ناديا غضبان القادري

الفنانة التشكيلية الفلسطينية “ناديا غضبان قادري” من مواليد قرية أبو سنان قضاء مدينة عكا الفلسطينية في الجليل الغربي، تخرجت في كلية الفنون الجميلة “أورانيم” في طبعون، عملَت بعد تخرجها في تدريس الفنون التشكيلية لطلاب المرحلة الابتدائية في منطقة مولدها، صممت وأشرفت على مجموعة من الدورات الفنية المتخصصة الخاصة بالطفولة، وتُعد من مؤسسي رابطة الفنانين التشكيلين العرب”إبداع” داخل فلسطين المحتلة عام 1948 والتي تُعرف باسم منطقة الحزام الأخضر. إضافة لكونها رسامة فهي تمارس هواية العزف التقني الخزفي في مستوياته النحتية اليدوية البسيطة، وتمتلك طاقة ثقافية جيدة وتُسْهم في غير ما فعالية ثقافية ونشاط فني تشكيلي، حيث أقامت العديد من المعارض الفردية والإسهامات الجماعية داخل فلسطين المحتلة وخارجها.

لوحاتها التصويرية مُنحازة لخيارها الأنثوي، وتعبيريَّتِها العفوية، وسذاجة شكلية متوالدة داخل النصوص، وتميل الفنانة في منجزها التشكيلي إلى الملامح التراثية التي تستعيرها من جَعبة الفنون اليدوية التطبيقية، والمطرزات الفلسطينية خصوصاً، وإن كانت تأخذ حيزاً من الخصوصية والبساطة الشكلية التي تُقربها خطوة من عالم الطفولة، التي تمنحها قدراً من الحرية والحركة والانتقاء لرموزها وأشكالها، وتقديم بيانها السردي بوصفها موضوعات مستقلة بذاتها التعبيرية، الطافحة بزهو اللون وتجلياته داخل أسوار لوحاتها.

الطبيعة الفلسطينية الخلوية بكل جمالياتها موجودة في لوحاتها، جماليات مُختزلة من خلال تخيرها لعناصر ومفردات شكلية مُستعارة من واحة الورود والأزهار وأوراق الشجر وسنابل القمح، ترصفها بنزق لوني ملحوظ في مصالحة شكلية ندية الملامح الشكلية التي تُفصح عن تباينات الملونات المدرجة والمتناثرة فوق سطوح اللوحات. فيها حسبة هندسية عفوية تارة، وتناظرٌ شكليٌّ مقصودٌ في كثير من الأحوال، ألوانها منفلتة من عقال الرتابة اللونية، وتجعل من ريش ملوناتها حُرَّةً طليقة في وضع التراكمات اللونية والطبقات المتشابكة والمشهودة على سطوح الخامات، وتغدو غير مرتبة ومرتبكة بعض الشيء، وتستحضر عوالم طفولتها العابرة بشكل أو بآخر، أو تسمح لعفوية الاشتغال التقني أنْ يأخذ مداه في نسْج تفاصيل اللوحات.

شخوصها الموصوفة في لوحاتها تحمل سمات الرسم التعبيري الرمزي طفليِّ المنشأ والتوجه الشكلي، وقد يكون السبب في ذلك إلى علاقاتها الحميمة والمتفاعلة مع طلابها المتعلمين والمتدربين من صغار السن، الذين وجدت فيهم وفي أعمالهم أيضاً واحة مريحة لاستعارة مشروعة لتفاصيل بصرية. وتأخذ في توصيف نسوتها الشكلية ذات الأوصاف المستعارة أيضاً من معين ذاكرة المكان الفلسطيني الذي تعيش فيه بتقاليده وتراثه وأزيائه، ولا تفصل في لوحاتها ما بين الطبيعة الخلوية النباتية والهيئات الشكلية للنسوة الفلسطينيات في نسج مجموعة من العلاقات الشكليَّة والحسيّة المنسجمة والمتآلفة ما بين الطبيعة والإنسان. وتغدو في لوحاتها في حلة شكلية متلاحمة العناصر ومكونات الزخرفة النباتية والهندسية والآدمية.

لوحاتها تنتمي إلى العفوية التصويرية والتعبيرية التجريدية المسطحة ذات بُعْدَي الطول والعرض، وتخلو من البعد الثالث المنظور، وتفضي إلى عالم رمزي تارة، وطفلي في نهاية المطاف. ألوانها فيها مكتسية ملونات الطبيعة الفلسطينية بجبالها وسهولها وأنهارها وبحرها وسمائها الصافية، تجمع مجموعة من دائرة الألوان الرئيسة وتدريجاتها المشتقة في لحمة لونية واحدة متداعية داخل نصوصها الشكلية الموصوفة، وتدل ملامح اللوحات إلى طريقتها في التعبير والتوصيل.

أما النحت الطيني لديها فموصول بفنون الخزف الفطري، ومنحاز للفنون اليدوية التطبيقية، والتي تجد فيه متعة فنية مُضافة، ومجالاً رحباً لتوليف نصوصٍ شكلية معبرة عن ذاتها الفنية وخياراتها التقنية، ومحاولاتها المشروعة في دخول مساحة التنوع في المحتوى الشكلي والمواضيع والتقنيات. وتكتفي بالأنماط التقليدية ذات المحسوس العفوي والبدائي أيضاً، مواضيعها متواضعة في شكلها واشتغالها التقني مؤتلفة من فخارة هنا وأصيص هناك، جميعها تدور في واحة التجريب والمحاولة، وفي نهاية المطاف تشدو بما يُمكنها من تحقيق المتعة الشخصية وقابلية الإنتاج والتعبير عن خلجات النفس والهوى الشكلي السابحة في دائرة لعبة الوجود والح

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.