بحرية فأنصح باستعمال عدسة تيليفوتو (100-200 مم).

إذا عزمتم التوجه إلى أمكنة بعيدة، من الضروري تفقد جميع المعدات قبل السفر والتأكد من جاهزيتها. ويستحسن أخذ كاميرا إضافية احتياطاً لجميع الظروف، وإذا توفر أيضاً صندوق ووحدة فلاش إضافية. بعد تصوير الفيلم الأول- سارعوا إلى أقرب معمل لطباعة الصور للتأكد من صحة التعريض ونجاح الصور.

من المفيد جداً مطالعة الكتب أو المنشورات التي تتحدث عن الأماكن التي تقصدونها، والتعرف على الطقس وطبيعة الماء والأخطار التي يمكن مصادفتها.

المثل العربي الشهير: “لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد” يحمل أهمية كبيرة في هذا المجال. فحين وصولكم إلى المكان الجديد، وإذا ما صادفتم طقساً مثالياً، جرّبوا على الفور النزول تحت الماء والتقاط الصور. فالطقس الجيد قد لا يدوم طويلاً وفي اليوم التالي من الممكن أن يتحول إلى طقس سيئ، فتنهمر الأمطار وتشتد الريح.

نصيحة أخيرة: جرّبوا التصوير طوال العام ولا تقصروا إهتمامكم على البحر فقط، بل جربوا أيضاً التصوير في الأنهر والبحيرات. ومع الزمن ينبغي أن تصيبوا نجاحاً. حينها يمكنكم عرض الصور على أصدقاءكم ومعارفكم بكل فخر وإعتزاز.

 

ترجمة م. ابراهيم الفضيلات بتصرف عن العديد من المراجع

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.