تباينت رموز الحكمة بين الشعوب منهم من اعتبر بعض الحيوانات كالبومة رمزاً للحكمة, ومنهم من اتخذ أشخاصا رموزا للحكمة كأوشو وأفلاطون و أحيقار…

كان لنا لقاء مع الأديب الباحث فيصل الجردي Faisal Aljord في رابطة الخريجين الجامعيين بحمص بمحاضرة بعنوان «أحيقار رمز الحكمة الآشورية» سنقطف زهرات منها:‏

أخذوا اسمهم من إلههم الكبير آشور, أحيقار كان وزيراً ومسار ً لملك آشور «سنحاريب», وكان حكيماً عظيماً ذا مال وفير ومعرفة ورأي وتدبير, لكنه لم ينجب أولاداً فتزوج عدة نساء لكن بقي دون وريث فكان كثير الهمّ حتى استشار المنجمين والعرافين فأشاروا عليه أن يذبح للآلهة ويقوم بأفعال الخير, لكنه لم ينل مبتغاه, وتضيف النصوص السريانية أنه هجر الوثنية إلى عبادة الإله الواحد لكنه لم يرزق ولداً.‏

إلا أنه سمع صوت الرب يوماً يقول له خذ نادان ابن أختك و اجعله وريثاً, علمه علمك ولقنه حكمتك, فأخذ نادان وكان رضيعاً فاعتنى به ورعاه حتى شب فعلمه القراءة والكتابة والأدب والفلسفة والعلوم, وبعد سنوات كبر وشاخ أحيقار فأشار عليه الملك أن يعين من يخلفه بمنصبه, فأحضر نادان للملك فأعجب بأدبه وحكمته فوافق على تعيينه خلفاً لأحيقار, عندها أخذ أحيقار يبذل النصح له ويطلعه على أسرار النجاح في مهمته ساردا له تجاربه,‏

وتنازل له عن وظيفته والجزء الأكبر من ثروته من شدة محبته له, لكن أماله خابت بتصرفاته الطائشة, حتى اضطر أحيقار أن يعاقبه باسترداد الميراث ومنحه لأخيه الأصغر فيحقد نادان على خاله أحيقار ويضمر له العداء ويدبر خطة للإيقاع به.‏

فقام بدس خطابين موقعين باسم أحيقار موجهين إلى ملك الفرس وفرعون مصر ليظهر أحيقار خائنا لوطنه وملكه,إذ يطلب من الملكين المجيء إلى آشور لكي يستلما المملكة من دون حرب, ليقعا في يد الملك ضمن خطة مدروسة, ويزَّور نادان خطاباً ثالثاً موجهاً من الملك إلى أحيقار يطلب إليه جمع العسكر ويحضر معهم إلى موقع معين, لينفذ الأمر ويقع في المكيدة وتثبت التهمة عليه فيصدر الملك أمراً بالقبض عليه وقطع رأسه.‏

وتشاء الصدف أن يكون أحيقار قد انقذ من الموت سابقا الرجل الموكل بإعدامه, فيدبر السياف هو وامرأة أحيقار أمر نجاته وينفذ الحكم بأحد المحكوم عليهم بالإعدام…‏

وتمر السنون ونادان مكان خاله مستشاراً للملك لكنه غير متزن وضعيف الرأي فيستغل فرعون مصر الفرصة لإحراج ملك آشور فأرسل إليه رسولاً يخيره بين أمرين: إما أن يرسل له من يبني له قصراً في الهواء فتدفع له مصر الجزية ثلاث سنوات أو يعجز فيدفع الجزية لمصر ثلاث سنوات, فجمع الملك العلماء والحكماء والعرافين فعجزوا عن الأمر وكان نادان أشدهم عجزاً, فيندم الملك على قتل أحيقار الحكيم ويطول حزنه حتى يمثل السياف بين يديه ويصرخ بأنه أبقى على حياة أحيقار اعترافاً له بالجميل.‏

فيستدعي أحيقار ويعرض عليه رسالة فرعون مصر, فيعد أحيقار نسرين كبيرين وغلامين وشريطين طويلين من القطن طول كل منهما ألف ذراع و يربط النسرين بالشريطين ويدرب الغلامين, فيعترف لأحيقار بالنصر…‏

فيعود أحيقار إلى بلاده معززا مكرماً وكأنه منقذ البلاد وينتقم من نادان فيربطه بسلسلة من حديد ويلقيه في مكان مظلم ويؤنبه بكلام حكمة قاس حتى انتفخ نادان وانفجر ميتاً, من بعض أقوال أحيقار لابن أخته نادان:‏

– يا بني كنت لي كمن رشق حجراً إلى السماء, ولكن لم يصل إليها, إنما بعمله هذا يكون قد أخطأ مع الله.‏

– كنت لي مثل من رأى رفيقه يرتجف من البرد فصب عليه قربة ماء بارد.‏

– يا بني لقد كنت لي كأسد ربط إلى جانب ثور فالتفت الأسد إليه ومزقه.‏

تعتبر تعاليم أحيقار لنادان من عيون الحكمة, وهي تدل على سعة الأفق وعمق النظرة الفلسفية إلى الحياة.‏

وكان أحيقار كما تدل أقواله قد توصل بعقله وفؤاده إلى الإيمان بالإله الواحد.‏

واختتمت المحاضرة بنقاش قيم أغنى المحاضرة وبحضور كثيف من المهتمين.‏

http://thawra.sy/_View_news2.asp?FileName=72169591220181128213920