جميل ملاعب: “زوربا” اللبناني

عارف الريّس آخر شيء يخطر في بالي أن أحكي عنه بعد موته. كان يعني لي الأستاذ والفنان والأب والمربي والصديق الدائم.

رافقني في خطواتي الأولى الفنية كصديق لي وللوالد من قبلي، كنا مشروع عائلة وأخوة حقيقية منذ ثلاثين سنة مع الوالد.
عارف الريّس اسم لا يمكن أن يحكي عن الفن التشكيلي إلا ويكون هو الأول أو في المقدمة كإنسان وفنان مغامر، وكرسام يكسر الأعراف والتقاليد الفنية ويبنيها.
هو شخص نادر كجسد وكلمة وكمحترف لبق: “زوربا” اللبناني وفيه الإنسان الذي يحاول أن يكشف الغوامض التافهة في الإنسان ويعريها ويفضح الباطنية المتعفنة في الإنسان والموجود في بيئتنا، التي تخفي جمالياتها أحياناً والقشور.
كان عارف في كل هذا يرسم الغموض بعنف.
وكان إنساناً فناناً سياسياً مناضلاً وشاعراً.
عارف الريّس عانى ما عانى من الحرب ومن موت أقرب الناس إليه، حاصرته المآسي وكان يفتح دائماً نوافذ على عتمة البيئة وعتمة المصير وعتمة الأوضاع القاسية.
كان دائماً عنده إيمان، إنه يستطيع أن يذوب بسهولة وراء الحجاب. كان عنده حس قوي. كأن الموت غفوة. كأنه بات في لمسات الطباشير، في عروق الحجر، في مادة مستمدة عبر يده وجسمه وعينه إلى زمن لا ينتهي.

***

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.