الأربعاء
يوم الأربعاء في حمص… عيد فولكلوري بلا طقوس !
الأربعاء
النكتة شكل من أشكال الفكاهة التي تعتمد على الكلمة المقروءة أو المسموعة في السخرية من واقع غير مرغوب فيه بالنسبة للشخصية الواعية وبشكل يجنب راويها الحرج وتبعات الحياة الجدية، وهي لون من ألوان الإبداع الشعبي الجماعي غالباً ما يتم ابتكارها في جلسة سمر شعبية أوفي موقف طريف.
وتقوم النكتة والفكاهة في جو الهزائم والنكسات بدور ايجابي فتكشف العيوب والأخطاء كما تقوم بدور سلبي فيهرب الإنسان من خلالها من واقعه الحرج ويتخلص من حالات القلق النفسي والخوف ويندفع بواسطتها إلى التعالي على واقعه المرفوض كما يشير علماء النفس والمجتمع.
ومدينة حمص السورية هي إحدى المدن التي ارتبطت منذ مئات السنين بالنكتة وروح الدعابة ارتباطاًوثيقاً فما إن تُذكر هذه المدينة حتى يذكر “يوم الأربعاء” أو ما يسميه البعض بـ (يوم الجذبة الحمصية) الذي يحتل مكانة خاصة في التراث الفلكلوري الشفاهي وفي المرويات الشعبية التي تجعل منه يوماً غير عادي ولكنه عيد هادىء بلا طقوس. وما إن يستقبل أبناء المدن الأخرى أو المجاورة لسوريا حمصياً حتى يبادرونه بالسؤال عن آخر نكتة حمصية..
والحمصي ابن نكتة يطلقها حتى على نفسه ليتغلب بها على مشاق الحياة وأعبائها الثقيلة تأكيداً للقول المأثور (إن شر البلية ما يضحك)
فما هي قصة حمص مع يوم الأربعاء الذي تشتد فيه خفة الظل الحمصية وتزداد فيه درجة الجدبة التي ينسبها الحمصيون إلى مراتب الصوفية، إلى الحد الذي دفع أحد المولعين بالانترنت إلى تخصيص ركن
خاص ليوم الأربعاء وللنكات والطرائف التي تُنسج حول الحمصيين فيه، وأغلب الظن أن ذلك الشخص ” حمصي” أو يمت لهذه المدينة بصلة لأن الحماصنة فيما يبدو يستعذبون إطلاق النوادر والنكات على أنفسهم لإزالة الحواجز النفسية مع الآخرين.
ويلاحظ أن هناك شبه إجماع من المؤرخين على ما وصفوا به أهل #حمص وقد يكون أحدهم نقل عن الآخر كما هي عادة القدماء منهم ولكن ما يدعو للغرابة هو الرأي بحد ذاته، وقد أشار المؤرخ المعاصر أحمد وصفي زكريا في كتابه (جولة أثرية في بعض البلاد الشامية) إلى هذا التحامل من المؤرخين القدامى قائلاً:
(… إن أهل حمص كما أعرفهم لا يختلفون في الفطانة والنباهة عن بقية الشاميين وحمص كانت وما برحت تنجب من الشعراء والفضلاء عدداً غير يسير.. ووددت أن أصل إلى السبب الذي حدا بهؤلاء المؤرخين الجغرافيين وغيرهم لترديد هذه الوصمة التي وصلت ذيولها إلى عهدنا، ومما
شغل بالي أيضا ً خرافة أن حمص مطلسمة وأن العقارب والحيايا لا تلسع (١) فيها وان لتربتها خاصية تشفي من لسع العقرب وتمنع دخولها..)
مقطتف من كتاب عادات ومعتقدات من حمص . خالد عواد الأحمد
(١) جولة أثرية في بعض البلاد الشامية، أحمد وصفي زكريا، دار الفكر، دمشق ط٢
١٩٨٤م ص ١٨٧.
قصة_حمص

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.