ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏لا يتوفر وصف للصورة.

لكل الناس وطن يسكنون فيه، أما نحن فلنا وطن يسكن فينا

صورتي

•يوسف محمد حطيني.• فلسطيني.دمشق 1963.yhittini@ hotmail.com •دكتوراه في الأدب العربي الحديث •محاضر في جامعة الإمارات العربية المتحدة •من مؤلفاتي: سميرة عزام: رائدة القصة القصيرة الفلسطينية.. مكونات السرد في الروايةالفلسطينية.. القصة القصيرة جداً بين النظرية والتطبيق.. القصة القصيرة الإماراتية.. ذماء (قصص قصيرة جداً).. مدينة البامياء (مجموعة قصصية)..الطريق إلى مخبز شبارو (مجموعة قصصية).. الحفار والغربة، مسرحية مونودرامية.. صرخات في ضجيج السكون (شعر).. بيني وبين حبيبتي شيئان (شعر).. ملامح السرد القرآني (دراسة).. في سردية القصيدة الحكائية دراسة).. مقامات طريد الزمان الطبراني.. القدس في الشعر العربي الحديث.. عبد الرحيم محمود فارس الوطن فارس القصيدة.

مدونة د. يوسف حطيني

جديد الدكتور يوسف حطيني

100 قصة فلسطينية قصيرة جداً

الاثنين، 26 أكتوبر 2009

دراسات تطبيقية في القصة القصيرة جداً (3)

محمد توفيق السهلي في مجموعته الجديدة
من الذي يسرق الأحلام؟!

د. يوسف حطيني

يشكل الحلم لدى القاص والباحث الفلسطيني محمد توفيق السهلي أرقاً دائماً، إذ يجد الحلم مكانه في مجموعتيه القصصيتين اللتين صدرتا تباعاً، فقد حملت الأولى عنوان “أحلام محرمة”، فيما حملت الثانية عنوان “الحلم المسروق”. وقد ارتضى السهلي لهاتين المجموعتين القصة القصيرة جداً شكلاً فنياً، مما يجسد إيمانه بقدرة هذا الشكل الفني على احتضان أحلامه التي سرعان ما يكتشف المتلقي أنها تنحصر في حلم واحد كبير هو حلم العودة إلى الوطن.
يدرك القاص في مجموعته الجديدة “الحلم المسروق” أن التعامل مع القصة القصيرة جداً يفترض حداً أعلى من التكثيف، وهذا ما ينعكس على جميع عناصر القص، إذ يستطيع المرء مثلاً أن يلاحظ أثر التكثيف على بناء الشخصية التي يرسم لها القاص وجهاً واحداً، إلى جانب الشخصية المضادة التي تعوق مسيرة الأولى وتضيئها، وهنا يندر أن تظهر الشخصيات الثانوية في بنية القص.
ويمكن أن نشير إلى قصة “الشخير” التي تقدم شخصيتين لا تظهر من سماتهما سوى الصفة التي يبني عليها الكاتب قصته، يقول السهلي في هذه القصة:
“تحدثتُ إليه طويلاً.. شرحت نظريات عديدة.. شرقتُ وغربتُ.. ثم أوقفني عن الحديث شخيرُهُ”. الحلم المسروق، ص28.
وتقوم المفارقة بدور مهم في قصص السهلي في مجموعته الجديدة، ومعروف أن المفارقة هي أحد الأعمدة التي لا غنى عنها في هذا النوع من القص، ويمكن أن نجد لها مثالاُ في قصة “القوس والنشاب” التي يقول فيها:
“كلما ظهر سلاح متطور اشتروا منه الكثير، وبأعلى الأسعار، فعدوهم خبيث لا يؤمن جانبه. تكدّس السلاح لديهم.. ولم يعرف بعد لماذا تصر هذه العشائر حتى الآن على استخدام القوس والنشاب” ص11.
وفي تقديري أن العنوان هو الذي خان هذه القصة، وخفف من مفارقتها النهائية، وربما كان من الأفضل للكاتب اختيار عنوان يحفظ للخاتمة صدمتها، وسطوتها على المتلقي.
ويمكن أن نلمس نجاحاً آخر للمفارقة في قصة “الضفة الأخرى” إذ تشي كل المقدمات بنهاية مختلفة، ولا يفضح العنوان السر، كما حدث في القصة السابقة، مما يجعل النهاية تحتفظ بقدرتها على الإدهاش:
“كان يفصل بينهما نهر.. أراد أن يعبر النهر إليها.. لكن بنبغي له أن يتعلم العوم. ظل ردحاً من الزمن يتدرب، وعندما أتقن السباحة مات غرقاً قبل أمتار من الضفة الأخرى” ص30، غير أن مشكلة هذه القصة تكمن في أنها تشبه من حيث تركيبها الحكائي، وحوافزها المحركة للأحداث قصصاً أخرى، كـ”المهلهل” ص 45، و”حصاد” ص41، فهي تحمل في بدايتها بشارة التغيير، وفي نهايتها المأساة غير المنتظرة، وربما كان الكاتب يسعى إلى ترسيخ إيقاع الفقد الذي يشعر به، بعد أن فقد، كفلسطيني، أحد مفردات حياته الأساسية: الوطن.
وثمة إيقاع لا يقل حضوراً عن إيقاع الفقد، ألا وهو إيقاع الحنين الذي يبرز في قصص عديدة، ويشير من قريب أو بعيد نحو الأرض الفلسطينية الأسيرة، ونجد ذلك في قصة “كان يشبهني” ص 8، و”النرجس” ص12، و”الأصص” ص14، و”عطش” ص18، و”قسم” ص 60، و”العاشق” التي تأتي من خلال السياق التالي:
“ضربوه وما اعترف.. قطعوا يده اليمنى فاستمرّ في صمته.. بتروا اليسرى فأصرّ على عدم الاعتراف، قلعوا عينيه، فما نبس ببنت شفة.. لكنه، وقبل أن يقطعوا لسانه بثوان اعترف لي بأنه يعشق بلاده حتى النخاع” ص7.
ويستطيع القارئ أن يلاحظ إقبال السهلي على استخدام الجملة الفعلية،لأنه يدرك بفطرته الإبداعية أن هذا النوع من الجمل يصلح حاملاً للحدث السهمي السريع الذي تقدمه القصة القصيرة جداً، وإن كنا في قصصه نلمح ميلاً حاداً لاستخدام الفعل الماضي الذي يهيئ المشهد للنهاية، ويمكن أن نشير إلى قصة “إبصار” التي تحيل على قصة يعقوب عليه السلام، إذ يكون الـ “هناك” / الوطن معادلاً لقميص يوسف عليه السلام:
“انطفأ النور في عينيه، وظلّ على تلك الحال عقوداً من الزمن.. قادته قدماه إلى هناك.. أحس فجأة أنه يغوص في الماء.. تحسس صفحة الماء.. وضعه على وجهه فارتد بصيراً” ص51.
وليست الإحالة على التراث الديني هي الشكل الوحيد للتناص في قصص السهلي، فهو كثيراً ما يفيد من الخرافة والأسطورة والمثل الشعبي، ففي قصة “كان يشبهني” ثمة إشارة واضحة إلى السندباد الذي يصبح فيها معادلاً نفسياً للفلسطيني الذي يعيش حالة الاغتراب، والبحث عن الموطن الأول:
“سمعت عنه الكثير.. تابعت أخباره.. قلما كان يستقرّ في مكان..لفظته الموانئ كلها، وحطمت الريحُ أشرعته.
نظرتُ إلى المرآة، فرأيته أمامي وجهاً لوجه.. كان السندباد يشبهني، وكان مثلي يبحث عن وطن”. ص8.
وتظهر في هذه القصة مقدرة السهلي على اللعب في اللغة، فهو مثلاً يستعيض بالضمير بديلاً عن الاسم الظاهر (عنه/ أخباره/ لفظته/ أشرعته/ رأيته…)، ولا يذكر من يعود عليه هذا الضمير إلى في نهاية القصة، وذلك حفاظاً على الإبهار. وأظن اللغة العربية السمحة التي تشترط في الضمير أن يعود على متقدّم في اللفظ والرتبة تسمح بمثل هذا التجاوز لصالح نص أقدر على مفاجأة المتلقي وإدهاشه.
وما يؤكد أن مثل هذا الأمر مقصود تماماً في لعبة السهلي اللغوية تكراره للتقنية ذاتها في قصة “لم تمت”، وإن كنت ـ شخصياً ـ لا أميل إلى تقديم أي نوع من التكرار، سواء في الأسلوب أو الموضوع. يقول في قصة “لم تمت”:
“قطعت السيوف أوصالها.. بقرت الخناجر بطنها.. التفت القيود حول معصمها.. كتفوها مئات المرات بالسلاسل، ثم ألقوا بها في دياجير الظلمة.. لكن الكلمة لم تمت” ص21.
كما يحيل السهلي، إضافة إلى التراث الديني والأسطوري على التراث الشعبي مستفيداً من ثقافته الواسعة في هذا المجال، فهو يستخدم سياقات لغوية شعبية، كما في قصة “اللقاطون” ص15، بل يبني قصته في بعض الأحيان على المثل الشعبي، كما نقرأ في قصة “إبريق الزيت” ص 38، و”خيول وفئران” التي يقول فيها:
“انزلق بين الخيول الأصيلة.. تجول بينها بخيلاء.. حاول أن يقلد صهيلها فلم يفلح.. حل موعد حذاء الخيول، فرفع الفأر رجله!” ص24.
كما يفيد القاص من القلب الدلالي والفعلي، فيستخدم الألفاظ، عن عمد، في غير موضعها، ليزيد إحساسنا بالدلالة المرجوة، فهو يستخدم السياق التالي: “ولم يكذبوا عليه” في قصة”القبو” على عكس معناه تماماً، ليعمق إحساسنا بعذاب البطل:
“أنزلوه في قبو شديد الرطوبة.. قالوا له غداً صباحاً ستخرج.. ولم يكذبوا عليه، فقد أشرقت شمس غده بعد سبع من السنين العجاف” ص27.
ومثل هذا القلب يجتاز اللغة عند القاص، ليصل إلى الشخصية، إذ ترتدي الشخصية ثوباً جديداً يصدم وعينا بها، ففي قصة “خروف” تلبس الضحية إهاب جلاد، وتختلط الأدوار في هذا العالم الغريب:
“انتظر حلول العيد بفارغ الصبر.. الخروف صار جاهزاً للذبح بعد أن كبر وصار سميناً.. حلّ العيد الذي لم يكن من قبل حزيناً.. شوهد أبو عُصمان يسبح بدمائه، وقد هُشّم رأسه.. وشوهد إلى جثته الممزقة، خروف يبتسم، وفي يده سكين حادة تقطر دماً”.
باختصار، فإن محمد توفيق السهلي يقدم لنا في قصصه القصيرة جداً عالماً زاخراً بالرؤى النبيلة من خلال لغة حكائية كثيفة تحمل على أجنحتها أرق الانتماء، وحلم العودة الذي لن ينجح الغاصبون في سرقته من الصدور.الحلم المسروق: محمد توفيق السهلي،قصص قصيرة جداً، دمشق، 2001.

دراسات في القصة القصيرة جداً/ للدكتور يوسف حطيني

الجسرة الثقافية الالكترونية – وكالات – صدر عن مهرجان القصة القصيرة جدا في الناظور بمغرب كتاب جديد للدكتور يوسف حطيني تحت عنوان: دراسات في القصة القصيرة جداً
يعالج هذا الكتاب مجموعة من القضايا المتعلقة بهذا الفن الأدبي، ويقع في عشرين فصلاً، منها:
• في المشابهة والاختلاف وسؤال الهوية: دفاعاً عن استقلالية القصة القصيرة جداً
• قراءة في المقاربة الميكروسردية (القصة القصيرة جداً عند د. جميل حمداوي).
ملامح الشخصية في القصة القصيرة جداً.
الحبكة وأشكال الحكاية في القصة القصيرة جداً
صناعة المفارقة في القصة القصيرة جداً.
هل يمكن تعليم كتابة القصة القصيرة جداً: الخروج من وادي عبقر.
القصة القصيرة جداً في الإمارات.
• بالإضافة إلى مجموعة قراءات تطبيقية تناولت نصوصاً لمجموعة من المبدعين على امتداد مساحة الوطن العربي

د. يوسف حطيني – مَلامِحُ الشَّخصيّةِ في القِصَّةِ القَصِيرةِ جِدّاً
الجزأ الأول
أولاً ـ نقاط الاتصال والانفصال:
لا يمكن لامرئ أن يتخيّل قصة دون شخصيات، أياً كان نوعها وشكل حضورها، ذلك أنّ الشخصية هي التي تصنع الحدث، والحدث هو لبّ الحكاية التي لا تقوم قصة من دونها. وينبغي ألا يقود ذلك إلى نوع من المبالغة، كالادعاء بأن الشخصية أهم أركان القص، فليس ثمة ركن أهم من آخر، بل إن الأركان تتضافر فيما بينها لتقديم بنية القصة ورؤيتها . كما أن هذا الحضور للشخصية لا يشترط فيه أن يكون مفصّلاً: جسمياً ونفسياً وبيئياً، ولا ينقل للقارئ، بالضرورة، شخصية من لحم ودم، كما يحبّ بعض النقاد أن يقولوا حين يمتدحون تفاصيل صفات الشخصية عند قاص أو روائي معين، فالشخصية في نهاية الأمر ليست من لحم ودم، بل من أحرف وكلمات، يسهم القارئ في حمل إشاراتها، وتحويلها من ثمّ إلى واقع إبداعي، يختلف باختلاف القارئ وثقافته وبيئته.

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏
لا يتوفر وصف للصورة.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.