، 11 أغسطس، 2016

الصوير الشمسي ( 10 ) …. – أحمد المفتي

وصوّرنا يا زمن…

أوّل المصوّرين السوريين….

المصوّر جورج صابونجي (1840 – 1910)

وهو شقيق لويس صابونجي أوّل مصوّر فوتوغرافي سوري.. وكان قسم من عائلة صابونجي قد هاجر من ديار بكر واستقر في بيروت وحلب ويافا والقاهرة والهند مطلع الخمسينات من القرن التاسع عشر ..

وكان لويس صابونجي (1833 – 1931) ممن هاجر إلى بيروت سنة 1850 والتحق بدير الشرفة في بزمّار للدراسة حتى سنة 1854، عندما أوفده بطريرك السريان الكاثوليك إلى روما لدراسة اللاهوت.. وفي روما تعلّم التصوير الفوتوغرافي، وفي سنة 1872 قام بجولة حول العالم والتقط صوراً للمدن التي زارها، واستخدم الصور لتزيين خريطة ضخمة كانت تغطي جدار غرفته.. وكان لويس مخترعاً، حيث أجرى تطويراً لجهاز طبع الصور وسجّل اختراعه 1875 بمكتب التسجيل بلندن تحت الرقم 1863. وبيعت حقوق

الاختراع لشركة ستريوسكوبيك. واخترع أيضاً آلة فوتوغرافية اتوماتيكية آلية وهي أصل كمرة البولارويد المعروفة بطبع الصورة مع التقاطها.. وتم تقديمها للجمعية الفرنسية للفوتوغرافيا. كما أسس لويس صابونجي شركة حملت الأحرف الأولى من اسمه (ل.ص. وشركاه) L.S.&Co. كانت تبيع مناظر المدن والمناطق الريفية في بريطانيا.

حين عاد لويس من روما إلى بيروت سنة 1863 علّم أخاه جورج فن التصوير الفوتوغرافي، ويذكر الكونت فيليب دو طرازي في كتابه (تاريخ الصحافة العربية) أن لويس هو من أدخل فن التصوير الفوتوغرافي إلى بيروت، وقبله لم يكن معروفاً، وعلّمه لأخيه الذي أصبح معروفاً. أي أنّه أول من افتتح استوديو.

نشر لويس صابونجي مقالاً في مجلّته (النّحلة) التي أصدرها في لندن يقول فيها: إنّه تلقّى عدداً من الصحف من القاهرة وبيروت تشيد بأعمال أخيه التصويرية، وأضاف: “إنّ هذا الشاب النبيه درس مبادئ هذا الفن منذ بضع سنين، حين كنّا مقيمين في حاضرة بيروت، ثم مهر فيه ونبغ وفاق أقرانه من مصوري سورية شرقيين وأوروبيين، وقد اطّلعنا على بعض تصاوير أرسلها إلينا إلى لندن، فرأيناها تصاوير جميلة، غاية في الجمال، استوفت شروط الإتقان، وعرضناها على أشهر مصوري لندن فاستحسنوها وأثنوا على مصوّرها النبيه. ولـمّا شرفت دولة والي سورية الجديد صاحب الأبّهة مدحة باشا العظم، أيّده الله،

سمع بصيت هذا الشاب الماهر في فن التصوير، واستحسن أن يأخذ له صورة. فتشرّف المصور الموما إليه بأخذ رسم دولته، وجاء الرسم مستوفياً شروط الإتقان والكمال فسرّت دولة الوالي الفخم بالتصوير غاية السرور وأثنت على نباهته. ثم قدّم المصور المذكور لدولته مناديل من كتّان، وقد رسم عليها صورة دولة الوالي الأفخم، فازدادت دولته سروراً بذلك وأصدرت أمراً إلى المصور بأن يصنع ستة وثلاثين منديلاً، ففعل وقدّمها لدولته، ولـمّا رآها أكثر إتقاناً من الأول أنعم على المصوّر بأن يكون مصوّر دولته الخاص. وأذن له بوضع عبارة: (جرجس صابونجي مصوّر دولتو مدحت باشا والي سورية الأفخم) على الصور التي يأخذها”

كان جورج صابونجي من أبرز أعضاء (جمعيّة الصناعة) التي تأسست في بيروت سنة 1882 بهدف تشجيع الصناعة الوطنية وتوعية المواطنين على أهمّية التصنيع، كما أسس مصنعاً للصابون.. ومن هنا كان لقب العائلة صابونجي.. كما هو حال بائع الشوربة (شوربجي) وبائع التنباك (تنبكجي) والتتن (توتونجي) وصانع الزنبرك (زنبركجي) والقيمق (قايمقجي) …. الخ.

ذكرت جريدة (لسان الحال) إنّ جورج هو صاحب معمل الصابون السلطاني الممتاز على البرج.. وكانت مجلّة المقتطف المصرية تنشر مقالات لجورج صابونجي يحكي فيها عن فن التصوير الفوتوغرافي وبعض الصناعات… ويذكر المستشرق الألماني أدوارد زاخاو في كتابه رحلة في سورية وما بين النهرين أنّه في خريف 1879 التقى جورج صابونجي في دمشق، وكان يحزم حقائبه ليلتقط صوراً لتدمر وشمال سورية. واتفق زاخاو مع المصوّر على أن يلتقط له بعض الصور لقاء تعويض مالي. وكان الباحث الألماني مسروراً بصور الصابونجي التي التقطها له. وسمح لصابونجي باستخدام لقب (مصوّر جامعة برلين الملكيّة).

في العام 1895 نشرت Oriental Adventure مشروعاً فوتوغرافياً قدّمه جورج صابونجي إلى ولاية بيروت التي رفعته بدورها إلى وزارة الداخلية في استانبول. واقترح في مشروعه الحصول على ترخيص لإنشاء شركة فوتوغرافية الغاية منها تقديم التسهيلات لعشاق التصوير. وتحقيق التطور في صناعة التصوير وتقديم ألبومات وفكرة اليانصيب الذي سيستفيد منه بعض الناس ودفع 3000 فرنك تقدّم للفقراء حصيلة تصوير مجموعة من الناس.. أي دفع ضريبة. ورفعت الفكرة لوزارة الأشغال..

كان صابونجي شريكاً للمصور غرابيد كريكوريان المقيم في القدس، وكان يبيع صوره في الاستديو الخاص به الكائن في سوق القمح قرب البنك العثماني في بيروت، وقد نشط في التقاط صور شخصية وبطاقات الزيارة لأبرز الشخصيات السورية. ويمكن العثور على ألبومات مصوّرة من تلك الفترة ملتقطة في سورية وفلسطين ولبنان ومصر وتركيا وموقّعة من قبل صابونجي.

في العام 1884 في تمّوز نشرت مجلّة النحلة إعلاناً فيه “تصوير مناظر البلاد الشرقية: قد اتقنّا بعونه تعالى صناعة تصوير الشمس (الفوتوغراف) إتقاناً تاماً شهد لنا به أبرع المصورين بأوروبا، وقد استحضرنا على عدد وافر من تصاوير مناظر البلدان والمدن مثل مصر وأهرامها ومدنها وهياكلها القديمة، وتصوير بحر النيل وشلالاته والصعيد، وتصاوير خليج السويس، ويافا، وعكا، والقدس الشريف، والناصرة، وبحيرة لوط، وطبريا، وجبل الكرمل، وصيدا، وبيروت، وأرز لبنان، ونهر الكلب، وبعلبك، ودمشق الشام، باب الكعبة، والأستانة وما يجاورها.. إلى غير ذلك من التصاوير الجميلة وعندنا منها من كلّ صنف وقياس بأسعار متهاودة جداً، فمن أراد ابتياع شيء منها فليخابر محلنا في بيروت ويعنون رسائله باسم جرجس صابونجي المصوّر بساحة القمح في بيروت (سورية) ومن أراد منها شيئاً في أوروبا فليخابر وكيلنا الخواجة إبراهيم صابونجي في إدارة النحلة في (لندن)”….

مرسلة بواسطة Ahmad Al Mufti 

  

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.