التقطها راميش شوكلا لحكام الإمارات أمام سارية العلم في «دار الاتحاد»

صورة تتحوّل إلى أيقونة «اليوم الوطني»

المصدر: شيماء هناوي – دبي
  • راميش شوكلا يحمل «كاميرته» القديمة بجانب الصورة الشهيرة التي التقطها لحكام الإمارات بعد إعلان دولة الاتحاد. تصوير: أحمد عرديتي

لم يكن يتوقع المصور راميش شوكلا الذي يقيم في الإمارات منذ عام ‬1956 أن تتحول إحدى صوره إلى أيقونة لشعار «روح الاتحاد» الخاص باحتفالات «اليوم الوطني»، لكن حدث ذلك، عندما كان في الوقت والمكان المناسبين لحظة إعلان دولة الاتحاد، والتقط صورته التذكارية النادرة لأصحاب السموّ حكام الإمارات أمام سارية علم الدولة، بعد توقيع اتفاقية الاتحاد وقيام الدولة في «دار الاتحاد» في دبي عام ‬1971.

وشكّل لقاء شوكلا في عام ‬1966 بالمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي، آنذاك، نقلة نوعية في حياته. وقال لـ«الإمارات اليوم»، إن «الشيخ راشد أتاح لي فرصة مرافقته في مناسبات مختلفة للتصوير، والصعود على متن طائرته الهيليكوبتر الخاصة لالتقاط صور من الجو أكثر وضوحاً وشمولاً لمعالم إمارة دبي ونهضتها».

ولم يكتفِ المصور الذي احتفل أخيراً بعيد ميلاده الـ‬75، بالنجاح الذي حققه، إذ بقي متمسكاً بمهنة «المصور الموثق المتجول» الذي يطوف أنحاء الدولة ليوثق تاريخها بالصور الضوئية، مؤكداً أن حبه للتصوير مستمر باستمرار نبضه بالحياة، إذ إن آلة التصوير أصبحت رفيقته الدائمة، و«زوجته الثانية»، على حد وصفه.

كان شوكلا مصوراً ورساماً، إذ رسم صوراً شخصية لعدد من الشيوخ، واعتمدت لوحة رسمها للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في أغلب الدوائر والمؤسسات الحكومية. واعتمدت صورة التقطها للمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم طابعاً بريدياً. كما استوحت بلدية دبي من إحدى صوره شعاراً لها، فضلاً عن «مترو دبي» الذي تضم محطاته صوراً له، ومبنى «دار الاتحاد» الذي تزدان صالته التي شهدت توقيع اتفاقية دولة الاتحاد بكثير من صوره التي التقطها في المناسبة قبل ‬41 عاماً.

شوكلا الذي كانت عين «كاميرته» شاهدة على مراحل مهمة في تاريخ الإمارات ونهضتها الشاملة في جميع الميادين، لايزال يواصل شغفه التوثيقي بالصور التي تسرد حكاية وطن ومسيرة شعب ورؤية قادة بنوا دولة الاتحاد التي أصبحت أنموذجاً في الوحدة.

وكان المصور، وهو في الثانية والعشرين من عمره، سافر من الهند إلى الإمارات على متن الباخرة «دواركا»، حاملاً «كاميرا» من نوع «رولي كورد» أهداها إليه والده في عيد ميلاده الخامس عشر. ووصل شوكلا إلى دبي، بعدما حط رحاله في ميناء الشارقة في اليوم الخامس من رحلة الباخرة. وليتسنى له القيام بعمله اشترى دراجة هوائية، يتنقل بها، ولم يتوقع أن تشكل آلة التصوير التي يحملها مفاجأة للأهالي الذين لم يألفوها من قبل، فرفض بعضهم التقاط صور لهم، في حين رحب آخرون بالزائر الجديد الذي يتيح لهم رؤية ملامحهم في صور طبق الأصل بالأبيض والأسود.

وقال شوكلا: «رصدت بالكاميرا حياة سكان ينتمون إلى ثقافة جديدة، في صورٍ تسلّط الضوء على مناحٍ مختلفة من ممارساتهم اليومية، ونشرت تلك الصور في ‬22 صحيفة ومجلة في الهند كنت أعمل لديها صحافياً ومصوراً متعاوناً».

زوجة شوكلا الفنانة التشكيلية، تارو شوكلا، شاركته في مسيرة التصوير، فكانت أول امرأة تعمل بتصوير المناسبات النسائية في دبي. ومع مرور الوقت ابتعدت تارو عن «الكاميرا»، ولجأت إلى الفن الذي تخصصت بدراسته في الهند، حتى تولت الأمور الفنية المتعلقة بالديكور والتصميم في معرض العائلة الذي يديره ابنهما الوحيد رجل الأعمال نيل شوكلا.

مسيرة توثيق

لم  تتوقف مسيرة شوكلا الفوتوغرافية عند المرحلة، التي وثق فيها  التغييرات التي حدثت في زمن قياسي في دولة الإمارات، فحسب، بل تعدتها لتشمل “مسيرة ممتدة من التوثيق الفوتوغرافي الذي ما زال مستمراً حتى اليوم، ليضم في جعبته عددا هائلا من الصور التي تروي حكايات كفاح شعبٍ وبناء دولة”، مكوناً بذلك إرثاً فوتوغرافياً غنياً للأجيال لا تقدر قيمته بثمن، جسده مع مرور السنوات في كتبٍ مصورة حققت صدى عالمياً، ولجأت إلى الاستعانة بهذا الإرث مجموعة كبيرة من مؤسسات الدولة لاحقاً. وقال شوكلا »اعتمدت أحدى صوري طابعاً بريدياً حمل صورة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم. واستوحت بلدية دبي من احدى صوري شعاراً لها، فضلاً عن مشروع مترو دبي حيث تضم محطاته صورا متنوعة لي، ودار الاتحاد التي تزدان صالتها التي شهدت توقيع اتفاقية دولة الاتحاد بأغلب صوري التي التقطها بهذه المناسبة”.

وكان شوكلا عزم في العام 1965 السفر إلى دبي على متن الباخرة “دواركا”  من بومباي، برفقة كاميرته التي أهداها إياه والده في عيد ميلاده الخامس عشر، مضيفا “سافرت إلى الإمارات، لأجد نفسي أخوض تجربة رصد حياة سكان ينتمون إلى ثقافة مغايرة، في صورٍ تسلط الضوء على مناح مختلفة من ممارساتهم اليومية، وأقوم لاحقاً بنشرها في 22 صحيفة ومجلة كنت أعمل فيها صحافياً ومصوراً متعاوناً في الهند”.

وصل شوكلا الذي حظي بدراسة تعليمية متوسطة برفقة كاميرته “رولي كورد”، إلى دبي، بعد أن حط رحاله في ميناء الشارقة في اليوم الخامس من الرحلة. وليتسنى له تحقيق مراده ارتأى شراء دراجة هوائية، يستطيع التنقل بها بسهولة. ولم يتوقع أن تشكل آلة التصوير الصغيرة التي يحملها بين كفيه مفاجأة للناس الذين لم يألفوا ذلك من قبل، فرفض بعضهم  التقاط صور لهم، في حين رحب البعض الآخر بالجديد الذي يتيح لهم رؤية صور لهم طبق الأصل بالأبيض والأسود.

قال شوكلا”لم يكن السكان في دبي في ذلك الوقت يملكون فكرة عن الكاميرا، الأمر الذي شكل لهم مفاجأة في بادئ الأمر، نجم عنها رفض بعضهم السماح لي بالتقاط صور لهم، وسماح البعض الآخر لي بذلك، وقد لعبت معرفة جزء من السكان اللغة الهندية كنتيجة طبيعية للتجارة البحرية التي كانت تربط البلدين دوراً في تحقيق ذلك، حيث كنت أقوم بشرح مهمتي وماهية التصوير ودواعي الاستخدام”.
وإلى جانب الأفراد كان حرص شوكلا على التقاط مجموعات كبيرة من الصور العامة لمعالم دبي التي تشهد أشكال الحياة المتنوعة مثل “خور دبي” الذي يقسم الإمارة إلى شقين أساسيين “ديرة” و”بردبي”، ويضم العديد من السفن أشهرها “العبرات” التي كانت تعد وسيلة نقل أساسية آنذاك، بالإضافة إلى سوق السمك الذي كان يكتظ بحركة النساء والرجال على حد سواء.

نقلة نوعية

شكل لقاء شوكلا في العام 1966 بالمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي، آنذاك، نقلة نوعية في حياته. وقال المصور »أتاح لي الشيخ راشد فرصة مرافقته في مناسبات مختلفة للتصوير، والصعود على متن طائرته الهيلوكابتر لالتقاط صورٍ ذات ملامح أكثر وضوحاً لإمارة دبي ونهضتها، الأمر الذي أثرى  مجموعات صوري وساعدني على تكوين سجل مصور ضخم للإمارة”.

في ظل التقدير الذي حظي به، قرر شوكلا برفقة زوجته، الاستقرار في منزلٍ بسيطٍ في “ميدان جمال عبدالناصر” في منطقة ديرة بدبي، وارتأى العمل بجدٍ واجتهاد لمواكبة التغييرات الاجتماعية والاقتصادية. وأضاف شوكلا “بالجد والاجتهاد نجحت في تكوين رصيد فوتوغرافي غني، ولجأت إلى استغلال موهبتي التشكيلية في رسم الصور الشخصية للشيوخ، والتي اعتمدت إحداها للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في أغلب الدوائر والمؤسسات في الدولة، الأمر الذي أهلني مع مرور السنين إلى افتتاح معارض عديدة لي في دبي، بقي منها اليوم ثلاثة، الأول في “قرية التراث”، والثاني في”مول الإمارات”، والثالث وهو الأكبر في منطقة الكرامة، لا يقتصر على الصور والرسومات فحسب، بل يشمل توفير شتى أعمال الديكور والتصميم الداخلي للقصور والفنادق وغيرها”.

شراكة عائلية

حرص شوكلا على إشراك زوجته الفنانة التشيكلية  تارو شوكلا ، مسيرة بناء مستقبل العائلة التي رزقت بولدٍ واحد، فشجعها على خوض غمار التصوير بتعليمها أساسيته ودفعها إلى تصوير المناسبات النسائية فكانت أول امرأة تعمل في هذا المجال بدبي. ومع مرور الوقت ابتعدت تارو عن التصوير، ولجأت إلى الفن الذي تخصصت بدراسته في الهند، حتى تولت الأمور الفنية المتعلقة بالديكور والتصميم بمعرض العائلة الأكبر الذي يديره ابنهم الوحيد رجل الأعمال نيل شوكلا.

لم يكتف شوكلا الجد الذي احتفل أخيراً بعيد ميلاده الـ 75، بالنجاح الذي حققه، حيث ظل متمسكاً بمهنة “المصور الموثق”، مؤكداً أن حبه للتصوير مستمر  باستمرار نبضه بالحياة، فالكاميرا هي رفيقته الدائمة وزوجته الثانية، على حد تعبيره، “بالأمس كانت ترافقني كاميرا واحدة، واليوم أكثر من كاميرا لأستطيع مجاراة ومواكبة التطور الهائل في الدولة في مختلف إماراتها، ألتقط من خلالها ما يزيد على الألف صورة في اليوم الواحد، الذي لا أستطيع أن أنام فيه إذا لم أفلح في تحقيق ذلك” وفقاً لشوكلا.

حوادث تصوير

دفع شوكلا ثمن حبه للتصوير غالياً، فقد تعرض خلال جولاته التصويرية التوثيقية إلى أربعة حوادث كادت تفقده حياته، “الأول منذ 12 عاماً، حيث سقطت من الطابق السابع في أحد العمارات في ميدان جمال عبدالناصر، وفقدت مجموعة كبيرة من أسناني الأمامية، والثاني اصطدام سيارة بذراعي أثناء إخراجي إياها من نافذة سيارتي في جزيرة النخلة بدبي، الأمر الذي تسبب في إلحاق ضررٍ كبير ما زال حتى اليوم، في أصابعي الثلاث التي أعتمد عليها في التصوير، والثالث تمثل في تعرضي لجلطة قلبية كادت تفقدني حياتي، وذلك بعد أن أنهكت نفسي بتصوير معالم مسجد الشيخ زايد في أبوظبي لمدة سبع ساعات، هذا إلى جانب تعرض كتفي لأضرار جراء حمل الكاميرا عليها لفترات طويلة ما استدعى خضوعي لتمارين في الصين، وأخرى لذراعي بدبي” نسبة لشوكلا.

لم تثنه الحوادث التي تعرض لها شوكلا  عن التصوير الذي اتخذه مهنة أساسية له ، تمنحه على حد قوله “النشاط والحيوية التي أتمتع بهما، بالإضافة إلى التمارين الرياضية التي أحرص عليها، إلى ممارستها يومياً في الصباح الباكر فضلاً عن اليوغا، الأمر الذي يساعدني على إكمال مسيرتي المهنية مصورا موثقا متجولا يطوف أنحاء الدولة ليوثق تاريخها”. وبين شوكلا”إلى جانب تاريخ الامارات، وثقت جانبا من تاريخ سلطنة عمان منذ تولي السلطان قابوس بن سعيد الحكم وقمت بإصدار كتاب، فضلاً عن جوانب ومعالم مختلفة من الرحلات الخارجية التي أحرص على القيام بها دورياً، والتي أسفرت عن مجموعات مصورة زاخرة مثل مجموعة “الهند”، و”الصين”، و”بريطانيا” و”أميركا”، إلى “أدغال جنوب أفريقيا”، التي سأطلقها قريباً إما في معرض أو كتاب مصور.

 58 عاماً في حب التصوير

شكل الاحتفال بيوم ميلاد المصور الهندي راميش شوكلا الـ “75”، الذي أقيم أخيراً بأحد فنادق دبي، مفاجأة كبيرة بالنسبة له، حيث فاجأه ابنه الوحيد نيل شوكلا، بتحويل كاميرته “رولي كورد”، التي أهداها إياه والده في عيد ميلاده الخامس عشر، والتي كانت رفيقته الوحيدة في زيارته الأولى لدبي في العام 1965، إلى قالب شوكولاتة ضخم يضم في قلبه كعكة الميلاد. ومن شدة فرح شوكلا قرر الاحتفاظ به في منزله حتى انتهاء صلاحيته.

هوايات

يجمع المصور الهندي راميش شوكلا ما بين التصوير الذي يعتبره مهنته الأساسية التي يقضي بها جل وقته فيها، ورسم “البورتريهات”، وبين جمع المقتنيات واللوحات الثمينة والنادرة، حيث يعتبر أنها تشكل قيمة فنية كبيرة يعيها المهتمون بالفن والثقافة.

“شوكلا” في صور

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/12/4789-051%20(1).jpg

خلال حفل توقيع كتاب لشوكلا في دار الاتحاد.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/12/4789-051%20(2).jpg

دار الاتحاد مزينة بالصور التي التقطها شوكلا.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/12/4789-051%20(3).jpg

شوكلا يشرح صور أحد كتبه المصورة.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/12/4789-051%20(4).jpg

شوكلا مع أحد كتبه المصورة.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/12/4789-051%20(5).jpg

شوكلا مع أرشيف صورة في معرضه.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/12/4789-051%20(6).jpg

شوكلا وابنه الوحيد نيل شوكلا.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/12/4789-051%20(7).jpg

شوكلا وزوجته المصورة والفنانة التشكيلية تارو.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/12/4789-051%20(8).jpg

شوكلا وزوجته وخلفه رسوماته للبورتريهات التي يهوى كالتصوير.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/12/4789-051%20(9).jpg

شوكلا وكعكة الـ75.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/12/4789-051%20(10).jpg

شوكلا يشير إلى صورة روح الاتحاد.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/12/4789-051%20(11).jpg

صور التقطها شوكلا في دار الاتحاد.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/12/4789-051%20(12).jpg

معرض صور لشوكلا في دار الاتحاد.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.