تعريف عمق الميدان Depth of Field و العوامل التي تؤثر عليه و كيف تتحكم به

الكثير من الناس تندفع لشراء أحدث الكاميرات و أفضلها و أغلاها ثمناً طمعاً وراء صور تحمل ذلك الطابع الحالم الجميل المرتبط بصور لها عمق ميدان ضحل نسبياً.
هذه المرة سنشرح بشكل مبسط عمق الميدان و كيف يتأثر بعدة عوامل لا تمثل فيها الكاميرا سوى أحدها !


التعريف :
يعد عمق الميدان – DOF اختصاراً – هو مدى المسافة داخل الصورة حيث تبدو الأجسام بشكل واضح بقدر كاف لتعتبرها العين داخل مجال التركيز أو ما يمكننا أن نعتبره ( واضحاً بما يكفي لتعرف تفاصيله و إن لم تكن ظاهرة بما يكفي ). فالعدسة – أي عدسة – يمكنها أن تركز على نقطة واحدة على بعد معين عنها ، و تغير عمق الميدان يؤثر في تغير المسافة أمام و خلف تلك النقطة التي نعتبرها بأعيننا واضحة بما يكفي بالصورة أو بمصطلح علمي ( داخل نطاق التركيز ) في الصورة .

طرق التحكم بعمق الميدان DOF و هي :

– قيمة Aperture

تقول القاعدة العامة أنه و بفرض ثبات البعد البؤري فإن فتحة عدسة أصغر (أضيق) تؤدي لعمق ميدان أكبر.
قيمة Aperture واسعة يقصد بها أرقام أصغر مثل F/2.8 و F/4 ، بينما ترمز الأرقام الأكبر لفتحات أصغر. لذلك السبب فإن فتحة عدسة مثل F/4 تعطي عمق ميدان ضحل للغاية بالمقارنة مع F/16 بفرض ثبات جميع العوامل الأخرى.

– نقطة التركيز
مدى عمق الميدان يعتمد على نقطة التركيز.
تقول القاعدة العامة بهذا المجال إلى أن التركيز على مسافة أبعد يؤدي لعمق ميدان أكبر من التركيز على هدف قريب نسبياً. لكن كلما ازداد بعد نقطة التركيز تختلف نسبة المسافة الظاهرة ضمن نطاق التركيز أمام و خلف نقطة التركيز . في العادة تتساوى تلك المسافة في حالة تصوير هدف قريب من عدسة الكاميرا ، و ذلك واضح لحد كبير في الصور السابقة للزهرة حيث تم تقريب الكاميرا من الزهرة لحد كبير .

لكن كلما زاد بعد نقطة التركيز يصبح الجزء البادي ضمن نطاق التركيز وراء نقطة التركيز أكبر بكثير من الجزء الذي يبدو ضمن نطاق التركيز أمام نقطة التركيز ذاتها.

-العدسة
يقال أن عمق الميدان للعدسة ذات البعد البؤري الأقل يفوق البعد البؤري لعدسة ببعد بؤري أكبر و هذا صحيح بدرجة كبيرة .
لكن في حقيقة الأمر ، هذا يعود في نظر البعض لاختلاف ( معامل التكبير). كما سبق التوضيح في مقال سابق ، بفرض أن صورتين لجسم يحتل نفس النسبة من مساحة الصورة تم التقاطها بعدستين لكل منهما بعد بؤري مختلف ، فيجب علينا أن نجعل العدسة الأعرض زاوية أقرب من الهدف لتجنب أن يبدو الجسم في الصورة أصغر مما هو عليه في صورة العدسة الأخرى. و لو فرضنا أن الصورتين لهما نفس المقاس ، فالمساحة وراء الهدف الذي تم تصويره ( بفرض أنه وحده ضمن نطاق التركيز ) ستظهر بشكل مختلف كما هو واضح بالصورة أدناه.

أهم سبب أدى للنتيجة السابقة هو أن العدسة الأعرض زاوية تتمتعبزاوية رؤية أعرض.

نتيجة لذلك، يبدو لنا أن العدسة الأعرض تعطينا خلفية بتفاصيل أكثر حدة لأن الأجسام بها تبدو أصغر. فلو افترضنا أن حدة التفاصيل متطابقة بالنسبة للهدف الرئيسي في الصورة لن تختلف النتيجة و ستبدو الخلفية أكثر حدة و قوة بالتفاصيل في حالة العدسة العريضة الزاوية لأنها لم تصل لنفس درجة التكبير.

وعليه ، فرغم الفروقات المتوقعة بين العدسات ، إلا أن الفرق الواقعي في مدى حدة التفاصيل بين مساحتين متطابقتين قد لا يبدو ظاهراً للعين المجردة.

عوامل أخرى تؤثر في عمق الميدان:
نوع الكاميرا يؤثر بهذه النقطة أيضاً ، أو بمعنى أدق مقاس مستشعر الكاميرا. فكاميرا ذات مستشعر ضئيل الحجم مثل المتوفر في كاميرات الهواتف النقالة مثلا أو أكثر الكاميرات الرخيصة يوفر عمق ميدان أكبر مما توفره كاميرا تملك مستشعراً بمقاس APS-C أو مقاس 35 مم ( فل فريم ) . وهذا و إن كانت له فوائده ، إلا أنه يحرم المصور القدرة على تحقيق عمق ميدان ضحل و حرية التحكم بمقدار عمق المديان ، و هذه هي أحد المزايا الأساسية التي تتوفر بكاميرا لها مستشعر أكبر .

إذن هل على المصور إن أراد الحصول على تفاصيل حادة بقدر الإمكان أن يستخدم أصغر فتحة عدسة ممكنة ؟
للأسف الأمر ليس بهذه البساطة و لهذا أسباب منها :

أولاً: ذلك يصنع تأثيراً خاصاً لا يظهر إلا عند فتحات عدسة ضيقة للغاية يسمى التشتت Diffraction أو انحراف الضوء و هو نتيجة للطبيعة الموجية للضوء ( إن كنت تكره الشرح الفيزيائي انتقل للنقطة التالية)
هذا التشتت الذي تتسبب به طبيعة الضوء الموجية و كيف يتغير سلوك الضوء عند مروره بفتحة العدسة أو مروره على حافة الهدف . عندما تصل قيمة aperture لحد معين سيغلب تأثير التشتت تأثير زيادة عمق الميدان الناتجة عن تقليل قيمة Aperture مما يتسبب في خسارة الصورة لحدة تفاصيلها. لمعاينة تأثير التشتت باستخدام عدسة عالية الجودة يمكنكم زيارة الرابط التالي الذي يوضح ذلك :وضوح العدسة وانحراف الضوء

ثانياً: استخدام فتحات ضيقة يعني ضوءاً أقل مما يعني الحاجة لمزيد من الوقت لجمع الضوء الكافي لتحمل الصورة كمية كافية من الضوء. قد لا تكون هذه مشكلة عند تثبيت الكاميرا على قاعدة لتثبيتها ، لكن يفضل الاكتفاء بالتفاصيل التي يمكن الحصول عليها من قيمة Aperture أقل بحيث لا يسود تأثير التشتت الموقف مؤدياً لضعف تفاصيل الصورة.

عمق التركيز Depth of Focus
عمق التركيز و عمق الميدان مصطلحات مختلفان و يجب التمييز بينهما.

إن عمق الميدان كما سبق الشرح ، يمثل المنطقة التي تحيط بالجسم الواقع ضمن نقطة التركيز أماماً و خلفاً.
بينما عمق التركيز هو مقياس لمدى البعد الذي يمكننا إبعاد المستشعر به عن نقطة التركيز المرغوبة مع الحفاظ على صورة ذات تفاصيل حادة وواضحة لحد مقبول.

للحديث عن عمق الميدان بقية لكن هنا تحدثنا عن الأساسيات فقط.

المراجع :
مقال في مجلة What Digital Camera للكاتب غولووكزينسكي

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.