الفنان سالم عوض

الفنان التشكيلي الفلسطيني “سالم عوض” من مواليد قطاع غزة عام 1986، تخرج من قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصى عام 2008، أقام عدد من المعارض الفردية وله مُشاركات جماعية، هو عضو في مجموعة بالستينا للفنون التشكيلية بقطاع غزة، رسومه ولوحاته التشكيلية تتجاوز حدود دراسته الأكاديمية، وتدخل مضمار متنها الفكري والتقني عبر بوابات الاجتهاد الذاتي والبحث التقني في ميادين الرسوم التخطيطية ذات النفحة المدرسية، والتصوير الملون المشبع بمحاكاة لفنون الحداثة التعبيرية، وأعمال الحفر والطباعة اليدوية والمشغولة بأدوات البرامج الرسومية الحديثة.


لوحاته التصويرية في مجملها تدور- كما أسلفنا- في فلك الحداثة التعبيرية، تستظل بمواضيع شتى، إنسانية المحتوى والرؤى، سابحة في واحة التجريب والبحت الفني عن حلول سرد تشكيلية، تُقرب الفنان ولوحاته من واحة الواقعية التعبيرية، والتعبيرية الرمزية والتجريدية، تستكمل دورة بحثها التقني في مواقف سرد مشغولة بأقلام رصاص وأقلام أحبار سائلة وجافة، تفتح سجل الهواية والدراسة بمجموعة من الرسوم التشخيصية لوجوه، عاكسة لمحسوس الفنان الشخصي ومدونات شعوره بفضاء المخيم الفلسطيني، وتدوين مواقف بصرية لصداقات عديدة.

حفرياته الغرافيكية المطبوعة والتقنية، تأخذ سمات تصويرية جامعة لحكايات مستلهمة من رحيق الوطن والمواطنة، فيها ما فيها من محاكاة تسجيلية لحياة الناس الفلسطينيين، وهم يُمارسون طقوس حياتهم اليومية،وتوصيف واقعي ونقل أمين لوقائع مُستلهمة من حركة الأسواق والأحياء والبيوت والطبيعة، وأخرى تلامس الخيال والأساطير الرمزية، وبعضها مشغول بالمقاومة الفلسطينية وتسجيلات شخصية لصور بعض القادة الفلسطينيين، وبعضها مربوط بحكايات المقاومين من أسرى قابعين في سجون الاغتصاب الصهيوني، ينتظرون سويعات تحررهم الموعود.

بينما المساحة الواسعة لرسومه ومصوراته التعبيرية الملونة، فهي متسعة لمجموعة المشاعر والانفعالات والأحاسيس الذاتية للفنان التي تُلامس مناطق وعيه الفنية والإنساني، ومقدرته على خلق حالة من العلاقات الشكلية التواصلية ما بين رغباته الذاتية في التعبير، وقدراته الفنية الدارسة والمدربة في التوصيل، تستوعب مجرته الإنسانية بجميع أطيافها التقنية، ومواضيعها المفتوحة على دسامة الملونات وحركية الريشة، وتراكم الطبقات اللونية التي تجعل من لوحاته واحة شكلية مليئة بحركية العناصر، والمفردات التشكيلية المرصوفة داخل مساحات كل لوحة من لوحاته.

الإنسان رجلاً أو امرأة، شاباً أو هرماً، هي عناصر رئيسة ومسكونة في كثير من لوحاته التصويرية الملونة، يصوغها في أشكال تعبيرية متنوعة، فرادى وثنائيات ومجموعات، تُخفي في ظلال ملامحها وخلفياتها الرمزية مواضيع شتى، تُقربنا من مدارات الحزن الفلسطيني، المتواري في كل خط ولون ومساحة تصويرية، وتقص دروب المعاناة بأوصاف شكلية حافلة بالخصوصية والتفرد الشكلي، وتصبغ ملوناته وعجينته التقنية بمسارات ذلك الحزن الفلسطيني الدفين.

تقنياً تعامل الفنان مع دائرة الرؤى البصرية المتعددة، المفتوحة على التنوع، وتلامس روح الحداثة التشكيلية بمواضيع متنوعة، وحساسية تعبيرية لا تحدها حدود شكلية مدرسية تقليدية، بل هي مكشوفة على عناصر ومفردات وعناصر متنوعة أيضاً، مُدرجة في كتل لونية متجانسة مؤتلفة من جماع حسبة لونية واحدة، فيها نوعاً من التناسق والتماثل والموائمة الشكلية، والكثافة التقنية لتراكم الملونات، وكأنك تجوب في بعضها محطة مُختارة من زمن تاريخي غابر، لمستحثات راودت جدار الزمن المتعاقب، تعتمد على التوافق اللوني تارة، وتناقض الحدة اللونية تارة أخرى، وتُدخلك في مجرة الأسطورة، أسطورة الفنان السردية.


تجريديته لا تنفصل عن تعبيريته السردية، تحمل سمات موصوفة التقني من حركية الملونات ودسامتها، ورصفها في سياق مشاهد بصرية لا إنسانية وتشخيصية، مكتفية بعراك التقنية ومفاعيل البحث والتجريب، تعتمد المساحات اللونية الممتدة والمتداخلة، وفق تدريجات متوافقة ومتعارضة في ذات الوقت، ترنو رسم مفاعيل واحة وصفية فيها مُقاربات شكلية لفنون الحداثة الغربية.

__________________

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.